موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


بناء ابن الزبير الكعبة و سببه

روينا من حديث الأزرقي، قال: حدثني جدي أحمد بن محمد، عن سليم بن مسلم، عن أبي جريج، قال: سمعت غير واحد من أهل العلم ممن حضر ابن الزبير حين هدم الكعبة وبناها، قالوا: لما أبطأ عبد الله بن الزبير عن بيعة يزيد بن معاوية، وتخلّف وخشي منه، لحق بمكة ليمتنع بالحرم، وجمع مواليه، وجعل يظهر عيب يزيد بن معاوية، ويذكر أنه ل يصلح للخلافة لما هو عليه من الفسوق، ويثبّط الناس عنه، ويجمع الناس إليه، فيقوم فيهم بين الأنام، فيذكر مساوئ بني أمية، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فيهم ما رويناه أنهم من أشرّ الملوك. فبلغ يزيد بن معاوية، فأقسم أن لا يؤتى به إلا مغلولا، وأرسل إليه رجلا من أهل الشام في خيل، فعظم على ابن الزبير الفتنة، وقال له الرجل: لا تستحل الحرم بسببك، فإنه غير تاركك، ولا تقوى عليه، و قد لجّ في أمرك، وأقسم أن لا يؤتى بك إلا مغلولا، وقد عمل لك غلا من فضة، وتلبس فوقه ثيابك، وتبرّ قسم أمير المؤمنين، فالصلح خير عاقبة، وأجمل بك وبه.

فقال: دعوني أياما حتى أنظر في أمري، فشاور أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق في ذلك، فأبت عليه أن يذهب مغلولا، وقالت: يا بنيّ، عش كريما، ومت كريما، ولا تمكّن بني أمية من نفسك، فتلعب بك، فالموت أحسن بك من هذا، فأبى أن يذهب إليه في غلّ، وامتنع في مواليه ومن يألف إليه من أهل مكة وغيرهم، فكان يقال لهم الزبيرية.

فبينما يزيد على بعثه الجيوش إليه، إذ أتى يزيد خبر المدينة بما فعل أهلها بعماله، ومن كان بالمدينة من بني أمية، وإخراجهم إياهم منها إلا ما كان من ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فجهّز إليهم مسلم بن عقبة المزني في أهل الشام، وأمره بقتال أهل المدينة، فإذا فرغ من ذلك سار إلى ابن الزبير بمكة، وكان مسلم مريضا، في بطنه الماء الأصفر، فقال له يزيد: إن حدث بك حدث الموت، فولّ الحصين بن نمير الكندي على جيشك، فسار حتى قدم المدينة، فقاتلوه، فظفر بهم ودخلها، وقتل من قتل منهم، و أسرف في القتل، فسمي بذلك مسرفا، وانتهب المدينة ثلاثة أيام، ثم سار إلى مكة، فلما كان في

بعض الطريق حضرته الوفاة، فدعا الحصين بن نمير فقال: يا برذعة الحمار، لو لا أني أكره أن أتزوّد عند الموت معصية أمير المؤمنين ما ولّيتك، انظر إذا قدمت مكة فاحذر أن تمكن قريشا من أذنك فتبول فيها، لا يكون إلا الوقاف، ثم التفاف، ثم انصراف، فتوفي مسلم، ومضى الحصين بن نمير إلى مكة، فقاتل بها الزبير أياما، وجمع ابن الزبير مواليه، فتحصن بهم في المسجد الحرام حول الكعبة، وضرب أصحاب ابن الزبير في المسجد الحرام خياما زقاقا يكتنون فيها من حجارة المنجنيق، ويستظلون فيها من الشمس، و كان الحصين بن نمير قد نصب لهم المنجنيق على أبي قبيس، وعلى الأحمر، وهما أخشب مكة، فكان يرميهم بها فتصيب الحجارة الكعبة حتى تخرقت كسوتها عليها، فصارت كأنه جيوب النساء.

فوهن الرمي بالمنجنيق الكعبة، فذهب رجل من أصحاب ابن الزبير ليوقد نارا في بعض تلك الخيام، مما يلي الصفا بين الركن اليماني، والمسجد الحرام يومئذ ضيّق صغير، فطارت شرارة في الخيمة فاحترقت. وكانت في ذلك اليوم ريح شديدة، والكعبة يومئذ مبنية بناء قريش: مدماك من ساج ومدماك من حجارة من أسفلها إلى أعلاها، فأطارت الريح لهب تلك النار فأحرقت كسوة الكعبة، فاحترق الساج الذي بين البناء. وكان احتراقها يوم السبت ثالث شهر ربيع الأول قبل أن يأتي نعي يزيد بن معاوية بسبعة وعشرين يوما، و جاء نعيه في هلال شهر ربيع الآخر ليلة الثلاثاء سنة أربع وستين. وكانت خلافته ثلاث سنين وسبعة أشهر.

فلم احترقت الكعبة، واحترق الركن الأسود وتصدّع، كان ابن الزبير بعد ربطه بالفضة ضعفت جدران الكعبة، حتى إنه ليقع الحمام عليها فتتناثر حجارتها، ففزع لذلك أهل مكة و الشام جميعا. والحصين بن نمير مقيم يحاصر ابن الزبير، فأرسل ابن الزبير رجال من قريش وغيرهم، فيهم عبد الله بن خالد، ورجالا من بني أمية إلى الحصين، فكلموه و عظموا عليه ما أصاب الكعبة، وقالوا: إن ذلك كان منكم، رميتموها بالنفط.

فأنكرو ذلك، وقالوا: قد توفي يزيد، فعلى ما ذا تقاتل؟ ارجع إلى الشام حتى تنظر ما ذ يجمع عليه أمر صاحبك، يعنون معاوية بن يزيد، وهل يجتمع الناس عليه؟ فلم يزالوا به حتى لان لهم. وقال له خالد بن عبد الله بن أسد: تراك تتهمني في يزيد حتى رجع إلى الشام.

فلم أدبر جيش الحصين بن نمير، وكان خروجه من مكة لخمس ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين، دعا ابن الزبير وجوه الناس وأشرافهم، فشاورهم في هدم

الكعبة، فأشار عليه ناس غير كثير بهدمها. وقال عبد الله بن عباس: دعها على ما أقرّه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أخشى أن يأتي بعدك من يهدمها، فل تزال تهدم وتبنى، ويتهاون بحرمتها، ولكن ارقعها. فقال ابن الزبير: ما يرضى أحدكم أن يرقع بيت أبيه وأمه، فكيف أرقع بيت الله وأنا أنظر إليه على ما ترون من الوهن؟ وكان ممن أشار بهدمها: جابر بن عبد الله، وعبيد الله بن عمير، وعبد الله بن صفوان بن أمية.

ثم أجمع ابن الزبير رأيه على هدمها، وكان يحب أن يكون هو الذي يردّها على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، على قواعد إبراهيم، وعلى ما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة. وأراد أن يبنيها بالورس، ويرسل إلى اليمن في ورس يشترى له، فقيل له: إن الورس يذهب، لكن ابنها بالفضة. فأرسل إلى صنعاء بأربعمائة دينار ليشترى له فضة ويكترى عليها. ثم سأل رجلا من أهل مكة: من أين أخذت قريش حجارتها؟ فأخبروه، فنقل من الحجارة قدر ما يحتاج إليه.

فلم أراد هدمها خرج أهل مكة إلى منى، فأقاموا بها ثلاثا فرقا، من أن ينزل عليهم عذاب لهدمها، فأمر ابن الزبير بهدمها، فما اجترأ على ذلك أحد. فلما رأى ذلك علاها هو بنفسه، وأخذ المعول وجعل يهدمها ويرمي بحجارتها. فلما رأوا أنه لم يصبه شيء، اجترءوا فصعدوا وهدموها. وأرقى ابن الزبير فوقها عبيدا من الحبش يهدمونها، رجاء أن يكون فيهم صفة الحبشي الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبش.

وقال مجاهد: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: كأني به أصيلع أفيدع قام عليه يهدمها بمسحاته. قال مجاهد: فلما هدم ابن الزبير الكعبة، جئت أنظر الصفة التي قال عبد الله بن عمرو، فلم أرها. فهدموا وأعانهم الناس حتى ألصقها كلها بالأرض من جوانبها. وكان هدمها يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة أربع وستين.

ولم يقرب ابن عباس مكة حتى هدمت الكعبة حتى فرغ منها. وأرسل إلى ابن الزبير:

لا تدع الناس بلا قبلة، انصب لهم حول الكعبة الخشب، واجعل عليها السور حتى يطوف الناس من ورائها ويصلّوا إليها، ففعل ذلك ابن الزبير، وقال ابن الزبير: أشهد لسمعت عائشة تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قومك استقصروا في بناء البيت، و عجزت بهم النفقة فتركوا في الحجر منها أذرعا، ولو حداثة قومك بالكفر لهدمت الكعبة، وأعدت ما تركوا منها، وجعلت لها بابين موضوعين: بابا شرقيا يدخل فيه منه الناس، وبابا غربيا يخرج منه الناس، وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟» ، قالت: قلت: لا. قال: «تعزّزا لئلا

يدخله إلا من أرادوا، فكان الرجل إذا كرهوا أن يدخلها يدعونه يرتقي حتى إذا كاد أن يدخلها دفعوه فسقط، فإن بدا لقومك هدمها فهلمي أريك ما تركوا في الحجر منها» ، فأراها قريبا من سبعة أذرع.

فلم هدّم ابن الزبير الكعبة وساواها في الأرض، كشف عن أساس إبراهيم، فوجده داخلا في الحجر نحوا من ستة أذرع وشبر، كأنها أعناق الإبل، أخذ بعضها ببعض، تحرّك الحجر من القواعد، فتحرّك الأركان كلها.

فدعا ابن الزبير خمسين رجلا من وجوه الناس وأشرافهم، فأشهدهم على ذلك الأساس، فأدخل رجل من القوم كان يقال له عبد الله بن قطيع عتلة كانت في يده في ركن من أركان البيت، فتزعزعت الأركان كلها جميعا.

ويقال إن مكة رجفت رجفة شديدة حين زعزع الأساس، وخاف الناس خوفا شديدا حتى ندم كل من أشار على ابن الزبير بهدمها، وأعظموا ذلك إعظاما شديدا، وسقط في أيديهم.

فقال لهم ابن الزبير: اشهدوا، ثم وضع البناء على ذلك الأساس، ووضع حذاء الباب، باب الكعبة، على مدماك على الشاذروان اللاصق بالأرض، وجعل الباب الآخر بإزائه في ظهر الكعبة مقابله، وجعل عتبته على الأخضر الطويل الذي في الشاذروان الذي في ظهر الكعبة قريبا من الركن اليماني، وكان البنّاءون يبنون من وراء الستر، والناس يطوفون من خارج.

فلم ارتفع البنيان إلى موضع الركن، وكان ابن الزبير حين هدم الكعبة جعل الركن في ديباج، وأدخله في تابوت، وأقفل عليه، ووضعه عنده في دار الندوة، وعمد إلى م كان في الكعبة من جليل، ووضعه في خزانة الكعبة في دار شيبة بن عثمان، فلما بلغ البنيان موضع الركن اليماني، أمر ابن الزبير بموضعه، فنقر في حجرين: حجر من المدماك الذي تحته، وحجر من المدماك الذي فوقه، بقدر الركن، وطوّق فوقه بينهما، فلما فرغوا منه أمر ابن الزبير ابنه عبّاد بن عبد الله بن الزبير، وجبير بن شيبة بن عثمان، أن يجعلوا الركن في ثوب، وقال لهم ابن الزبير: إذا دخلت في صلاة الظهر فحملوه واجعلوه في موضعه، فأنا أطوّل الصلاة، فإذا فرغتم فكبّروا حتى أخفف صلاتي، و كان ذلك في جرّ الشمس.

فلم أقيمت الصلاة كبّر ابن الزبير وصلى بهم ركعتين، فخرج عبّاد بالركن من دار الندوة و هو يحمله ومعه جبير بن شيبة بن عثمان، ودار الندوة يومئذ قريب من الكعبة، فخرقا به الصفوف حتى أدخلاه في الستر الذي دون البناء، فكان الذي وضعه في موضعه

هذ عبّاد بن عبد الله، وأعانه عليه جبير بن شيبة، فلما أقروه في موضعه، وطوّق عليه الحجر، كبّروا، فأخف بهم ابن الزبير صلاته، وتسامع الناس بذلك، وغضب فيه رجال من قرش، حيث لم يحضرهم ابن الزبير في ذلك، وقالوا: والله لقد رفع في الجاهلية حين بنته قريش، فحكموا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعله في ردائه.

ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل قبيلة من قريش رجلا، فأخذوا بأركان الثوب، ثم وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضعه، وكان الركن قد تصدع من الحريق ثلاث فرق، وانشظّت منه شظية كانت عند بعض آل بني شيبة بعد ذلك بدهر طويل، فشدّه ابن الزبير بالفضة إلى تلك الشظية من أعلاه، موضعها بأعلى الركن، ولما بلغ ابن الزبير بالبناء ثمانية عشر ذراعا قصرت بحال الزيادة التي زاد من الحجر فيها، و استمسح ذلك، وصارت عريضة لا طول لها، فقال: قد كانت قبل قريش تسعة أذرع حتى زادت قريش تسعة أذرع أخرى طولا في السماء، فأنا أزيد فيها تسعة أذرع أخرى، فبناها سبع و عشرين ذراعا، فيها ثلاث دعائم، فأرسل ابن الزبير إلى صنعاء فأتى من رخام به يقال إنها الأبلق، فجعله في الروازن التي في سقفها للضوء، وجعل الباب مصراعين.

وكان في بناء قريش مصراعا واحدا وجعل ميزابها في الحجر، فلما فرغ منها خلّقها من داخلها و خارجها، من أعلاها إلى أسفلها، وكساها القباطيّ، وقال: من كانت عليه طاعة فليخرج فليعتمر من النعيم، ومن قدر أن ينحر بدنة فليفعل، ومن لم يقدر فليذبح شاة، فمن لم يقدر فليتصدّق بقدر طوله، وخرج ماشيا، وخرج الناس معه مشاة حتى اعتمر من التنعيم شكرا لله.

ولم ير يوما كان أكثر عتيقا ولا أكثر بدنة منحورة، ولا شاة مذبوحة، ولا صدقة من ذلك اليوم. ونحر ابن الزبير مائة بدنة، فهذه هي العمرة التي يعتمرها الناس اليوم في السابع والعشرين من رجب التي يسمونها عمرة الأكمه.

وما زال البيت على حاله إلى أن قتل الحجّاج ابن الزبير، فاستأذن الحجاج عبد الملك فيم أحدثه ابن الزبير في البيت، فكتب إليه عبد الملك أن يهدم الجانب الذي يلي الحجر خاصة، ويكبس البيت به، ويغلق الباب الغربي، ويرفع الباب الشرقي إلى حده الأول. ففعل الحجاج ذلك، فبلغ بعد ذلك عبد الملك أن الذي فعله ابن الزبير على حديث عائشة صحيح، حدث به الحارث بن عبد الله بن ربيعة المخزومي أنه سمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عبد الملك: وددت والله أني كنت تركت ابن الزبير وم تحمل من ذلك.

سماع العارف على قول القائل:

هيّجتني إلى الحجون شجون ليلة قد بدا لعيني الحجون

حلّ في القلب ساكنوه محلا من فؤادي يحلّ فيه المكين

كلّ داء له دواء وداء ال‍ حبّ يا صاح داء دفين

ليت شعري عمّن أحبّ يميني عند ذكري كما أكون يكون

الحجون العطف الإلهي على القلوب المتعلقة به المواصلة الأحزان له، قوله: حلّ في القلب، بين به. قوله تعالى: وسعني قلب عبدي المؤمن يطلع على تلك السّعة، ليت إلى قوله كما أكون يكون قوله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ، ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي. وهذا باب واسع في الشريعة.

وسماعن على قول قيس المجنون أيضا:

ألا حبذ نجد وطيب ترابه وأرواحه إن كان نجد على العهد

ألا ليت شعري عن عوارضتي قبا بطول الليالي هل تغيّرتا بعدي

وعن جارتينا بالأثيل إلى الحمى على عهدنا أم لم يدوما على عهد

وعن أقحوان الرمل ما هو صانع إذا ما تراءى ليلة بثرى نجد

يقول: ألا حبّذا المراتب العليا ورفارفها وأرواحها إن كان يناسبها مني ممّن أخذ عليها العهد، فليس نجد الأول هو نجد الثاني وعوارضتي قبا موضع القدمين من الكرسيّ، والقدمين من النفس، هل تغيّرتا بعدي لتغييري؟ فإنها بصفتي تقابلان إل أن يمن فضلا بغير ذلك والجارتان، القوتان بلا شك، والأثيل الأصل الذي مرجعه إليه، والحمى مقام العزة والمنع على عهدنا أم لم يدوما على العهد. إنما هي أعمالكم ترد عليكم، وشغل أقحوان الرمل ما بينه من المعرفة في الشجرة الإنسانية.

وسماعن على قول الشريف الرضيّ:

يا قلب ما أنت من نجد وساكنه خلّقت نجدا وراء المذبح الساري

أهفو إلى الركب تحدو لي ركائبهم من الحمى في أسيحاق وأطمار

تفوح أرواح نجد من ثيابهم عند النزول لقرب العهد بالدار

يا راكبان قفا لي فاقضيا وطري وخبراني عن نجد بأخبار

هل روّضت قاعة الوعساء أم مطرت خميلة الطلح ذات البان والغار

أم هل أبيت ودار عند كاظمة داري وسمّار ذاك الحيّ سمّاري

فلم يزالا إلى أن لم بي نفسي وحدّث الدمع عني دمعي الجاري

السماع في ذلك، يقول لنفسه: أنت من عالم الخليقة ونزلت إلى عالم الشهوة والطبع، لكني أهفو إلى العلا بما فيّ من أصالته فيما بقي عليّ من أطمار ما كان كساني ذلك المجد عند الإشهار. قال: تفوح أرواح العلا في أخلاقهم عند التنزّلات لقرب مشاهدة المنزل الذي يجمعهم. والراكبان خاطران علويان مرّا به على حاله، فسألهما الخبر عن المقام العالي الأنزه: هل روّضت قاعة الطبيعة؟ وهل نزلت غيوث الحياة لساحتها؟ فأنبتت م يؤدي إلى البينونة من الكون والغيرة من ظهور الغير هنالك، فأثبت له الحق الخاطر، أن يكرمه على ما أخبر، إلى أن نزل عليه روحه الخاص به الذي كني عنه بالنفس، فعقل عنهما ما جاء به وأودعهما حديثه بلسان الحال من جري الدموع على مفارقة الأوطان و الربوع.

قوله: أم هل أبيت، أي سترى عن ظلام الغيب، ودار عند كل كاظمة من كظم غيظه خلقا جميلا، و سمّار ذاك الحي سماري، بالترداد بيني وبينهم بما يكون فيه علو مقامي وارتفاع شأني.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!