موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

نظرية الجوهر الفرد:

مفهوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي للزمن والخلق في ستة أيّام

دراسة وتأليف: د. محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع باللغة الإنكليزية مخصص للدراسات حول نظرية الجوهر الفرد وازدواجية الزمان


الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية

أهميّة الأسبوع والخلق في ستّة أيّام


يقول ابن العربي في الباب الستين في معرفة العناصر وسلطان العالَم العلوي على العالَم السفلي وفي أي دورة كان وجود هذا العالَم الإنساني من دورات الفلك الأقصى:

إنّ العناصر أمّهات أربع

وهي البنات لعالَم الأفلاكِ

عنها تولَّدنا[262] فكان وجودنا

في عالَم الأركان والأملاكِ[263]

جعل الإله غذاءنا بسنابلٍ

من حُكم سنبلة[264] بلا إشراكِ

وكذاك ضاعف أجرنا بسنابلٍ

سبعٍ بقولٍ[265] ليس من أفّاكِ

وزماننا سبعٌ من الآلاف

جا بتكرّر الأضواء والأحلاكِ

فانظر بعقلك سبعةً في سبعةٍ

من سبعةٍ ليسوا من الأملاكِ[266]

وانظر بفكرك في تناسب حكمها

واضرب بسيف صارم بتّاكِ

فيؤكّد ابن العربي أنّه على الرغم من أنّنا نشهد العديد من الأيّام المختلفة والتي قد تبدو متشابهة فيما بينها، فإنّها في النهاية ترجع إلى سبعة أيّام مختلفة هي أيّام الأسبوع، وذلك بحسب طبيعة الأحداث التي تحدث في كلّ يوم منها؛ حيث يقول إنّه في كُلّ يوم من هذه الأيّام السبعة (الأصليّة) يأمر الله الأفلاك السماوية فتتحرّك بشكل مخصوص ممّا يُسبّبُ الأحداث المختلفة في العالَم. ولكن في الحقيقة فإنّ هذه الأيّام السبعة الأصلية التي يتكلّم عنها الشيخ محي الدين ليست هي نفسها الأيّام المشهودة عندنا وإنّما هي مترابطة معها ومتوالجة بها بشكل معقّد سوف نناقشه بالتفصيل في الفصل الرابع، ولكنّ هذا التوالج هو الذي يجعلنا نرى أحداثاً مختلفةً في نفس اليوم في حين أنّ كلّ يومٍ من الأيّام الأصلية مختصٌّ بنوعٍ معيّنٍ من الأحداث كما سنفصّله بعد قليل.

فيؤكد ابن العربي في الفتوحات المكية أهمية هذا الأسبوع الأصلي والمعاني المختلفة لأيّامه السبعة، التي تبدأ من يوم الأحد ثم الاثنين إلى يوم السبت؛ حيث يُوضّح بأنّ السّبت هو يوم الأبد وأنّ كُلّ أيّام الأسبوع، بما في ذلك يوم السّبت نفسه، تحدثُ في الحقيقة في يوم الأبد هذا! وهذه المفاهيم الغريبة لا يمكن فهمها إلا بعد فهم وجهة نظر ابن العربي حول التدفّق الفعلي للزمن والتي سنُوضّحُها في الفصل التالي؛ لكن في هذا الفصل سنُوضّحُ أوّلاً أصل ومعنى هذه الأيّام السبعة من الأسبوع الأصلي، ولماذا يجبُ أن تكون سبعة وما هي أهميةُ كُلّ يوم.

كذلك سنُوضّحُ في هذا الفصل مفهوم ابن العربي الفريد لعملية خلق الله تعالى للعالم في ستّة أيّام، من الأحد إلى الجمعة، ثم معنى استوائه سبحانه وتعالى على العرش يوم السبت وهو يوم الأبد كما أشرنا أعلاه؛ فيقول الشيخ الأكبر إنّ خلق العالَم في هذا الأسبوع يُقابلُ خلق المكان في ستّ جهات وبعد ذلك ظهور هذا الخلق في الزّمن في يوم السبت يوم الأبد. وهكذا فإنّ الأسبوع في الحقيقة هو الوحدة الأساسية للمكان والزّمان معاً، وبالتالي هو الدّهر كما وضّحنا في الفصل الثّاني.

إنّ هذا المفهوم المُتميّز لتوحيد المكان والزّمان يُضيفُ بُعداً مهمّاً إلى مفهوم النسبية ويظهر لأوّل مرّة في التاريخ بأسره أهميّة الأسبوع من الناحية العلمية والفلسفية.


[262] يصرّح ابن العربي في نفس هذا الباب أنّ تلك عندما الأفلاك السماوية لمّا دارت ومرّت على البروج فلما انتهى الحكم إلى السنبلة ظهرت النشأة الإنسانية بتقدير العزيز العليم. ثمّ يوضّح ابن العربي أنّ وقت حكم السنبلة سبعة ألاف سنة ثم ينتقل بعدها الحكم إلى الميزان ليبدأ العدل يوم القيامة (الفتوحات المكّيّة: ج1ص294س8). لكنّ ابن العربي يحاول دون كلل في هذا الباب أن يوضّح أنّ هذه الأبراج والملائكة الذين يحكمونها هم مجرّد عبيد لله تعالى.

[263] الأملاك هنا جمع ملَك من الملائكة وهم الملائكة الموكلون بالأفلاك.

[264] السنبلة هنا هي برج العذراء. راجع الشكل 3 في الفصل الأوّل.

[265] وذلك قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)).

[266] الأملاك هنا جمع ملِك من الملوك؛ أي أنّهم مسخّرون والمسخر لا يستحق اسم الملك، وذلك بعكس ما يتصوّره المنجّمون من أنّ هؤلاء الملائكة أو الأرواح هم الحاكمون على العالَم والملوك لأمره.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!