موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


94. الموقف الرابع والتسعون

قال تعالى: ﴿وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ﴾[هود: 11/ 109].

نصيب كل مخلوق، هو مقتضى حقيقته واستعداده الذي لا يزاد عليه ول ينقص منه، وهو معنى: ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾[طه : 20/ 50].

ولكن مخلوق استعداد، هو نصيبه من الحق تعالى ولا يشبه استعداداً آخر من كل وجه أبداً، وسبب هذا الاختلاف هو الوجه الخاص الذي لكلّ مخلوق من الحق تعالى ـ.

فإنَّ لكلّ مخلوق حتى الذرة اسماً خاصاً، لا يشاركه فيه غيره من سائر المخلوقات؛ وهو في الحقيقة حقيقة ذلك المخلوق، إذا ما تميَّز عن سائر المخلوقات إلاَّ به، الآية ﴿وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة: 2/247 و 256 و261]، [المائدة: 5/ 54]. و[ النور: 24 / 21 - 32].

فلا تكرا رفي الوجود أبداً، فالاستعداد هو الطالب المجاب، والداعي الذي لا يرد دعاؤه، وهو المراد بقوله: ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾[البقرة: 2/ 186].

إن كان المراد ا لإجابة بالمطلوب فـ "ال" في " الداعي" للعهد، وهو الداعي الذي يقبل دعاؤه ولابدَّ. وليس ذلك إلاَّ الاستعداد. فالاستعداد مجاب، وافقه اللسان أو خالفه،  أولاً وافقه ولا خالفه، وهو معنى ما ورد في الصحيح: ((كُلِّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَه)) .

فلون القار مثلاً، استعداده السواد، وهو نصيبه من الحق تعالى . فل بدَّ أن يسودّ، سأله لسانه أو لم يسأله. ولو سأل البياض ما أجيب، على سبيل الفرض، وإلاَّ فهو لا يسأل البياض، فلا يسأل إلاَّ السواد، لأنه حقيقته، ومقتضى ذاته، ولا يمكن للشيء أن يقول: يارب اجعلني غير أنا!!. فإنه محال. والشقة من الكتان كذلك، نصيبه من الحق تعالى البياض، هو استعدادها وحقيقتها، كما قلنا في القار سواء. أم إجابة الحق تعالى لكل داع، إذا قال يا رب!! بقوله لبيك، أو تعويضه أمراً آخر ممّا دعا به، كما ورد في الأخبار؛ فما هو مقصود الداعي، وكلامنا في مطلوب الداعي بعينه، فهو الذي قلنا: لا يحصل إلاَّ بالاستعداد، فدعاء اللسان مجرداً عن الاستعداد، لا أثر له في الإجابة بالمطلوب ألبتة، كيف يكون الدعاء اللاحق، سبباً في القضاء السابق؟! والسبب لابدَّ أن يكون موجوداً قبل المسبب عنه ضرورة. فما أمر الحق تعالى عباده بالدعاء، وجعله الشارع (صلى الله عليه وسلم) مخّ العبادة إلاَّ تعبداً وإظهاراً للفاقة و الحاجة التي هي صفة ذاتية لكل ممكن، فربما غفل الممكن عن صفة ذاته لعوارض تعرض له، فيكون الدعاء مذكراً له بأصله. قال في الحكم العطائية: "الدعاء كلّه معلول مدخول، إلاَّ ما كان بنيّة التعبّد والتقرب فهو مقبول". ونحن نقول: الحق تعالى ـ، علم الأشياء أزلاً، على ما تكون عليه أبداً بشرط، أو سبب، أو أسباب، أو شروط، أو بغير ذلك. وهذا لا يقدح فيما قلنا، إذ السببيّة الحقيقية إنما هي منه تعالى ـ. ويرجع ذلك إلى الاستعداد الذي عليه الأعيان الثابتة، كما ورد: «من القضاء ردّ القضاء بالدعاء».

وهذه من مقامات ا لحيرة. أمرنا بالدعاء. فإنْ دعونا يقول لنا: لم تدعون؟! جفّت الأقلام وطويت الصحف، تدعون أو لا تدعون، لا يكون إلاَّ ما سبق، وإن لم ندعُ توعّدنا وتهدّدنا: ﴿ قُلْ ما يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾[الفرقان: 25/ 77].

وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾[غافر: 25/ 60].

قيل: المراد بالعبادة هنا الدعاء. ورضي الله تعالى عن الشيخ الأكبر إذ يقول: يشير إلى ما قلناه من الحيرة:

إذا قلت يا الله، قال: لـمـه تدعو؟!

وإِنْ أنا لم أدع يقول: ألا تدعو؟!

لقد فاز باللذات من كان أخرس

 

وخصّص بالراحات من لا له سمع

وهذه الحالة من سرّ القدر، الذي لا يطلع عليه إلاَّ النادر الفرد. وأم القدر نفسه فما علمت هل يطلع عليه أحد أولاً؟! وقد سألت الله تعالى أن يجمعني بواحد من أكابر العارفين، حتى أسأله عن مسائل. فألقي عليَّ في الحال: أليس العارف مظهراً وواسطة من جملة الوسائط التي أوصل بها العلم إلى من شئت؟ فقلت: بلى. فقال: الواسطة ماهي محصورة في العارف، اسألني العلم أعلمك كيف شئت وبمن شئت. وإذا م علّمتك فاعرف أنه ليس من نصيبك ، ولا لك استعداد لقبوله، ولو أعطيتك على الفرض ما قبلته ولرددته، فأنا لا أمنع عن بخل، ولكن علماً وحكمة فلست أنا المانع بل أنت، لعدم قبولك واستعدادك.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!