موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


236. الموقف السادس والثلاثون بعد المائتين

قال تعالى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ﴾[الأنعام: 6/ 148]الآيات.

هذا كلام حق أريد به باطل، أي لو شاء الله عدم إشراكنا ما أشركنا. ولو شاء عدم تحريم شيء ممّا حرمناه ما فعلنا، فإنه لا يقع منا إلاَّ ما يشاء. وهذ حقُّ. ووجه إ رادتهم بالباطل بهذا الحق أنهم جعلوا كل ما شاءه الحق بعباده هو مرضي له، محبوب لديه، وهذا باطل، فإنَّ الحق تعالى يشاء بعباده ما علمه منهم أزلا، والذي علمه منهم أزلاً هو م ا تقتضيه حقائقهم ويطلبونه باستعدادهم من خير وشرّ، وتوحيد وكفر، فمشيئته تابعة لعلمه، وعلمه تابع لمعلومه، ومعلومه منه مهتد وضال، وموحد ومشرك، وشقي، وسعيد، وصادق وكاذب، فإن مخلوقاته تعالى مظاهر أسمائه، وأسماؤه منها ما يقتضي الجمال والرحمة وهو حظ أهل السعادة، أصحاب القبضة اليمنى، ومنه ما يقتضي الجلال والقهر وهو حظ أهل الشقاوة أهل القبضة الشؤمى، فمشيئته تعالى لأمر ليست عنواناً على محبّته له ورضاءه، فإنه لا يرضى لعباده الكفر، وقد شاء كفر كثيرين منهم، وإنما المشيئة عنوان على أنه سبق علمه أزلاً بما يشاءه أبداً، فلو كان كل ما يشاؤه بعباده خيراً للزم أن يكون إرسال الرسل وتشريع الشرائع عبثاً، فإنه جاءت بالأمر والنهي وبيان قبضة اليمين وقبضة الشمال، كما قال تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾[هود: 11/ 105].

وهذا الذي حكاه الحق تعالى عن المشرعين وإن كل ما يشاؤه الله ـ تعالى بعباده فهو خير. عقد ثالث، فإن عقيدة أهل السنة: أنه تعالى يشاء بعباده الخير والشرّ، وعقيدة المعتزلة: أنه تعالى لا يشاء بعباده إلاَّ الخير، ومشيئة الشرور هي من العباد، لا من الحق تعالى ، فلو كشف الله تعالى لعبد من خواص عبيده، عن سابق علمه منه، وعمّا تقتضيه عينه الثابتة لصحّ له، وقبل منه أن يقول فعلت ما فعلت بمشيئة الله وأمره الإرادي، الذي هو أعم من المحبوب والمكروه تعالى، لهذا قال: ﴿قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾[الأنعام: 6/148].

أي هل عندكم علم بما تقتضيه استعداداتكم وكشف عن أعيانكم الثابتة فبيّنوه لنا، وأنكم ما أشركتم وحرمتم وفعلتهم ما فعلتم إلاَّ بعد أن كشف الحق تعالى لكم عن مشيئته بكم، التابعة لعلمه، وهذا هو العلم المتعلق بسر القدر الذي هو سبب الأسباب وعلة العلل، وحيث لم يكن عقدهم من هذا القبيل، فما فعلوا ما فعلو إلاَّ بالظن، ولهذا قال: ﴿إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ ﴾[الأنعام: 6/148].و﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ﴾[النجم: 53/28].

أي ما أشركتم وحرمتهم ما حرتم إلاَّ بالظن. و الظن أكذب الحديث. فإنه خطرات نفسانيّة يوحيها الشيطان إلى أوليائه، وحيث كان الأمر كما أخبر الله عنهم فلا حجّة لهم بمشيئة الله تعالى إشراكهم، وافتراءهم عليه بتحريم ما حرّموا، بل له تعالى الحجة عليهم. ولهذا قال: ﴿قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾[الأنعام: 6/ 149].

عليكم في شرككم وجميع أفعالكم المخالفة لأمره ونهيه تعالى فإنه تعالى ماشاء بكم إلاَّ ما طلبته أعيانكم الثابتة بألسنة حالها، وهو تعالى الجواد المطلق، فلا يرد سؤال الاستعدادات، وهي الاقتضاءات الأسمائية و الوجوه الخاصة التي هي حقائق أُوَّل لحقائق المخلوقات، فما حكم عليهم إلاَّ بكم ومنكم، بل أنتم الحاكمون على أنفسكم. فإنَّ الحاكم محكوم عليه، أن يحكم في القضية بما تقتضيه ذات القضية.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!