موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


269. الموقف التاسع والستون بعد المائتين

قال تعالى: ﴿وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّ كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾[يوسف: 12/68].

دخولهم من حيث أمرهم أ بوهم هو دخولهم من أبواب متفرقة، وما كان دخولهم من حيث أمرهم أبوهم يغني عنهم من الله من شيء، ولا يردّ قضاءه تعالى السابق فيهم، ويعقوب (عليه السلام) يعلم ذلك، ولكنه أراد أن يعلّم أولاده الأدب، ويرقّيهم إلى ذروة الكمال، وذلك لا يكون بفعل السبب والاعتماد عليه، ولا بترك السبب رأساً، فإن في الاعتماد على السبب تعطيلاً للقدرة، ومن أسمائه تعالى القادر؛ وفي ترك السبب جملة واحدة تعطيل للحكمة، ومن أسمائه تعالى الحكيم. فما وضع الأسباب وستر اقتداره بها عبثاً. وهذا الذي صدر من يعقوب (عليه السلام) خلاف ما جرى عليه مشايخ الطريق، فإنهم يأمرون المريد أولاً بترك الأسباب جملة واحدة، ليتمكّن في مقام التوكل. فإذا ت مكّن رجع إلى الأسباب بظاهره وقلبه مع مسبب الأسباب، وذلك لضعف المريدين وبعدهم من أنوار النبوّة بخلاف أولاد يعقوب، فإنهم بضعة النبوّة وجزؤها، ل يتعسّر عليهم ما يتعسّر على غيرهم، فأمرهم بالسبب حالة التوكل، وهو الكمال، قال لهم: ادخلوا من أبواب متفّرقة، وهو السبب، وأمرهم بالتوكل على الله تعالى والاعتماد عليه دون السبب بقوله: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾[يوسف: 12/67].

وهذه حاجة يعقوب التي قضاها. فإن العلماء تعالى أرحم الخلق بالخلق، لاسيّما الأنبياء عليهم الصلاة و السلام لاسيّما بالأقربين فإنهم أولى بالمعروف، ولهذا أمر تعالى رسوله محمداً (صلى الله عليه وسلم) بإنذار الأقربين ابتداء، فقال له: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾[الشعراء: 26/214].

فصعد الصفا ونادى ابنته، ثم عمه، ثم بنى عبد مناف، ثم قبائل قريش، ثم بعد ما قصّ الله تعالى قصّة يعقوب مع بنيه، أثنى عليه تعالى بالعلم، ول ثناء أعلى من الثناء بالعلم، فإنه أشرف المقامات، دفعاً لما يتوهمه القاصرون من انحطاط متعاطى الأسباب ظاهراً مع التوكّل باطناً عن رتبة المتوكّل ظاهراً، وهذ الوهم غالب على أكثر الناس، ولذا قال تعالى: ﴿وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾[الأعراف: 7/187، ويوسف: 15/21، و40 و68 والنحل: 16/38 والروم 30/5 و30 وسبأ: 34/28 و36 وغافر: 40/57، والجاثية: 45/26].

ثم زاد تعالى يعقوب (عليه السلام) تشريفاً، بأن علم يعقوب ليس هو عن نظر وفكر وتعلم من مخلوق، وإنما هو تعالى معلّمه ويعقوب متعلمه.

﴿وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾.

إن الحق تعالى ـ، قد يتولّى تعليم بعض عبيده، وإن هذا العلم الذي يعلمه الله هو العلم الحقيقي، فإنه العلم الثابت الذي لا تزلزله الشبه ولا تطرقه الشكوك.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!