موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


171. الموقف الواحد والسبعون بعد المائة

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴾[القمر: 54/ 54].

التقوى جنس تحته أنواع وأصناف، والمتقون هنا هم الذين اتقوا حقيقة التقوى، فـ "ال" في المتقين للكمال، جعلوا وجوده تعالى ستراً لهم، مزّقو حجب الأكوان والأسماء والمراتب، إلى أن وصلوا إلى عين حقيقتهم، فكانوا متقين بها، وكانت لهم مجنّاً من دون كل متقى.

في جنّات، ستور غابوا من ورائها، فكان دونهم، وهي أستار الأكوان والأسماء، فهم العرائس المخدّرات، ضنائن الله من خلقه لا يراهم إلا َّمحرم من حيث ظواهرهم. وأما من حيث بواطنهم فلا يراهم إلاَّ الله، فإنهم لا يبدون من زينتهم، التي هي الخصوصيات الإلهية، و الكرامات العلمية العرفانية إلاَّ ما ظهر منها، وهم الذين دعاهم ربّهم إلى دخول جنّته، وهي ذاته، لسابق عنايته بقوله: ﴿ يَا أَيَّتُهَ النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً{28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي{29} وَادْخُلِي جَنَّتِي{30}﴾[الفجر: 89/ 27- 30].

و"نهر" سعة وإطلاق وفضاء لا حدّ ولا قيد ولا حصر، ما حدّدتهم حدود الأكوان، ولا قيّدته مقيود الأسماء والصفات، ولا حصرتهم المراتب، جاوز القضاء والقدر، فلم يكونوا تحت حكمه، بل القضاء والقدر تحت حكمهم.

(في مقعد صدق) الإضافة بيانية في المقعد الذي هو الصدق، بمعنى الحق الثابت، وهي كناية عن القرب الذي لا يتصوّر قرب بعده، كقوله زيد منّي مقعد القابلة. وكل قرب قبله فليس بمقعد صدق، أي ليس بمحل الحق الثابت، إذ يجوز الانتقال عنه؛ إلاَّ هذا، فإنه محل قعود وثبوت لا حركة منه، فإنه الغاية القصوى للطالبين، وهو الموطن الأعلى محل الحقائق، حيث لا موطن ولا محل، بل شيء و احد لا مغايرة ول ممايزة، فمن وصل إلى هذا فقد وصل مقعد الصدق.

﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾[القمر: 54 / 55].

والعنديّة في حق هؤلاء المتقدمين مجاز، بل لهم العينية لا العنديّة آه آه.

ولو لا لجام الشرع قلتُ مالم يَقُلْ

ولكن لجام الشرع أحكم حكمة

لذاك تراني حائِمَاً وَمُمَوهً

 

بأية لفظة تناسب حكمتي

ومن لم يصل إلى هذا الذي نقول عنه بنفسه، فمن المحال أن يوصله إليه غيره، فإن المخبر ولو بالغ في الإيضاح والبيان غاية ما يمكن لا يزيد السامع الجاهل رأساً إلاَّ حيرة وإبهاماً، لأن الألفاظ وضعت للمعاني المتواضع عليها بين المتكلّم والمخاطب،  فيتكلّم المتكلّم بم في نفسه، فيعرفه مخاطبه، والمعاني ليست محصورة، بخلاف الألفاظ. فإنَّها محصورة متناهية في كل لغة، فإذا كان المعنى، ممّا لم يوضع له لفظ يدل عليه فيحتاج المتكلم في إفهام مخاطبه ما في نفسه إلى أن ينظر في الألفاظ المعروفة للمخاطب، ما يقارب أو يناسب بالمجاز أو الاستعارة أو الكناية أو نحو ذلك، فيعبر له به عن مراده، وربّم يكون المخاطب لا يلفت ذهنه إلى ذلك المعنى المراد المعّبر عنه بالمجاز ونحوه، أو يكون لذلك المعنى لفظ عند المتكلم يدل عليه، ولكن المخاطب لا علم له بذلك، فيكون مثل العربي مع العجمي، فيبقى ذلك المعنى كنزاً مطلسماً أو كنزاً ضاع مفتاحه، والباب مردوم، ولكن في الإخبار فوائد على كل حال. فلربما يكون السالك قارب الوصول إليه فيشم رائحته، بسبب ما وصله من الخبر، فيجد في الطلب. وربّما وصله فيتيقن أنه هو الذي كان سمع خبره، وربّما أفاد الإخبار السامع تشوقاً، فانبعثت همته، فإنَّ النفوس مجبولة على حبّ التشبه بأهل الكمال، فيما كان كمالاً عندها.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!