موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


245. الموقف الخامس والأربعون بعد المائتين

قال تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ﴾[البقرة2/144].

أمر من الحق تعالى لرسوله (صلى الله عليه وسلم) ولكل من تبعه بتولية وجوههم الباطنة تلقاء المسجد الحرام الباطني. والمسجد الحرام هنا إشارة ل تفسيراً، كناية عن الحضرة الجامعة لجميع الحضرات، وهي حضرة الجمع والوجود. فكم أمرهم تعالى بتولية وجوههم الجسمانية شطر المسجد الحرام الجسماني، أمرهم بتولية وجوههم المعنوية شطر المسجد الحرام المعنوي، حيث ما كنتم، أي في أي مرتبة كنتم من مراتب الفرق، فلتكن وجوهكم المعنوية متوجهة لمرتبة الجمع، فإنَّ الجمع حقيقة، والفرق حكمة، ووجه كل شيء عينه، وحقيقته التي هو بها هو، وهذا الوجه هو لكل مخلوق من الحق تعالى وهي الوجوه التي عنت للحي القيوم في قوله:

﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ﴾[طه: 20/ 111].

وهذا الوجه هو الذي كان أصحاب الصفة (رضوان الله عليهم) يدعون ربّهم بالغداة والعشي، يريدون معرفته، وهذا الوجه هو الباقي من كل شيء، إذا هلك كل شيء قال تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾[القصص: 28/88].

وقال: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾[الرحمن: 55/ 27].

فهو مقصود الحق تعالى من الأشياء. فلا يفتقد ما غاب إذا حضر، ول يعبأ بما حضر إذا غاب هو، فظاهر الأمر يقتضي أنَّ ثمَّ مولي ومتولى مطاوع وليس إلاَّ واحداً هو المولى والمتولي. ولشدة اعتناء الحق تعالى بهذا الوجه كرر في القرآن ذكره وكذا في السنة قال: ﴿وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ﴾[الأعراف: 7/29].

وقال: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ ﴾[البقرة: 2/112].

وقال: ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ﴾[لقمان: 31/ 22].

وقال: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله﴾[النساء: 4/ 125].

وقال حكاية عن الخليل (عليه السلام): ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[الأنعام: 6/79].

وفي الصحيح أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يقول عند النوم: ((اللهم وجهت وجهي إليك)). وفي الصحيح في دعاء التوجيه : ((وجهت وجهي)).

ونحو هذا، والعامّة لهم شعور بهذا الوجه ولا يعلمون ماهو، وهذا من بقايا علم الخاصّة في ألسنة العامة. فإنهم يقولون لمن يدعون له: بيّض الله وجهك، أبيض كان أو أسود! ويقولون لمن يدعون عليه: سوّد الله وجهك كذلك، ليس المراد بهذ الدعاء إلاَّ الوجه المذكور، لا العضو المعروف. وإليه يشير قوله: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾[آل عمران: 3/106].

فإن من الوجوه الحاكمة على هذه الممالك الإنسانية المتولية على رعايته تأتي رعيته ومملكته دنسة قذرة سوداء بأقذر المخالفات وأنواع الشرك والمعاصي، فهذ هو سواد هذا الوجه عند من ولاّه وجعله حاكماً، ومن الوجوه من هو بالعكس، وهذا هو بياض هذا الوجه عند من ولاّه، وهو الاسم الجامع، كمحاسبة العمال وعرض رعاياهم على الملك سواء بسواء يشير إلى هذا قوله: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾[المطففين: 83/24].

أي تعرف من معرفتك وجوههم الحاكمة عليهم أنهم سعداء أهل نعيم، فإن من عرف الحاكم عرف حال رعيته ومملكته الحاكم عليها خيراً أو شراً.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!