موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


144. الموقف الرابع والأربعون بعد المائة

قال تعالى: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا﴾[البقرة: 2/33].

أطلع الحق تعالى آدم (عليه السلام) على الأعيان الثابتة التي هي حقائق الأشياء الخارجية، فالأعيان الخارجية بمثابة الظلال لهذه الأعيان الثابتة. وإطلاعه عليها كان في الموطن الثاني من مواطن العالم المسمّى بظاهر العلم والوجود. فعرف من اطلاعه على الأعيان الثابتة الأسماء، أي أسماء الحق تعالى المتوجهة على إيجاد الأعيان الخارجية، إذ كل عين لها اسم يخصّها. والعارف يعرف الاسم الإلهي بأثره. فيكون الاسم كالروح، والأثر بمثابة الصورة. وهذه المعرفة دون معرفة آدم (عليه السلام) كما أن معرفة آدم (عليه السلام) دون معرفة محمد (صلى الله عليه وسلم) فبينهما فرقان. إذ محمد (صلى الله عليه وسلم) عرف الأسماء في موطنها الأول، وهو المسمّى بباطن العلم والوجود، حيث تسمّى شؤوننا، ثم نزل إلى الموطن الثاني الذي تسمّى فيه أعياناً ثابتة واستعدادات، ثم عرفها في موطنها الثالث حيث تسمّى أعياناً خارجيّة. فمحمد (صلى الله عليه وسلم) عرف الأصل، ثم تدلّى إلى الفرع، بخلاف آدم (عليه السلام) فإنه عرف الفرع ثم ترقى إلى الأصل. فبين المعرفتين من الشرف مابين الأصل و الفرع، شتان بين من يستدل به، وبين من يستدل عليه. وتعليم الحق تعالى الأسماء لآدم (عليه السلام) ماكان بدراسة ولا إنزال وحي ولا إرسال ملك، وإنما حصل له ذلك، بأن كشف لآدم (عليه السلام) عن إنسانيته التي هي حقيقته، فوجدها مجموع الأسماء الإلهية والكونية في مقام الفرق. وإلاَّ فالجميع أسماء إلهية. فما الكون جميعه إلاَّ أسماؤه تعالى . وإنما كانت حقيقة آدم بهذه المنزلة لكونها برزخاً جامعاً بين الوجوب و الإمكان، فهو البرزخ الجامع بين الطرفين المتقابلين. فعندم عرف آدم حقيقته قال للملائكة: إنكم ادّعيتم الكمال وقلتم نحن نسبح بحمدك ونقدّس لك، فأنبِئُوني بأسماء هؤلاء، أي خبروني بالأسماء الإلهية التي توجّهت على إيجاد هؤلاء الأعيان الخارجية المشار إليها، فالتفتوا إلى الحق تعالى التفات عجز و افتقار، وإنابة و اضطرار.

﴿ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا﴾[البقرة: 2/32].

فأمر الحق تعالى آدم (عليه السلام) أن يعلمهم تلك الأسماء: ﴿ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ﴾[البقرة: 2/33].

ليظهر فضل آدم (عليه السلام) عليهم عليهم السلام فضل الأستاذ على التلميذ. فلما أعلمهم آدم (عليه السلام) بأسمائهم،  عرفوا حينئذٍ أن هناك أسماء كثيرة ما عرفوها، ول نزهوا الحق تعالى عنها ولا سبّحوه بها. ولما علمهم ما علمهم من أسماء الأعيان الخارجية والمعاني، ما أخذوها كلها ذوقاً، ولكن أخذوا بعضها علماً ذوقياً، وبعضه علماً فقط، فإن الاسم الرزَّاق مثلاً يعطي الأرزاق الحسّية والمعنوية، وهم م ذاقوا إلاَّ الرزق المعنوي بالعلوم والأسرار، وما ذاقوا الأرزاق الحسّية، فإنهم ل يأكلون ولا يشربون،  وكالاسم التوّاب والستّار والغفّار، فإنهم إنما علموها علماً مجرداً عن الذوق، لأنهم ما ذاقو المخالفة والمعصية، إذ لا يعصون الله ما أمرهم، فهم معصومون، فلم يذوقوا التوبة منها، والمغفرة لها، والستر عنها، وكذا الاسم الخافض و الرافع، فإنهم ما ذاقو الخفض عن مقاماتهم ولا الرفع عليها، إذ لا ترقى للملك ولا نزول عن مقامه الذي خلق فيه أول خلقه، قال تعالى حكاية عنهم ومصدقاً لهم: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ﴾[الصافات: 37/ 164].

وأما المرتبة فقد ينزل الملك من مرتبة عليا إلى مرتبة أدنى، ومن هذ خوفهم في قوله: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ﴾[النحل: 16/ 50].

ومثل هذا كثير، وأمَّا آدم وبنوه فقد أخذوا الأسماء علماً ذوقياً حالياً ففازوا بالطريقتين. وظهرت فيهم الأسماء الجمالية والجلالية بالوجهين، لخلقه باليدين، وليس من ذاق كمن علم علماً مجرداً، فإن بين من علم أن الطعام يشبع الجائع، والماء يروي الظمآن، وما جاع ولا أكل ولا ظمئ ولا روي، وبين من جاع وشبع وعطش وروي فرقان عظيم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!