موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


244. الموقف الرابع والأربعون بعد المائتين

قال تعالى: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ﴾[الزخرف: 43/ 71].

وقال: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ﴾[فصلت: 41/ 31].

يعني الجنة، التي وعد بها عامّة المؤمنين، فيها ما ترغب فيه كل نفس من المشتهيات الحيوانية الطبيعية، والمستلذات الجسمانية، وأما الجنة التي وعد به خاصة المؤمنين ففيها ما تشتهيه الأرواح وترغب فيه الأسرار، وليس وإلاَّ دوام الشهود على بساط القرب من العلي الأعلى بالمنظر الأوضح الأجلى، ويجدون في تلك المشاهدة من اللذة كل ما يجده أهل الجنان من اللذات وأزيد، فـ «ال» في الآية الأولى للجنس والعهد، وهي كل نفسية إنسانية باقية على أصل خلقتها، والمخاطبون في الآية الثانية هم الصحابة الكرام أصحاب النفوس الزكية، التي ما خالطها شيء ول اعتلّت بعلل خارجية، فالمراد في الآيتين: أنَّ الجنّة فيها ما تشتهيه كل نفس إنسانية باقية على أصل خلقتها، سليمة من الآفات، ما طرأت عليها علل خارجية أخرجته عن مجراها الطبيعي لها، وليس الطبيعي إلاَّ ما هو مشتهى العموم، ومستلذ الأذواق السليمة من الآفات، فإنَّ بعض النفوس طرأت عليها أمراض وأصابتها آفات، بدلت صفاته الطبيعية، وجعلتها تشتهي ما هو مستقذر عند الطبع السليم شنيع، أو تكره ما هو مشتهى عنده مستلذ، وهذا مشاهد عياناً في الجهتين، مشهور. فمن دخل الجنة لا يشتهي إتيان الذكران، فإنها شهوة نشأت في بعض النفوس في الدنيا، عن علة وآفة خارجة عن الطبع الحيواني، حتى الحيوانات العجم فإنها لا تفعله، وما فعله إلاَّ أشرار الإنسان لمرض، ما فعله أحد من البشر قبل قوم لوط (عليه السلام) قال تعالى: ﴿أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ﴾[الأعراف: 7/ 80].

وقال تعالى فيهم: ﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾[الشعراء: 26/166].

أي متعدون الحدود، لا أعني الحدود الشرعية فإنَّ الجنة لا تحجير فيها، ولكن اعتداء الحدود التي للأشياء، وهي الحافظة للأشياء المميزة لها، فلا يدخل محدود في حد غيره، ومن حد الذكر أنه فاعل، كما أنَّ حدّ الأنثى أنها منفعلة، فمن جعل الذكر منفعلاً فقد اعتدى حدّ الذكر، وقلب حقيقته، وقال تعالى فيهم: ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ﴾[العنكبوت: 29/29].

فشهوة إتيان الذكران منكر غير معروف في العرف الإنساني، وقال فيهم: ﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾[الأعراف: 7/ 81]. [يس: 36/19].

متجاوزو ن الحكم الإلهية في مخلوقاته تعالى ، وقال فيهم: ﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾[النمل: 27/ 55].

وليس فيمن يدخل الجنة جاهل بحكمة الله تعالى فيما يفعل، فإنَّ الحق ـ تعالى ما جعل الفاعل يطلب الفعل والمنفعل يقبل، بل لم يطلب من الفاعل الفعل إلاَّ للإنتاج وحصول فائدة للفاعل والمنفعل، فهذا حاصل في الأصل، الذي وجدنا عنه، فإن الممكنات ما قبلت الفعل من الفاعل تعالى لما أراد إيجادها إلاَّ لما في ذلك من الإنتاج، لمن يسبّح الله بحمده، وحصول النفع للطرفين. فاستفادت الممكنات ما نسب إليها من الوجود، واستفادت الأسماء الإلهية ظهور سلطنتها بظهور آثارها، وكذلك الأمر في الأجرام السماوية مع العناصر والأركان، تفعل الأجرام السماوية في العناصر فتقبل فعلها فيها لما ينتج من ذلك النكاح المعنوي من المولدات، الحيوان وغيره، وكذ الأمر في الحيوان والإنسان يفعل ذكرانه في إنائه فينتج من ذلك كثرة المسبحين لله بحمده، مع حصول الفائدة واللذة للطرفين، فلو انتفت اللذة من أحد الطرفين مع عدم الإنتاج ما قيل منفعل الفعل به طبعاً، كإتيان الرجال، فه و خلاف الطبيعة الإنسانية، ومجاري الحكم الإلهية تقتضي ألاَّ يخلق الله تعالى لأهل الجنة أدباراً، ونشء الجنة غير معلوم، فإنه قال: ﴿وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾[الواقعة: 56/61].

لأنه تعالى إنما خلق هذا المحل في الدنيا لإخراج القذر و الخبث ل غير، وأهل الجنة لا قذر يخرج منهم، إنما هو رشح يخرج من أعراضهم، كما في الصحيح، وقد ورد في الخبر: «أن أهل الجنة لا أسنان لهم».

كما ورد أيضاً: «أنَّ الرجال لا لحي لهم».

وذلك لانتفاء الحاجة إلى الأسنان و اللحى في الجنة، بخلاف القبل في الرجل والمرأة فإنه لمصلحة النكاح، الذي هو أ عظم شهوة، وألذ لذة، ولما فيه من الإنتاج، فقد ورد في خبر: «أن أهل الجنة يتوالدون».

ففي كل دفعة من الرجل يخرج ولد كامل سويّ يسبح الله حيث شاء الله تعالى ـ.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!