موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

نظرية الجوهر الفرد:

مفهوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي للزمن والخلق في ستة أيّام

دراسة وتأليف: د. محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع باللغة الإنكليزية مخصص للدراسات حول نظرية الجوهر الفرد وازدواجية الزمان


الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية

سبب الاختلاف


فيقول ابن العربي إنّ الشهر الشمسي والسنة الشمسية المعروفان عندنا والمستخدمان في التقويم مأخوذان من حكم النظر والمراقبة لحركة الشمس في حين أنّ أيّام العرب أعني شهور العرب فإنها مقسمة بسير القمر فهي مقسمة بتقسيم الله لا بتقسيمنا، فلما ظهرت السنة بقطع الشمس هذه البروج كذلك ظهر الشهر العربي بقطع القمر هذه البروج؛ فالشهر الإلهيّ ثمانية وعشرون يوماً وشهر الرؤية والتقدير بحسب الواقع،[296] فالشهر والسنة كما يعرّفهما ابن العربي لا يمكن استخدامهما في التقويم ولكنّهما يعبّران عن الحركات الأساسيّة التي حصلت في العالَم عندما خلقه الله تعالى؛ فالسنة التي هي ثلاثمائة وستين يوماً لا تساوي اثنا عشر شهراً من شهور القمر ذات الثمانية والعشرين يوما ولا من شهور القمر المشهودة ولا كذلك من شهور الشمس، فهذه الدورات التي يتحدّثُ عنها ابن العربي ليست لأغراض تقويميّة بل هي الأحداث الفعليّة في الزّمن التي بدأت عندما خلق الله تعالى هذا العالَم. علاوة على ذلك، يُوضّح ابن العربي أنّ هذه النسبة غير الصحيحة مُقدّرة وضرورية من أجل سعة الخلق، لأنّ الخلق مبنيٌّ على التنوّع في التكوين ومع النِّسب الكاملة لا يُمكنُ أن يحدث ذلك، لذلك يجب أن يكون هناك أعداد صحيحة وكسوراً.[297]

إن سبب الاختلاف بين السنة الشمسية (365.25 يوماً) والشهر القمري (29.53 يوماً) المعتادين والشهر والسنة كما يعرّفهما ابن العربي قد يكون بسبب تداخل الحركات المختلفة للشمس والأرض والقمر؛ فبينما تدور الأرض حول محورها تدور أيضاً حول الشمس، وبينما يدور القمر حول الأرض يتحرّك أيضاً مع الأرض حول الشمس. فهذه الحركات المتداخلة قد تفسّر هذا الاختلاف؛ فعلى سبيل المثال، إذا أردنا أن نقيس فترة دوران القمر بالنسبة إلى النجوم الثابتة (وهذا يدعى شهراً قمرياً دورانياً) فسنحصل على 27.32يوماً (وليس 29.53 كما هو الشهر القمري الاقتراني). إنّ الشهر القمري الإلهي الذي يتحدّث عنه ابن العربي هو ثمانية وعشرون يوماً لأنّه يقاسُ بالنسبة للبروج (أي المجرات البعيدة) أو في الحقيقة بالنسبة للفلك الأطلس، وليس بالنسبة إلى الشمس أو النجوم،[298] لأنّها ليست ثابتة في الحقيقة.[299]

كذلك يجب أن نعرف أنّ طول اليوم المعتاد عندنا يتفاوت من مكان لآخر على الأرض ومن الصيف إلى الشتاء على مدار السنة، وكذلك تتفاوت السنة الشمسية الطبيعية والشهر القمري الطبيعي بعض الشّيء من زمن لآخر بسبب تأثير جاذبية الكواكب والنجوم الأخرى التي تغيّر مواقعها داخل وخارج النظام الشمسي، على التوالي. وهكذا فاليوم الشمسي المتوسط في عام 2000 كان حوالي 1.7 جزء من الألف من الثانية أطول منه في عام 1900، وهو لا يزال يزدادُ طولاً ببطء شديد.

وهناك تلميح محتمل في القرآن إلى مثل هذه التغيرات الطويلة الأجل في طول السّنة والشهر، حيث إنّ الله تعالى يقول في سورة التوبة: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ ... (36)﴾، أي يُمكنُ أن تكون السنة بدأت كاثني عشر شهراً كُلّ منها ثمانية وعشرون يوماً ثمّ تغيّرت إلى الوضع الحالي مع مرور الزّمن وتباطؤ حركة الأرض فأصبحت السنة الشمسية أطول من ثلاثمائة وستين يوماً وأصبح الشهر القمري أطول من ثمانية وعشرين يوماً.

وبهذا الخصوص يجبُ أيضاً أن نُلاحظ أنّ هناك اسمان للسنة في اللغة العربية يبدو أنّ لهما معانٍ مختلفة هما السنة والعام بالرغم من أنهما حالياً يُستعملان سوّية للإشارة إلى السنة، ولكن يبدو حتى من المعنى الاشتقاقي لهما ومن كلام ابن العربي وكذلك القرآن الكريم أنّ كلمة سنة تعني السنة الأصلية وهي ذات الثلاثمائة وستين يوماً، بينما كلمة العام تعني الفترة التي تحتاجها الأرض لتعمّ بحركتها أرجاء الفلك أي لكي تدور دورة كاملة حول الشمس. وفي القرآن الكريم يُميّزُ الله تعالى بين هاتين الكلمتين العربيتين في آية واحدة في قوله في سورة العنكبوت: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)﴾.


[296] الفتوحات المكية: ج3ص548س27.

[297] الفتوحات المكية: ج2ص440س7.

[298] الفتوحات المكية: ج1ص656س13.

[299] الفتوحات المكية: ج3ص549س3.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!