موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


105. الموقف الخامس بعد المائة

قال تعالى: ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾[المائدة: 5/ 54].

علم: أن محبة الحق تعالى لمخلوقاته على أنواع، نوع قبل خلقهم، ونوع بعد خلقهم، وهي على نوعين: نوع للخاصة، ونوع لخاصة الخاصة، أما النوع الأول من المحبة فهو عام في جميع المخلوقات على اختلاف أجناسها وأنواعها وأشخاصها، وهو قوله في الخبر المشهور عند القوم: «كنت كنزاً مخفياً، فأحببت أن أعرف فخلقت خلقاً وتعرفت إليهم فعرفوني بي».

وهذه المحبة هي السبب الأول لوجود العالم، قال: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات: 51/ 56].

أي ليعرفون، وهذه المحبة المذكورة هي الميل إلى الظهور بالأسماء والصفات، وهو ذاتي ما تخلله اسم ولا صفة، إذ لا ظهور للأسماء في هذا الاعتبار. ثم سرى هذا الميل ومحبّة الظهور في جميع الأسماء الإلهية فطلبت الظهور بظهور آثارها، وقد كانت مست جنة في الذات، مستهلكة في الأحديّة، ثم لما خلقهم عرفوه كما أراد، لأن خلاف الإرادة محال، وعرفه كل نوع من المخلوقات، على قدر ما أعطاهم من معرفته وم استعدوا له من ذلك، فأمَّا الملائكة فكل ملك نوع بانفراده، له مقام ومرتبة كسائر أنواع المخلوقات ومراتبها، لا ينزل عنها و لا يتعداها. ولهم قبول زيادة العلم بالله تعالى ـ. فإنها لا شك قد ازدادت علماً بما علمهم آدم (عليه السلام)، من الأسماء كما أخبرنا تعالى بذلك في كتابه، وأما الجماد و الحيوان من غير الإنسان فمعرفتهم فطرية لا تزيد ولا تنقص، فكل له مقام معلوم لا يتعداه في المعرفة. وأما الإنسان فله معرفة فطرية متجددة، وتجدّدها إنما هو بالنسبة لظاهره، أعني نفسه وعقله، وإلاَّ فالعلوم كلها مركوزة في حقيقته، تظهر آناً بإرادته تعالى ـ، لأنَّ الحقيقة الإنسانية موجودة في الجميع، وكل إنسان، بما هو إنسان، قابل لرتبة الإنسان الكامل، ولكنهم متفاوتون في ظهور آثار الإنسانية.

وأمَّا النوع الأول من نوعي المحبة الخاصة فهي محبته تعالى لبعض خواص عباده، كقوله: ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾[البقرة: 2/ 222].

المتطهرين، الصابرين، الشاكرين، المتوكلين،

﴿الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾[الصف: 61/4].

إلى غير ذلك من أنواع المحبوبين الذين اتصفوا بصفات خاصة، أو جبت لهم محبّة من الحق تعالى ـ، ولكنها محبة على الحجاب وشهود البعد. وهذه المحبة هي المنفية عن أقوام مخصوصين كقوله: ﴿وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾[آل عمران3/ 57 و140].﴿فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾[آل عمران: 3/ 32].

لا المحبة الأولى.

أما النوع الثاني من نوعي المحبة الخاصة فهي المحبة المشار إليها بقوله تعالى:

((لا يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره....)).

الحديث بطوله. أي كشف له أن هوية الحق تعالى هي حقيقة قواه الظاهرة والباطنة، وهذا النوع من المحبة على كشف من المحبوب، وثمرته ظاهرة في الدنيا، لأجل ما يحصل له من المشاهدة والرؤية، على التخييل، أو في الأشياء والعلوم الذوقية بأنواع التحف.

وأما النوع الذي قبل ه ذا من المحبة فهو على الحجاب، باعتبار شهود صاحبه للغيرية و الاثنينيّة، ولا تظهر ثمرته إلاَّ في الآخرة، ولذا قال في الحكم العطائية:

((خرج العباد والزهاد من الدنيا وقلوبهم مشحونة بالأغيار)).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!