موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


65. الموقف الخامس والستون

قال تعالى: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾[البقرة: 2/ 286].

قد طوّل المتكلّمون من علماء الرسوم الحديث في الثواب والعقاب، من حيث أن فعل العبد بقضاء الله وقدره وإرادته وسبق علمه، حتى أدّى النظر في هذا الاختلاف والتشعب بين المسلمين، فقالت طائفة: الخير فعل الله، والشر فعل العبد. وقالت أخرى: العبد يخلق أفعاله الاختيارية، فجعلت لله تعالى شركاء لا يحصون عدداً. وقالت طائفة بالكسب، ولم يفهم أحد حقيقته على اليقين، حين ضرب به المثل في الخفاء، وهو في الحقيقة اسم بلا مسمّى، ولفظ بلا معنى. وقالت طائفة: بالجزء الاختياري، وهو كالذي قبله. فإن محصّل كلام القائل به يرجع إلى أنه معنى اعتباري، لا وجود له إلاَّ في اعتبار المعتبر، مادام معتبراً. وكيف يكون ما لا وجود له في الخارج، علّة للموجود في الخارج عندهم وعلى مذهبهم؟! إلى غير ذلك من المقالات المذكورة في كتب علماء الكلام. ولو كشف الله تعالى عن بصائرهم لعلموا أن الثواب فضله ورحمته، لأن الرحمة بها الإيجاد والإمداد والثواب. وأما العقاب والجزاء على سيئ أفعالنا فإنم جاء من قبلنا. فإننا لما كنا عند أنفسنا موجودين، بعد أن كنا معدومين، تخيّلنا أن لنا وجوداً حادثاً مستقلاً مبايناً للوجود الحق تعالى وتوهمّنا أن لنا صفات مباينة لصفات الوجود الحق، من قدرة وإرادة، وعلم واختيار، وأنّا نفعل إذا أردنا، ونترك إذا أردنا، فعاملنا الحق تعالى حسب تخيلنا، وخاطبنا بذلك في كلامه، وبألسنة رسله، فقال: افعلوا واتركوا، وهو يعلم أنه لا فعل لنا ولا ترك، وأنه الفاعل تعالى وحده، ورتّب تعالى الثواب والعقاب على وهمنا هذا، والثواب منة منه تعالى وفضل، فما جاءنا الشر إلاَّ من قبلنا، ولا حملنا ما حملنا إلاَّ بجهلنا، قال تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ﴾[الأحزاب: 33/ 72].

يعني: تعالى أنه: عرضها عليهن عرضاً لا إلزاماً، فأبين وخفن من حملها لأنها عارفة بالله تعالى فطرة وما طرأ عليها حجاب، وعرفت أن حمل الأمانة يستلزم الحجاب الذي هو سبب المخالفة، ودعوى الاستقلال بالوجود والفعل والاختيار؛ وإن كان حمل الأمانة على الكمال والتمام يفضي بحاملها إلى شرف ما يبلغه سواه من المخلوقات، فاختارت هي السلامة كما قيل:

وقائلة مالي أراك مجانب

أموراً وفيها للتجارة مربح

فقلت لها مالي بربحك حاجة

 

ونحن أُناس بالسلامة نفرح

وحملها الإنسان، لأنه كان أي وجد ظلوماً،  حيث أنه وضع الشيء في غير محله بدعواه الوجود لنفسه، مع توابع الوجود من قدرة، وإرادة وفعل، واختيار... جهولاً بنفسه، أي حقيقته التي بها هو هو، فإنه ما عرفها، ولو عرف نفسه لعرف ربّه، ولو عرف ربّه من غير أن يطرأ عليه حجاب، كما عرفته السماوات والأرض، ما حصل عليه ضرر ولا لحقه عذاب ول ألم. فلو فرضنا مستحيلاً، وأنه لم يكن في نوع الإنسان إلاَّ عارف بالحقيقة وبما هو الأمر عليه، ماجاء للإنسان تعب ولا مشقّة، ولا كانت منه مخالفة أمر ولا نهي. ول يقال: إن في نوع الإنسان عارفين بالحقيقة، فلم كان ما كان؟ لأنَّا نقول: المقصود والمراد بهذا العموم، وأما الفرد النادر فلا حكم له ولا اعتبار به.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!