موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


خبر نبوي بعمل غبطة

حدثن أبو عبد الله محمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن عبد الكريم التميمي الفاسي بمدينة فاس، قال: أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود الأنصاري البوصيري، قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن بركات بن هلال السعدي النحوي، قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي القضاعي، قال: أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي، حدثنا عبيد بن شريك البزاز، حدثن داود بن أبي أياد، حدثنا إسماعيل بن عباس، عن المطعم بن مقداد، وعنبسة بن سعيد بن غيثم الكلاعي، عن فصيح العبسي، عن ركب المصري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «طوبى لمن تواضع في غير منقصة، وذلّ في نفسه من غير مسكنة، وأنفق من مال جمعه في غير معصية، وخالط أهل الفقه والحكمة، ورحم أهل الذلّ والمسكنة.

طوبى لمن طاب كسبه، وصلحت سريرته، وكرمت علانيته، وعزل عن الناس شره. طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله» .

بلغنا أن أبا العباس السفاح لما ولي الخلافة، وصل عبد الله بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم بألفي ألف دينار، وهو أول خليفة وصل بهذه الجملة.

ولم أفضت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور، قتل أبا مسلم الخراساني الذي أقام لهم الدعوة، قتله في شعبان سنة سبع وثلاثين ومائة، وأمر بتوسعة المسجد الحرام سنة تسع و ثلاثين، وحجّ سنة أربع وأربعين، وزار ومضى إلى بيت المقدس، وعاد إلى الهاشمية، وحجّ أيضا سنة أربع وأربعين، وسنة تسع وأربعين.

وخرج عليه الحسن بن الحسن فوجّه إليه عيسى بن موسى، فقتله في رمضان سنة خمس وأربعين. و خرج إبراهيم بن عبد الله بن الحسن إلى الكوفة، فلقيه عيسى بن موسى فقتله في تلك السنة أيضا.

وفي أيامه توفي جعفر بن محمد الصادق سنة ثمان وأربعين. ومات الإمام أبو حنيفة

سنة خمسين ومائة وله سبعون سنة، وكان مولده سنة ثمانين. وقيل: عاش تسعين سنة، و كان مولده سنة ستين.

وأم المهدي فقال: إنه لما حجّ سنة ستين، دخل الكعبة ومعه منصور الحجبي، وهو من حجبة البيت، فقال له المهدي: اذكر حاجتك. فقال: إني أستحي من الله أن أسأل في بيته غيره. فلما خرج أرسل إليه بعشرة آلاف دينار.

وأم هارون الرشيد، فحجّ في خلافته ثمان أو تسع حجج، وغزا ثمان غزوات.

روين أنه وصل إلى مكة في شهر رمضان سنة تسع وتسعين، واعتمر، ومضى إلى المدينة، ثم رجع فحجّ تلك السنة ماشيا، ولم يحجّ خليفة بعده إلى زماننا. غير أني سمعت مستفاض أن خليفتنا الإمام الناصر لدين الله تعالى حجّ متنكرا لا يعلم به أحد، فالله يعلم.

ومات في خلافته مالك بن أنس سنة تسع وسبعين ومائة، وله ست وثمانون سنة، وقيل:

سبعون سنة، وصلى عليه ابن أبي ذؤيب. وماتت أم الرشيد سنة ثلاث وسبعين ومائة.

وكان من بنات هارون الرشيد من تعدّ لنفسها عشرة خلفاء كلهم لها محارم: هارون الرشيد أبوها، الهادي عمها، المهدي جدّها، المنصور جدّ أبيها، السفاح عم جدّها، الأمين والمأمون و المعتصم إخوتها، الواثق والمتوكل ابنا أخيها.

ونكب جعفر بن برمك سنة سبع وثمانين ومائة، وقيل: ثمان وثمانين، وقتل.

وحبس يحيى وابنه الفضل إلى أن ماتا، فمات يحيى سنة تسعين، ومات الفضل سنة ثلاث و تسعين ومائة.

ولم ولّي الأمين وأقام المأمون بخراسان سنتين وأشهرا، أغرى الفضل بن الربيع، على م ذكر بينهما، فنصب الأمين ابنه موسى لولاية العهد بعده، وأخذ له البيعة، ولقبه الناطق بالحق، وذلك في سنة أربع وتسعين ومائة، وجعله في حجر علي بن عيسى. و وجّه علي بن عيسى إلى خراسان، ووجّه المأمون هرثمة بن مرّة على مقدمة طاهر بن الحسين، فقتل علي بن عيسى. ولم تزل الحرب بين الأمين والمأمون سنتين وشهورا، إلى أن نزل طاهر بالأنبار، وهرثمة بالنهروان. ونجا الأمين إلى مدينة أبي جعفر، و خرج ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة، فوقع في أيدي أصحاب طاهر، فأتوا به طاهرا، فقتله ونصب رأسه على الباب الحديد، ثم أنزله وبعث رأسه إلى خراسان، ودفن جثته في بستان مؤنسة. ويقال: إن المأمون لما رأى رأسه بكى و استعبر، وذكر له أياما محمودة وجميلا أسداه إليه في أيام الرشيد.

وأم المأمون فبايع لعلي الرضا بن موسى بن جعفر بولاية عهده، في شهر رمضان

سنة إحدى ومائتين، ولبس الخضرة. فمات علي الرضا سنة ثلاث ومائتين، وادعى إبراهيم بن المهدي لنفسه بالخلافة، وهو عم المأمون، ولقب نفسه المبارك، وبويع له ببغداد، سنة اثنين ومائتين، وأقام أحد عشر شهرا وأياما، ثم كان من أمره م ذكرناه في هذا الكتاب.

وفي سنة أربع ومائتين، دعا المأمون إلى لباس السواد. وفي هذه السنة مات الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه بمصر. وفي سنة اثنتي عشرة أظهر المأمون القول بخلق القرآن.

وأم المتوكل، فحظيّ في دولته أهل الأدب، وظهر علي بن محمد صاحب الزنج في شوال سنة خمس و خمسين ومائتين، وقتل في صفر سنة سبعين ومائتين في خلافة المعتمد.

وكان المعتمد صاحب لذّات، فجعل أخاه طلحة ولي عهده، ولقبه الموفق، وجعل إليه المشرق. و جعل ابنه جعفر ولي عهد ابنه، ولقبه المفوض إلى الله عز وجل، وجعل إليه المغرب. فغلب الموفق على الأمر، وقام به أحسن قيام، ومال الناس إليه، واشتغل بقتال علي بن محمد، صاحب الزنج. وكان المعتمد قد صار يريد مصر في جمادى الآخرة سنة تسع وستين ومائتين، لمكاتبة جرت بينه وبين أحمد بن طولون، فلما بلغ الموفق ذلك وهو في قتال علي بن محمد، أنفذ إسحاق بن كنداج، فردّه المعتمد، وسلمه إلى صاعد بن مخلد، فأنزله دار ابن الخطيب بسرّ من رأى، وحجر عليه. ولقب الموفق إسحاق ذا السيفين، وولاه أعمال ابن طولون. ولقب صاعد بن مخلد ذا الوزارتين. وجمع القضاة والفقهاء بدمشق، فكلهم أفتوا بخلعه، إلا بكار بن قتيبة فحبسه. وأمر الموفق بلعنة ابن طولون على المنابر. ثم مات أحمد بن طولون لعشر خلون من ذي القعدة سنة سبعين ومائتين. ومات ابنه العباس بعده باثنتي عشرة ليلة. وبلغنا أنه أحصي من قتله ابن طولون، ومات بحبسه، فكان مبلغه ثمانية عشر ألفا.

ثم مات الموفق في صفر سنة ثمان وسبعين ومائتين، فردّ المعتمد ولاية العهد إلى ابن الموفق، وهو أحمد المعتمد، وخلع ابنه جعفر. والمعتضد هو الذي أسقط المكوس التي كانت تؤخذ بالحرمين، وتزوج قطر الندى بنت أحمد بن طولون سنة إحدى وثمانين، و أصدقها ألف ألف. وأنفذ الحسين بن عبد الله الجوهري، المعروف بابن الخصاص، فحمله إليه في آخر هذه السنة.

وفي أيام المقتدر بالله بطل الحج سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وأخذ الحجر الأسود،

وذلك أن أبا طاهر سليمان بن الحسن القرمطي دخل مكة يوم التروية، فقتل الحجاج قتلا ذريعا، ورمى القتلى في زمزم، وأخذ الحجر الأسود، وعرّى الكعبة، وقلع بابها. وبقي الحجر الأسود عندهم اثنين وعشرين سنة إلا شهرا، ثم ردّوه لخمس خلون من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، وكان قد بذل لهم في رده خمسون ألف دينار، فما فعلوا، وقالوا: أخذناه بأمر، فلا نرده إلا بأمر. وفي أيامه أيضا استولى عبيد الله المهدي على المغرب، وبنى المهدية بإفريقية في سنة اثنين وثلاثمائة، بعد أن ادعى له بأرض القيروان في شهر ربيع الآخر سنة تسع و تسعين ومائتين، وكان ظهوره لسبع خلون من ذي القعدة سنة ست وتسعين ومائتين، و فيها أخذ الحسين بن منصور الحلاج فقطعت يداه ورجلاه وجز رأسه وأحرق في ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة.

حدثن يونس، حدثنا عبد الوهاب، انا المبارك عبد الجبار، انا أحمد بن علي الثوري، انا عمر بن ثابت، انا علي بن قيس، عن أبي بكر القرشي، عن محمد بن يحيى، سمعت أبا عمر الخطاب يقول: دخل محمد بن واسع على بلال بن أبي بردة في يوم حار، وبلال في حشمه، و عنده الثلج، فقال بلال: يا أبا عبد الله، كيف ترى بيتنا هذا؟ قال: إن بيتك لطيّب، والجنة أطيب منه، وذكر النار يلهي عنه، قال: ما تقول في القدر؟ قال:

جيرانك من أهل القبور، ففكر فيهم، فإن فيهم شغلا عن القدر. قال: ادع لي، قال: وما تصنع بدعائي وعلى بابك كذا وكذا، كلّ يقول: إنك ظلمتهم، يرتفع دعاؤهم قبل دعائي، ل تظلم، ولا تحتاج إلى دعائي.

ومن كلام الحسن البصري: عجبا لقوم أمروا بالزاد، ونودي فيهم بالرحيل، وحبس أولهم عن آخرهم، وهم قعود يلعبون. يا ابن آدم، السكين تحدّ، والتنور يسحر، والكبش يعتلف، كفى بالتجاريب تأديبا، وبتقلب الأيام عظة، وبذكر الموت زاجرا عن المعصية، ذهبت الدنيا بحال أولها، وبقيت الأيام قلائد في الأعناق، إنكم تسوقون الناس، والساعة تسوقكم، وقد أسرع بخياركم، فما ذا تنتظرون المعاينة.

وكان قد حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو الفرح بن علي بن محمد، انا المبارك بن علي الصيرفي، انا علي بن محمد العلاف، انا عبد الملك بن بشران، انا أحمد بن إبراهيم الكندي، انا أبو بكر محمد بن جعفر، حدثنا أبو الفضل الربعي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن الهيثم بن عدي، قال: كانت لفاطمة بنت عبد الملك بن مروان زوجة عمر بن عبد العزيز جارية حسناء، كان عمر يهواها، فطلبها منها لنفسه، وحرص في ذلك، فأبت عليه، و غارت من ذلك، ولم يزل عمر مشغوفا بها. فلما أفضت الخلافة إليه،

طلبت فاطمة زوجته الحظوة عنده بتقريب الجارية إليه، فأمرت بإصلاح شأنها، وأدخلتها عليه في أحسن صورة، وقالت له: يا أمير المؤمنين، إنك كنت بفلانة جاريتي معجبا، وسألتنيها فأبيت ذلك عليك، وأنا اليوم قد طبت نفسا بذلك، فدونكها. فسرّ عمر بقولها، وظهر الفرح في وجهه، وازداد بها عجبا، وفيها صبابة، فقال لها: ألق ثوبك أيتها الجارية.

فلم همت، قال لها: على رسلك، أخبريني لمن كنت ومن أين أنت لفاطمة؟ قالت: كان الحجاج بن يوسف أغرم عاملا كان له من أهل الكوفة مالا، وكنت في رق ذلك العامل، فأخذني و بعثني إلى عبد الملك بن مروان، وأنا يومئذ صبية، فوهبني عبد الملك لابنته فاطمة. فقال: وما فعل ذلك العامل؟ قالت: هلك. قال: وما ترك ولدا؟ قالت: بلى.

قال: و ما حالهم؟ قالت: سيّئ. قال: شدي عليك ثوبك. ثم كتب إلى عبد الحميد عامله أن سرّح إلي فلان ابن فلان على البريد. فلما قدم عليه قال: ارفع إلي جميع ما أغرم الحجاج أباك، فما رفع إليه شيئا إلا دفعه، ثم أمر بالجارية فدفعت إليه، فلما أخذها بيدها، قال: إياك وإياها، فإنك حديث السن، ولعل أباك أن يكون قد وطئها. فقال الغلام: ي أمير المؤمنين، هي لك. قال: لا حاجة لي فيها. قال: فابتعها مني. قال: لست إذا ممن ينهى النفس عن الهوى. فمضى بها الفتى. فقالت له الجارية: فأين وجدك بي يا أمير المؤمنين؟ فقال: على حالها، ولقد ازدادت. فقيل: إنها ما زالت في نفس عمر حتى مات، رحمه الله.

روينا من حديث ابن أبي الدنيا، عن محمد بن الحسن، عن يوسف بن الحكم، عن عبد السلام مولى مسلمة بن عبد الملك، قال: بكى عمر بن عبد العزيز يوما، فبكت لبكائه زوجته فاطمة، فبكى أهل الدار، لا يدري هؤلاء ما أبكى هؤلاء، فلما انجلت عنهم عبراتهم، قالت له فاطمة: يا أمير المؤمنين، ممّ بكيت؟ قال: ذكرت منصرف القوم من بين يدي الله عز و جل، فريق في الجنة، وفريق في السعير. ثم صرخ وغشي عليه.

بلغني عن عطاء أنه قال: كان عمر بن عبد العزيز في أيام خلافته يجمع الفقهاء كل ليلة، فيتذاكرون الموت والقيامة، وما أعد الله في الآخرة، ثم يبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة.

وحدثن يوسف في آخرين، قالوا: حدثنا ابن بطيء، عن حميد بن أحمد، عن أبي نعيم، عن أبي محمد بن حبان، عن ابن محمد بن عمر، عن أبي بكر بن عبيد، حدثني حاتم بن عبد الله الأزدي، عن الحسن بن محمد الخزاعي، عن رجل من ولد عثمان، أن عمر بن عبد العزيز قال في بعض خطبه: إن لكل سفر زادا لا محالة، فتزوّدوا لسفركم من

الدنيا إلى الآخرة التقوى، وكونوا كمن عاين ما أعد الله من ثوابه و عقابه، ترغبوا وترهبوا، ولا يطولن عليكم الأمد، فتقسى قلوبكم، فو الله ما بسط أمل من لا يدري، لعله لا يصبح بعد مسائه، ولا يمسي بعد صباحه، ولربما كانت بين ذلك خطفات المنايا، فكم رأيتم ورأيت من كان في الدنيا مغرورا؟ وإنما تقرّ عين من وثق بالنجاة من عذاب الله، وإنما يفرح من آمن من أهوال يوم القيامة، فأما من ل يداوى كلما إلا أصابه جرح من ناحية أخرى، نعوذ بالله أن آمركم بما أنهي عنه نفسي، فتخسر صفقتي، لقد عنيتم بأمر، لو عنت به النجوم لانكدرت، ولو عنت به الجبال لذابت، ولو عنت به الأرض لانشقّت، أما تعلمون أنه ليس بين الجنة والنار منزلة؟ و إنكم صائرون إلى إحداهما.

قال أبو سليم الهذليّ: خطب عمر بن عبد العزيز، فقال: أما بعد، فإن الله عز وجل لم يخلقكم عبثا، ولم يدع شيئا من أمركم سدى، فإن لكم معادا ينزل الله فيه الحكم بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله، وحرم الجنة التي عرضها السموات والأرض، و اشترى قليلا بكثير، وفانيا بباق، وخوفا بأمن، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين؟ و سيخلفها لكم الباقون، كذلك حتى نردّ إلى خير الوارثين، في كل يوم وليلة تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل، قضى نحبه، وانقضى أجله، حتى تغيّبوه في صدع من الأرض، في بطن صدع، ثم تدعوه غير ممهد ولا موسّد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وسكن التراب، وواجه الحساب، مرتهنا بعمله، فقير إلى ما قدم، غنيا عم ترك، فاتقوا الله قبل نزول الموت، وأيم الله، إني لا أقول لكم هذه المقالة وم أعلم عند أحد من الذنوب ما عندي، وما يبلغني عن أحد منكم حاجة إلا أحببت أن أسدّ من حاجته ما قدرت عليه، وما يبلغني أن أحدا منكم لا يسعه ما عندي إلا وددت أن يمكنني تغييره حتى يستوي عيشنا وعيشه، وأيم الله، لو أردت غير ذلك من الغضارة و العيش، لكان اللسان مني به ذلولا عالما بأسبابه، ولكن سبق من الله عز وجل كتاب ناطق، وسنّة عادلة، دل فيها على طاعته، ونهى فيها عن معصيته. ثم وضع طرف ردائه على وجهه، وبكى وشهق، وبكى الناس، فكانت آخر خطبة خطبها.

حدثن محمد بن إسماعيل، عن عبد الرحمن، عن علي بن محمد بن أبي عمر، عن محمد بن الحسن، عن عبد الملك بن بشران، عن أبي بكر الآجري، عن الغرياني، عن عمرو بن علي، عن سفيان بن خليد الضبي، عن سالم بن نوح العطار، عن بشر بن البشري، قال عمرو بن علي: حججت، فقيل: إن بمكة بشر بن البشري، فأتيته، فسألته، فحدثني عن بشر بن البشري، عن أبي سليم الهذلي، وذكره.

و حدثنا يونس بن يحيى، عن محمد بن أبي منصور، عن رزق الله، وطراد هو الزبير، و كلاهما عن علي بن محمد المعدل، عن الحسن بن صفوان، عن عبد الله بن محمد بن عبيد، عن أبي محمد العبدي، عن عبيد الله بن محمد القرشي، عن ابن أبي شميلة، قال: دخل رجل على عبد الملك بن مروان ممن كان يوصف بالعقل والأدب، فقال له عبد الملك بن مروان: تكلم، فقال: بما أتكلم وقد علمت أن كل كلام يتكلم به المتكلم عليه وبال إلا ما كان لله. فبكى عبد الملك، ثم قال: يرحمك الله، لم يزل الناس يتواعظون و يتواصون. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، إن للناس في القيامة جولة لا ينجو من غصص مرارتها، و معاينة الردى، إلا من أرضى الله بسخط نفسه. قال: فبكى عبد الملك، ثم قال: ل جرم، لأجعلن هذه الكلمات مثالا نصب عيني ما عشت أبدا.

وروين من حديث أبي نعيم، عن أبي بكر بن مالك، عن عبيد الله بن أحمد بن حنبل، قال: أخبرت، عن يسار، عن جعفر، عن مالك بن دينار، قال: كنت عند بلال بن أبي بردة، وهو في قبة له، فقلت: قد أصبت هذا خاليا، فأي قصص أقص عليه؟ فقلت في نفسي: ما له خير من أن أقص عليه ما لقي نظراؤه من الناس، فقلت له: أتدري من بنى هذا الذي أنت فيه؟ قال: بناها عبيد الله بن زياد، فقلت: وبنى البيضاء، وبنى المسجد، فولّي م ولّي، ثم قتل، ثم ولّي بشر بن مروان، فقتله أخوة أمير المؤمنين، فدفنوه. وذهب بالزنجي، فمات بالبصرة، فحملوه. ومات زنجي، فحمله الزنج. فذهب بأخي أمير المؤمنين، فدفنوه. ثم جعلت أقص عليه أميرا أميرا، حتى انتهيت إليه، فأثّر ذلك فيه، و بكى بكاء شديدا.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!