موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


113. الموقف الثالث عشر بعد المائة

﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾[الأعراف: 7/ 180].

من البين المعروف عند أهل اللغة و العقل: أنَّ الاسم ما عيّن المسمّى وميّزه عن غيره، وهو عند أصحاب الكشف والشهود: كل ما ظهر في الوجود، وامتاز من الغيب على اختلاف أنواع الظهور والامتياز، وهو في التحقيق: التجلي المظهر لعين الممكن، الثابتة في العلم. والحق تعالى ما ميزته هذه الأسماء،  التي يقال إنها حسنى، إذ قد شاركته في التسمية بها المحدثات. فإنه يقال في غيره تعالى إنه حي متكلّم قادر عليم إلى آخر الأسماء الحسنى. وسمّى تعالى نفسه، ونعتها في كتبه، وعلى ألسنة رسله، بأسماء المحدثات ونعوتها، التي يقول فيها المتكلمون إنها ليست أسماء ولا نعوتاً له تعالى ـ، ويؤوّلونها. ومن جملة الأسماء الحسنى: "الظاهر" وهو تعالى ـ، ما ظهر لنا في العموم حتى نعرفه ونميّزه بهذا الاسم، فأين التمييز بهذه الأسماء الحسنى المحصورة في التسعة و التسعين؟ فما بقي إلاَّ أنَّ كلَّ ما يقال فيه غير الله وسوى الله هو مسّمى باسم خاص، ومنعوت بنعت خاص، لا يشاركه فيه غيره من المحدثات. فهو تمييز محدث عن محدث. والله تعالى له جميع الأسماء والنعوت التي يقال فيها حسنى، والتي يقال فيها غير حسنى، وتكون كلّها حسنى إذا نسبت إليه تعالى فالحسنى صفة كاشفة لا مخصّصة. فما كان تميزه تعالى إلاَّ بجمع الأسماء جميعها والنعوت كلّها، وغيره ليس له ذلك. ومع هذا فلا يسمّى ولا يطلق عليه إلاَّ ما أطلقه على نفسه من أسماء المحدثات ونعوتها، أو أطلقته عليه رسله (عليهم الصلاة والسلام) الذين هم أعرف به، كما أنه لا يسمى غيره تعالى إلاَّ باسمه الخاص به، الموضوع له، فما كلّ حق يقال. فهو تعالى عين كل مسمّى بكلّ اسم، وعين كل منعوت بكل نعت، وبهذا تميّز. فهو عين الكلّ وليس الكلّ عينه، فما تميّز تعالى عن شيء، ولكن الأشياء تميّز بعضها عن بعض تميّز الأسماء بعضها عن بعض، والذات جامعة للكل. يشير إلى هذا قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ﴾[فاطر: 35/ 15].

أثبت تعالى الافتقار إليه لا إلى غيره، ونحن نجد افتقار المحدثات بعضها إلى بعض ضرورة، فدلَّ ذلك على أن كل مفتقر إليه هو الله لا غيره.

﴿ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ﴾

أي اتركوا وباعدوا الذين يلحدون، أي يميلون عن الأسماء، التي يقال إنه غير حسنى، إلى الأسماء التي يقال إنها حسنى، ويخصونه بها دون غيرها، ممّا ورد من الأسماء والنعوت، التي أطلقها الحق تعالى على نفسه، أو أطلقتها رسله (عليه السلام) والمراد بالملحدين هنا الذين يؤوّلون ما ورد في الكتاب والسنّة، ول يؤمنون به، على مراد الله تعالى ومراد رسله (عليه السلام) فهم يلحدون في أسمائه ويميلون عن أسماء ا لتشبيه التي هي تجلّيه تعالى باسمه الظاهر، إلى أسماء التنزيه التي هي تجلّيه باسمه الباطن، فلا يشهدونه ويعرفونه إلاَّ في التنزيه، وماهو تنزيه عند المحقّق، ولهذا يتعوَّذون منه تعالى في القيامة، حين يقول لهم: أَنَّا رَبُّكُمْ.

فلو لم يلحدوا، ووقفوا في نقطة الاعتدال، كما هو الأمر عند السادات العارفين بالله تعالى تنزيهاً وتشبيهاً، ما أنكروه في تشبيه ولا تنزيه، فعرفوه في جميع التجليات، الظهور والبطون، سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾[الأعراف: 7/ 180]. ومن أشر جزائهم وأشده عليهم انحجابهم عن معرفته تعالى في الصورة الشهادية الدنياوية، وفي الصور الأخراوية، في القيامة في ذلك الموقف الحافل الهائل.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!