موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


192. الموقف الثاني والتسعون بعد المائة

قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾[النحل: 16/ 98].

أي إذا قرأت القرآن، ثم نزلت إلى قراءة الفرقان فاستعذ، لأنَّ حضرة القرآن حضرة الجمع والوجود حضرة الذات الجامعة الأحدية، وهو حال شهود حق بلا خلق، وهو المعروف عند سادتنا (رضوان الله عليهم) بوحدة الشهود؛ وهذه الحضرة لا شيطان فيها. ثم بعد قراءة القرآن، رجعت إلى قراءة الفرقان، مقام شهود خلق قائم بحقّ وهو المعروف عند السادة بوحدة الوجود، حضرة الصفات والكثرة الاعتبارية، فحينئذٍ يلزمك بعد قراءة القرآن والرجوع إلى الفرقان، ملاحظة الحكم الإلهية، ومراعاة الأسباب والوسائط، حسب أمر الشارع بذلك، فتتّقي ما أمرك باتّقائه، وتسلك حيثما سلك بك، فإنه جعل للخير أسباباً وللشر أسباباً، ومن جملتها الشيطان الرجيم، فإنه مظهر الإضلال والإغواء، فاستعذ بالله وتحصّن منه به تعالى. ثم أخبر تعالى أنَّ الشيطان ليس له سلطان وغلبة بقوته الذاتية، على الذين آمنوا وصدّقوا بأن لا ضار ولا نافع ول هادي، ولا مصل إلاّ هو تعالى، وأنه الخالق للشر والخير، المنفرد بإيجاد كل شيء وحده لا شريك له، فالآية مشيرة إلى أن المستعاذ به هو المستعاذ منه، ولذا قال السيد الكامل (صلى الله عليه وسلم) في الخبر الذي أخرجه أصحاب السنن الأربعة: ((بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء))

أي أستعيذ باسم الله، فذكر المستعاذ به، وما ذكر المستعاذ منه، إشارة إلى أنه هو هو، فيستعاذ بأسماء الرحمة و الجمال، من أسماء القهر و الجلال، فذكر الله الاسم الجامع لما يستعاذ به، ويستعاذ منه، ثم زاد الإشارة إيضاحاً بقوله: ((الذي لا يضر مع اسمه))، الضار شيء ممّا ينسب إليه الضرر من شيطان ومن كلّ ما ذر وبرأ في الأرض وفي السماء، فلا تأثير لمخلوق في ضرر مخلوق أصلاً،

﴿َعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾[الأنفال: 8/ 2]. [العنكبوت: 29/59]، [النحل: 16/99]، [الشورى: 42/36]جعلوه وكيلهم حسب أمره لهم بقوله: ﴿وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ ﴾[المائدة: 5/ 23].

فجعلوه القائم منهم بجميع مهماتهم، واستكفوا به فكفاهم، ثم أخبر تعالى على طريق الحصر : أن الشيطان إنما قوّته وسلطانه بتسليط الله وإقداره على الذين يتولونه. توليتهم إياه بمعنى اشتغالهم به اشتغال الولي بوليه، والصاحب بصاحبه. إمَّا محبة ورضى بما يلقيه، كالكافر الصريح، أو خوفاً من شره، كحال المحجوبين من العباد والزهاد، الذين هم دائماً يترصدونه خوفاً منه، والذين هم به مشركون، أي جعلوا الشيطان شريكاً له تعالى ـ، في إيصال الضرّ والشرّ، ولولا هذ ما خافوه كل الخوف. فإنه تعالى يقول: ﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾[آل عمران3/ 175].

فلهذا أسلمهم الله إلى الشيطان، وجعل له سلطاناً وغلبة عليهم، ولذا ورد في الخبر: «من خاف من شيء سلّط عليه».

أي جعل الله تعالى له سلطة وغلبة عليه، لأن من خاف مخلوقاً فقد أدخل نفسه تحت حكمه، وجعله ملحوظاً له، فيعاقبه الله تعالى على ذلك بتسليط ذلك المخوف عليه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!