موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


253. الموقف الثالث والخمسون بعد المائتين

ورد في صحيح مسلم أنه (صلى الله عليه وسلم): ((إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من مئة مرة)).

وورد بروايات أخر.

اعلم أن الغين هو التغطية واللبس، كانت التغطية حسّية أو معنوية، كم هنا، وذلك أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يغلب عليه أحياناً شهود عظمة الربوبيّة وما تقتضيه الألوهة من لوازم العبودة، باختلاف آثار أسماء الألوهة، وما تطلبه من القيام بحقوق آثارها ومظاهرها، ثم ينظر (صلى الله عليه وسلم) إلى ضعف العبد وعجزه وعدم اقتداره على أداء جزء ممّا لا نهاية له ممّا يجب عليه لربّه وإلهه، هذا مع معاناة الأضداد، ومعاشرة الأنداد، والأمر بالتأليف بينهم، وجلب قلوبهم، مع تنافر طبائعهم، وتباين أغراضهم، واختلاف مراميهم، مضافاً إلى النظر في مصالح الأهل وتدبير النفس؛ فيرى (صلى الله عليه وسلم) عند هذا الشهود شيئاً عظيماً ل تطيقه البشرية، من حيث هي، بوجه ولا حال، فيستغفر الله، أي يطلب من «الله» الاسم الجامع الغفر، وهو الستر من هذا الشهود الفرقي المتعب المعني الذي دلَّ عليه الاسم «الله»، فإنه اسم لمرتبة الألوهة المقتضية للمألوه، فإن المعبود لابدَّ له من عبد، فهما متلازمان تلازم تضايف، فإذا ستره الله عن هذا الشهود الإلهي أشهده الشهود الذاتي الجمعي المريح، وأدخله حضرة الهويّة الجامعة، التي تهلك فيها الأسماء والآثار، وتندرج فيها النجوم والشموس والأقمار، يتّحد فيها المرسل والرسول والمرسل إليه، إذ لا تفصيل في الهو الذات، ولذا قال: (صلى الله عليه وسلم) إليه، بضمير الهو، حيث لا إله ولا مألوه ولا رب ولا عبد، إذ بانعدام المألوه ينعدم الإله من حيث هو إله، فإنه إذا عدم المضاف انعدم المضاف إليه، ثم باقتضاء الحكمة، حيث أنه تعالى ما خلق الجن والإنس إلاَّ ليعرفوه فيعبدوه، فلو بقوا في حضرة الجمع الصرف ماكان هناك من يعبده، فمن الحكمة رجوعه (صلى الله عليه وسلم) عن شهود الجمع الصرف، وهو نوبته، أي رجوعه إلى شهود الفرق الثاني وهو مشهود إله ومألوه، وربَّ وعبد، وحقّ وخلق، وشهود هذه الحضرة هو المميّز بين الرب والعبد، إذ المراتب هي المميزة والمفرقة، وحينئذٍ يقوم بواجبات الربوبية وحقوق الألوهية، فيعطي المراتب حقّه والمظاهر والآثار مستحقّها حسب الطاقة البشرية. فكان (صلى الله عليه وسلم) تارة وتارة بين هذين الشهودين، يتردّد بحسب العدد الوارد في الروايات. وهذه الأحوال كانت له في بداية الرسالة، وقد أخرج ابن قانع أنه (صلى الله عليه وسلم): ((أرسلني ربّي برسالة فضقت بها ذرعاً)).

ولغلبة الشهود الفرقي ، وما يتضمنّه من الحقوق الإلهية والكونية على بعض الأنبياء وأكابر الصالحين تمنّى أنه لم يوجد، ويغيب عنهم في ذلك الشهود كون الوجود خيراً ورحمة ونعمة، وأن العدم شر ونقمة، وقد أوّلنا هذا الحديث في هذه المواقف، بنقيض هذا التأويل بوارد مناقض لهذا الوارد، فإننا بحسب ما يريد لا بم نريد:

طورا يمان إذا لقيت ذا يمن

وإن لقيت معدّياً فعدنان

ولا غزو، فإنهما حالتان كانتا له (صلى الله عليه وسلم) أخبر عنهما بلفظ واحد يؤدي المعنيين، فإنه (صلى الله عليه وسلم) أُعطي جوامع الكلم، وينابيع الحكم، وكل أناس يعلمون مشربهم، فيسلكون مذهبهم، وربما في الغيب معان أخر لهذا الحديث، يلقيه الله على من يشاء من عباده.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!