موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


92. الموقف الثاني والتسعون

قال تعالى: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾[الكهف: 18/ 24].

الذكر المأمور به ههنا هو ذكر القلب لا ذكر اللسان، فإنه جعله ضداً للنسيان، و النسيان محله القلب فقط، لأن شرط الضدّين اتحاد محلّهما. وذكر اللسان ضدَ الصمت، عن الذكر. وذكر القلب المأمور به هو استحضار صورة العلم بالله الذي حصل له، كلّما غفل جدّد ذكرها في قلبه. ولا تضّره غفلته، فإن العلم له الثبوت، بخلاف الإيمان فإنه قد يزول، فإذا زال الإيمان الذي هو سبب السعادة، خلف السعادة ضده وهي الشقاوة، وأمَّا العلم فإنه لا يزول ولا تؤثر فيه الغفلات، فإنه لا يلزم العالم الحضور مع علمه في كلّ نفس. لأنه والٍ مشغولٌ بتدبير ما ولاّه الله عليه، فيغفل عن كونه عالماً بالله تعالى، ولا يخرجه ذلك عن نعته بأنه عالم بالله تعالى،  مع وجود الضدّ في المحلّ من غفلة أو نوم، فإنه ل جهل بعد علم. وأعني بالعلم علم القوم رضوان الله عليهم الحاصل من التجليات الربّانية، والإلهامات الروحانية.

وأما العلم الحاصل عن النظر العقلي بالأدلة الفكرية، فمثل هذا ل يسمَّى عند القوم علماً لتطرق الشبه على صاحبه، فينقلب الدليل عنده شبهة، وقد تكون الشبهة عنده دليلاً وإن وافق العلم، فالعلم الحقيقي، باسم العلم، ما لا يقبل صاحبه الشبه ولا يطرأ عليه تغيير، وليس ذلك إلاَّ علم الأذواق الحاصل بالتجليات.

وليست الغفلات خاصة بالأصاغر، بل تكون حتى للأكابر، فهي عامة في بني آدم حتى الأنبياء (عليه السلام) ولكن العارفين بالله متفاوتون في زمان الغفلات، بحسب مقاماتهم، وانظر قوله (صلى الله عليه وسلم): «إنَّه ليغان على قلبي» . الحديث.

فإنه (صلى الله عليه وسلم) كان مكلفاً بأعباء الرسالة، وخطاب الناس على قدر عقولهم ومراتبهم، وتبليغ الشرائع إليهم، وهذا وإن كان من أعظم القربات وأجل العبادات، فليس هو كخلوته بربّه وانقطاعه إليه، ولهذا قيل: الولاية أفضل من الرسالة، يريدون: ولاية الرسول أفضل من رسالته، لا الولاية مطلقاً، لأن ولايته هي وجهه إلى الله تعالى، ولهذا يقول (صلى الله عليه وسلم): ((لي وقت مع الله لا يسعني فيه نبّي مرسل ولا ملك مقرب)).

وأمَّا رسالته فهي وجهه إلى الخلق، ولهذا يقول (صلى الله عليه وسلم): ((إنه ليغان على قلبي)).

فالمشاهدة ثابتة له (صلى الله عليه وسلم) : في جميع أحواله، كما قالت عائشة (رضي الله عنه) في وصفه (صلى الله عليه وسلم)، أنه كان يذكر الله في جميع أحيانه. ولكن المشاهدة تختلف أنواعها، والقلب وإن كان أمره عظيماً وخطره جسيماً، وكان لا أوسع منه، فكذلك هو لا أضيق منه؛ أمَّا وسعه فإنه وسع الحق تعالى، كما قال تعالى: «ما وسعني أرضي ولا سمائي، ووسعني قلب عبدي المؤمن».

وأمَّا ضيقه فإنه لا يقدر على الجمع بين شيئين في الآن الواحد: ﴿وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً﴾[الكهف: 18/ 24].

(عسى) من الله واجبة، والمراد: أنه تعالى يرفعه إلى مقام أعلى ممّا كان فيه في الوقت، أو ينقله من تدبير هذه النشأة الطبيعية العنصرية، إلى فضاء الحضور مع الله على الدوام، أو إلى نشأة تجامع الحضور مع الله دائماً كنشأة الملائكة (عليه السلام).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!