موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


351. الموقف الواحد والخمسون بعد الثلاثمائة

قال تعالى:﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾[ الفرقان: 25/2].

وفي الصحيح:«كل شيء بقضاء وقدر حتىالعجز والكيس ».

سأل سائل قال: طعن بعض الملاحدة في قوله تعالى:﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ﴾[الفلق:113/1-2].

من وجوه: أحدهما أن المستعاذ منه هل واقع بقضاء الله وقدره أم لا؟ فإن كان الأول فكيف أمر أن يستعيذ بالله منه؟ وذلك لأن ما قضى به وقدره فهو واقع، فكأنه تعالى يقول الشيء الذي قضيت بوقوعه فهو لابد واقع فاستعذ بي منه حتى لا أوقعه!! وإن لم يكن بقضائه وقدره فذلك يقدح في ملك الله وملكوته. وثانياً: أن المستعاذ منه إنْ كان معلوم الوقوع فلا مانع له فلا فائدة في الاستعاذة منه، وإن كان معلوم الل وقوع فلا حاجة إلى الاستعاذة منه. وثالثهما: أن المستعاذ منها إن كان فيه مصلحة فكيف رغب المكلف في طلب دفعه ومنعه؟ وإن كان فيه مفسدة فكيف خلقه وقدره؟ فما جوابه على لسان القوم انتهى.

الجواب

اعلم إن إخراج المعدوم من العدم الثبوتي إلى الوجود العيني الخارجي قد يكون لإخراجه من العدم إلى الوجود شرط واحد، وقد يكون له شروط كثيرة، وقد يكون لإخراجه من العدم سببه واحد وقد تكون له أسباب متعددة، وقد يتوقف إخراجه على انتفاء مانع حسب ما هو عليه ذلك الشيء في ثبوته في العلم الذاتي وحَدّ الشرط والسبب والمانع المشهور، والقضاء والحكم الإلهي تابع لذلك الثابت في ثبوته بكل م يتعلق به من شرط أو سبب أو أسباب أو شروط أو مانع، وما لا شرط له ولا سبب ولا مانع كذلك. والعلم الإلهي محيط بما يكون من الشروط والأسباب فيكون المشروط والمسبب وربما لا يكون من الشروط والأسباب فلا يكون المشروط ولا المسبب وبالمانع كذلك تفصيلاً إحاطياً. فيوجد تعالى الأشياء في العين كما علمها في الثبوت العدمي، فلهذ كان القول الإلهي والقضاء الربّاني منه ما يقبل التبديل الظاهر عندنا، وهو في نفس الأمر ماهو تبديل وإنما هو توقف على وجود شرط أو سبب أو انتفاء مانع في علمه تعالى، ومن القول الإلهي ما لايقبل التبديل وهو ما ليس له شرط ولا سبب ولا مانع كما هو عليه ذلك المعلوم في ثبوته. وقد اجتمع الأمران في فرض الصلاة ليلة الإسراء ففرضت أولاً خمسون صلاة فلما راجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه وسأله التخفيف عن أمته نقص عشراً ثم عشراً إلى خمس صلوات. فالقضاء الأول بالخمسين كان مشروطاً بقبول رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم سؤاله التخفيف عن أمته، فلما سأل أجيب وقيل له أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي فهي خمس وهي خمسون:﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾[ ق:50/29].

وهذا القول الثاني هوالذي لا يقبل التبديل، إذ ليس له شرط ولا سبب ولاتوقف على ارتفاع مانع. فمما ذكرناه تظهر فائدة الاستعاذة والدعاء، والأمر بذلك القصد الأول هو إظهار الذلة والحاجة والافتقار إلى من بيده ملكوت كل شيء، وهو مقام الكمل من أولياء الله تعالى . ومن الناس من يستعيذ ويدعو احتياطياً فيقول لعلّ دفع البلاء والضرّ وجلب النفع مشروط بالاستعاذة والدعاء موقوف على سبب الاستعاذة والدعاء وجميع الأسباب على هذا المنحى. قال تعالى حكاية عن نوح عليه السلام .﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾[ نوح: 71/3و 4].

فالأجل الذي يؤخركم عنه هو القضاء الذي يقبل التبديل، وهو مشروط بعبادتهم الله واتقائه وإطاعة رسوله، والأجل الذي يؤخرهم إليه هو القضاء الذي ل يقبل التبديل فلا شرط له ولا مانع. وقال عمر – رضي الله عنه - في قصة الفرار من الطاعون وقد قال له بعض الصحابة: أتفرّ من قضاء الله؟ فقال: نفرّ من قضاء الله إلى قضاء الله. أي نفرّ لعلّ فرارنا شرط أو سبب في نجاتنا، إذ من القضاء الإلهي م يقبل التبديل، فإذا لم يكن الأمر كما رجونا فنحن نفر إلى قضاء الله الذي لايقبل التبديل، وهو ماليس له شرط ولا سبب. وهذه الجملة كافية في جواب الإشكالين، وأم الإشكال الثالث: فاعلم أن الإله لا يكون إلهاً حتى يكون له صفات رحمة وصفات قهر فيرجى ويخاف فيضر وينفع ويعطي ويمنع، فالألوهة اقتضت لذاتها أن تكون لها الأسماء المتقابلة، والصلاح والفساد إنما هو بحسب القوابل والاستعدادات، فما يكون صلاحاً لزيد قد يكون فساداً لعمرو، فما يتألم به المحرر يتنعم به المقرر، والعكس. فليس الخير والشر والصلاح والفساد إلاّ بالنسبة للقوابل، والقوابل متباينة متخالفة، فالخير والصلاح مقصود بالذات، والفساد والشر عارض، والحكيم لا يترك الخير الكثير لم يلزمه من الشر.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!