موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


195. الموقف الخامس والتسعون بعد المائة

قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً﴾[الكهف: 18/ 60].

في هذه القصة عدة مسائل تتعلق بالشيخ والتلميذ، منها أنَّ الشيخ ولو بلغ ما بلغ من العلم عند نفسه وعند أتباعه، وسمع بمن هو أعلم منه، فينبغي له أن يرحل إليه ليزداد علماً، ويستفيد حكمة، فهذا موسى (صلى الله عليه وسلم) الحائز لكمالات النبوة والرسالة، لما أ خبره الحق تعالى بأن الخضر (عليه السلام) ، سأل السبيل إلى لقياه، فجعل الله له الحوت آية، وقال له: إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه، والقصة في صحيح بخاري.

ومنها: أنَّ الشيخ لا يردّ من جاءه يطلب علماً، ولو عرف عدم استعداده لما طلب، فإن الخضر (عليه السلام) عرف عدم صبر موسى (عليه السلام) أوّل ما لقيه، فقال: ﴿إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً﴾[الكهف: 18/ 67].

وبعده أخذ عليه العهد، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ﴾[الأعراف: 7/172].

﴿وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ﴾[الأعراف: 7/102].

ومنها: أن للشيخ إذا رأى الطالب أخلّ بشيء ممّا اشترطه عليه أن يذكّره الشرط و العهد، فإذا اعتذر التلميذ قبل عذره أولاً وثانياً، فإن الخضر قبل عذر موسى عليه السلام لما اعتذر بالنسيان، وقبل عذره ثانياً.

ومنها: أنَّ للشيخ أن لا يطرد الطالب إذا عاد إلى الإخلال بالشرط ثانياً، وإن لم يذكر عذراً، إذا رأى منه انكساراً، فإن موسى (عليه السلام) اعتذر أولاً بالنسيان. وثانياً لم يذكر عذراً، ولكنه اشترط على نفسه فقبله الخضر(عليه السلام).

 ومنها أن للشيخ أن يفارق الطالب إذا أحلَّ بالشرط ثالثاً. فلذا قال الخضر في الثالثة: ﴿ {قَالَ هَذَ فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ﴾[الكهف: 18/ 78].

ومنها: أنه يلزم التلميذ بالصبر والثبات، وعدم تزلزل العقد في الشيخ إذ رأى من الشيخ قولاً أو فعلاً خالف فيه الحق والأمر الشرعي، فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: كما في صحيح البخاري: ((وددنا أن يكون موسى صبر حتى يقص الله علينا من أمرهما)).

ومنها : أن التلميذ إذا ساء ظنه بالشيخ فالأولى له أن يفارقه، وبقاؤه معه بعد تزلزل عقيدته فيه نفاق وضرر محض. فلهذا قال: (صلى الله عليه وسلم) : كانت الثالثة عمداً، يعني المسألة الثالثة من موسى.

ومنها: أن للشيخ إذا عزم على فراق التلميذ، لإنكار التلميذ على الشيخ، أن يبين للتلميذ وجه ما أنكره من الشيخ في قول أو فعل، ولهذا قال الخضر لموسى عليهم الصلاة والسلام

﴿سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً﴾[الكهف: 18/ 78].

وأما إذا صبر المريد حينما يرى من الشيخ ما يجهل وجه صوابه وما تغّير عقده في الشيخ، فإنَّ الله تعالى سيرحمه بكشف حجاب جهله، فيعلم وجه ماكان صدر من الشيخ من قول أو فعل، ويظهر له صوابه، ويجده الحق الذي لا محيد عنه.

ومنها: أنه يجب على التلميذ أن لا يقول للشيخ: "لم"؟ ول "كيف"؟ في كل ما يصدر من الشيخ من أمر أو فعل أو ترك، ولهذا قال الخضر لموسى (عليه السلام) : فلا تسألني عن شيء فعلته لم فعلته؟ ولا عن شيء تركته لم تركته؟ ولكن قل: له وجه أنا جاهل به.

ومنها : أنَّ لمن أخذ علماً من غير طريقه المعتاد بين الناس، أن يبيّن مأخذه بشرط الاضطرار إلى البيان، ولذا قال الخضر (عليه السلام) وما فعلته عن أمري، بل عن أمر ربّاني ورد على كياني، وأمَّا إذا لم يضطر للبيان فليس له أن يبيّن طريق أخذه، وكيفية تلقيهن وإنما عليه بيان العلم الذي ورد عليه فقط إذا أمر بالبيان.

ومنها: أن الطالب، مادام لا يجد في طلبه نصباً، ولا يحس في سفره تعباً فهو مطلوب محمول مراد، فإذا أحسّ بشيء من ذلك بعد فقد تبدّلت حالته. فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال وهو في الصحيح: «لم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر به»

ومنها: أن العالم الربّاني، إذا أنكر عليه متشرّع، ليس من أهل طريقته لا يشغل نفسه به، ولا رده، بل يشتغل بواجب وقته في ظاهره، وباطنه، ولا يلتفت. وإن كان ولابدَّ فليقل كما قال الخضر لموسى عليهما السلام: أنت على علم علّمكه الله، وأن على علم علمنيه الله.

ومنها: أن للمشرع الصادق المخلص المحتسب، أن ينظر على الصوفي ما ينكره ظاهر الشرع، ولكن في الأشياء المجمع عليها،  لا في الخلافيات، مع اعتقاد كمال الصوفي الباطن، فإن موسى أ نكر على الخضر (عليه السلام) ما خالف ظاهر الشرع. ولاشكَّ أنه كان يعتقد أكمليته وأعلميته ضرورة، لأن الله تعالى أخبره أن الخضر أعلم منه، إذ المتشرّع طريقه أخصّ، فله أن ينظر على الصوفي. والصوفي طريقه أعم، فليس له أن ينظر على المتشرّع. إلا غير هذا من العلوم التي تشير إليها هذه القصة.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!