موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


49. الموقف التاسع والأربعون

قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ﴾[آل عمران: 3/ 31]..

محبة الله تعالى من حيث الذات الغنية عن العالمين، التي لا تطلب العالم ولا يطلبها، محال. لأنَّ المحبة لا تكون إلاَّ لمناسبة، ولا مناسبة بين الخلق والذات البحت، ولا ارتباط بوجه ولا بحال، فعلم بهذا أنَّ العبد لا يحب الذات من حيث هي هي، لأن ما لا يسمى ولا يوصف ولا يعلم، لا يحب. والذات تُشهد ولا تعلم. ومرتبة الصفات تعلم ولا تشهد، فمرتبة الصفات، وحضرة النسب والإضافات، هي المحبوبة لجميع المخلوقات. فما أحب محب إلاَّ حضرة الجمال، ونعوت الإفضال، والرحمة والغفران، ونحو ذلك. وعند التحقيق، ما أحب محب إلاَّ آثار صفات الجمال. بل ما أحب إلاَّ نفسه. ومن هنا قال محققوا العارفين: لا يكون أنس بالذات العلية أبداً، لعدم المناسبة والمجانسة، وإنما يكون الأنس ببعض الأسماء الجمالية. وقد أشار (صلى الله عليه وسلم) إلى أن الذات البحت الغيب المطلق لا تتعلق بها محبة أحد، بقوله:

«أحبو الله لما يغذوكم به من نعمه».

رواه الترمذي والحاكم. فأرشد (عليه السلام) إلى أنَّ محبة الله تعالى ـ لا تكون إلاَّ من هذا الوجه، وهو كونه منعماً رحيماً ستاراً إلى نحو ذلك. وهي مرتبة الصفات.

وفي قوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾[المائدة 5/ 54].﴿إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ﴾[آل عمران: 3/ 31]..

إشارة إلى أن متعلق محبة العبيد إنما هي مرتبة الألوهية لا غير كم قلنا. وعليه فالحكاية المشهورة بين القوم، عن أبي سعيد الخزاز (رضي الله عنه) أنه اجتمع برسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له : يا رسول الله، شغلتني محبة الله عن محبتك، فقال له (صلى الله عليه وسلم) :((يا مبارك، محبة الله هي محبتي)). ي مبارك معناه يا مغفل. يريد شغلتني محبة المظهر الروحي العلوي، عن محبة المظهر الجسمي الأرضي. فأجابه (عليه السلام) بأن الظاهر في المظهرين واحد لا تعدد فيه ول تغاير. فالمحبوب في المظهرين واحد. ولا يضرك تغاير المظاهر وتعددها حيث كان الظاهر المحبوب فيها واحداً لا يتجزّأ ولا يتبعّض. إذ المظاهر كلها أعدام، والعدم لا يحبه عارف، ولا يشغل باله به عاقل. فمن أحب الظاهر في المظهر الروحي، فقد أحب الظاهر في المظهر الجسمي. وليس الظاهر في جميع المظاهر العلوية والسفلية إلاَّ الصورة الرحمانية، المسماة بالحقيقة المحمدية. وكل ما قيل فيه أرواح وأجساد ومثال وخيال، ليس ذلك بشيء ثابت. إنما هي تقادير وتصاوير، قدرها الحق لظهور صورته، ولا وجود لها، ل قديم ولا حديث. إنما الوجود للحق تعالى وحده كما قيل:

مراتب بالوجود صارت

حقائق الغيب والعيان

وليس غير الوجود فيه

 

بظاهر والجميع فان

كأنه (عليه السلام) قال لأبي سعيد: الشيء الذي قلت إنه رسول الله، وأنك مشغول عن محبته، ليس هو بشيء مغاير تعالى الذي قلت: شغلتك محبته، بل هو هو. فالرسول (عليه السلام) مرتبة ظهور الحق تعالى وهذه المرتبة واسطة لجميع الظهورات، ومنها تفرعت فهي ينبوعها وهيولاها.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!