موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


207. الموقف السابع بعد المائتين

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾[فاطر: 35/ 15].

خاطب تعالى الناس، ويدخل معهم سائر العالم بالأحرى، أخبرهم تعالى ـ أنهم الفقراء إلى الله، أي الطالبون منه ما أنتم محتاجون إليه، راغبون فيه، في كل نفس وحال، حال إمكانكم وعدمكم، وفي حال اتصافكم بالوجود. فتطلبون منه حالة الإمكان والعدم إعطاء الوجود لكم، وبعده طلبكم استمرار الوجود، وما به بقاء الوجود عليكم. فالاسم "الله" في صدر الآية اسم للمرتبة التي له تعالى كمرتبة الخلافة للخليفة والقضاء للقاضي، فهو صفة مشتق، لا اسم الذات، لأن الذي تفتقر إليه الممكنات، وتطلب حوائجها منه؛ إنما هو المرتبة المسماة بالألوهية، مرتبة الصفات والأسماء، التي تنسب وتسند إليها جميع الآثار، فهي مرتبطة بالممكنات، والممكنات مرتبطة بها ارتباط فاعل بقابل، ومؤثر. في الطلب من الجهتين، والارتباط في الحيثيتيّن، ففي الآية حذف الواو مع معطوفها للعلم به عند العلماء بالله تعالى ، والنكتة في هذا الحذف أنه تعالى عبّر بالفقر في حق الناس، فعلّمنا الأدب القولي، كما هو واقع في آيات كثيرة، ولذلك فسرنا نحن الفقر بالطلب، حتى لا ينفر السامع لذلك في حقّه تعالى ـ، وإن كان من هو أعلم وأفضل وأكثر أدباً عبّر بالافتقار في الجهتين، حيث يقول في الفصوص:

فالكل مفتقر ما الكل مستغني

 

هذا هو الحق قد قلنا فلا نَكْنِي

فالكل بالكل مربوط وليس له

عنه انفصال، خذوا ما قلته عني

غير أن بين الطلبين والافتقارين بوناً بعيداً، فلذا وردت الآية بصيغة الحصر، أي أنتم الفقراء، الفقر الحقيقي، لا الأسماء التي تطلبكم لتفعل وتؤثر فيكم، لأن معنى طلب مرتبة الألوهية للناس وغيرهم إنما هو لتظهر آثار الأسماء بظهور مؤثراتها، فإن ظهور الأثر مستلزم ظهور المؤثر ضرورة. وإنما كانت المرتبة طالبة لأن للحق تعالى كمالين: كمال ذاتي وكمال أسمائي. فالكمال الأسمائي موقوف ظهوره على ظهور الأسماء بظهور آثارها، فإن محيي ومميت، وقادر ومعطي، وخالق ومصور، من غير ظهور آثارها قوة وصلاحية لا فعلاً، فهي تطلب الخروج من القوّة والصلاحية إلى الفعل، وليس الارتباط بين الأسماء والعالم والطلب المذكور موقوفاً على وجود العالم، كما قد يتوهم.

بل الناس والعالم جميعه مفتقر إلى الله، أعني مرتبة أسماء الألوهية وجوداً وتقديراً، حال العدم وبعده أزلاً وأبداً، ولهذا كانت أسماؤه تعالى قديمة أزليّة.

﴿وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾[فاطر: 35/ 15].

لفظة "هُوَ" تأكيد لأن الله هنا اسم الذات، لا باعتبار مرتبة، فهو اسم جامد غير مشتق، أي الذات الذي هو الغيب المطلق، غني عن الناس وعن جميع العوالم، وعن الأسماء وعن الوصف، بالغنى والحمد، ولكن لضرورة التفهيم وصف ل بالأصالة. وهذا هو الكمال الذاتي والغنى المطلق، وهو تعالى في هذا الكمال الذاتي يشاهد جميع كمالاته الأسمائية شهوداً علمياً غيبياً جمعيّاً، فهي كمالات مستهلكة في الذات غير متميّزة عنها، يشهدها شهود مفصّل في مجمل، كشهود النخيل الكثير والثمار والأغصان في النواة الواحدة، ﴿وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ ﴾[ النحل: 16/ 60].

فلفظة "الله" في صدر الآية مثل لفظة الإله في الكلمة المشرفة، كلمة الشهادة، ولفظة "الله" في عجز الآية مثل لفظة الله الواقعة بعد أداة الاستثناء، فأين ما ذكرناه من التغير بين لفظتي "الله" في الآية مما ذكره المتكلمون في كلمة الشهادة، من الكلّية والجزئية وغير ذلك، فم أبرد الحقائق على أكباد القلوب المنّورة وما ألذها!!


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!