موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

13 - مسألة [13]

وبهذ الوجه الذى ذكرناه لا يكون اثرا الا للألوهية لانه بذلك الوجه ظهرت هذه الآثار عن الاكوان كلها فى الاكوان (وقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُو إِلاّ إِيّاهُ) قضاء صحيحا (وإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فلو لا هذا السريان الدقيق والحجاب العجيب الرقيق والستر الاخفى ما عبدت الألوهية فى الملائكة والكواكب والافلاك والاركان والحيوانات والنباتات والاحجار والاناسى اذ الألوهية هى المعبودية من الموجودات فاخطأوا فى الاضافة من وجه لا غير ولكن كان فى ذلك الوجه شقاوة الابد فالمحقق تحقق ذلك الوجه ورفع الخطأ من جهة العقل لامن جهة الحكم فان النظر الالهى كان تمكنه من هؤلاء المعبودين اكبر من غيرهم فربط الآثار بهم فظهرت عندهم ليضل من يشاء ويهدى من يشاء وربما ارتفعت طائفة عن مدرج نسبة الالوهية لهم مطلقا ولحظت الوجه الخفى فقالت ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى فاتخذوهم حجبة ووزراء نعوذ بالله ولكن هى اشبه من الاولى ولو رأت هذه الطائفة هذا الوجه من انفسها ما عبدت الالوهية فى كون خارج عنها بل كانت تعبد نفسها ولكن ايض لتحققها بها ووقوفها مع عجزها وقصورها واتلافها لم نتمكن لها ذلك ولو لاح له ما ذكرناه ما اختصت بعبودة الالوهية فى كون بعينه ومحصول ما قلناه ان الالوهية هى المعبودة على الاطلاق لا الاكوان ولهذا قال (وإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ وقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ) وقضاؤه غير مردود فمن وقف على هذه الوجوه الالهية من الاكوان فم يصح عنده ان يعبده كون اصلا ومن لم يعرفها ولا يشاهدها تعبده وجه الحق فى الكون لا الكون وبهذا القدر يعاقب ويطلق عليه اسم الشرك.