موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

نظرية الجوهر الفرد:

مفهوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي للزمن والخلق في ستة أيّام

دراسة وتأليف: د. محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع باللغة الإنكليزية مخصص للدراسات حول نظرية الجوهر الفرد وازدواجية الزمان


الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية

الزّمن في العلم الحديث


في العقود الأخيرة وبسبب الثورة العلمية في جميع المجالات وخاصة مجال الفيزياء وعلم الكون، تطورت رؤيتنا عن الزّمن بشكل كبير ودخلت مفاهيم جديدة كاختراق الزّمن باعتباره أصبح بعداً من أبعاد الزمكان الرباعي لا يختلف كثيراً عن أبعاد المكان الثلاثة التي ننتقل خلالها بسهولة. وعلى الجانب العملي فقد زادت دقّة حساب الزّمن بشكل كبير لأهميته في التنسيق بين الحركات المعقّدة للآلات مثلاً كالسيارات والطائرات والمراكب الفضائية التي أصبحت تستطيع أن تهبط على الكواكب البعيدة بدقة عالية وبزمن محسوب بدقة كبيرة، من أجل ذلك تطورت أدوات التوقيت كالساعات الالكترونية والذرّية والنجمية (pulsars). ولكن على الرغم من المفاهيم المجرّدة الجديدة حول الزّمن، مثل السفر عبر الزّمن وتحدب الزّمن التي جاءت بها النظريّة النسبيّة، فقد طغى المفهوم العملي للزمن على المفهوم الفلسفي، إذ رغم قدرتنا على الاستفادة من الدقة في حساب الزّمن في الأجهزة والآلات لم نستطع أن نكشف حقيقة الزّمن بل ربما زادت الأسئلة المطروحة حوله كما ابتعد الناس عن التفكير بحقيقته الفلسفية بعدما اندمجوا في الحياة وتعقيداتها اليومية التي تتجلى فيها الأهمية العملية للزمن من غير ضرورة واضحة لفهم معناه وحقيقته. ففي الحقيقة لقد أضافت النظريّات الحديثة للفيزياء وعلم الكون أسئلة وتناقضات جديدة حول الزّمن من غير أن تجيب بشكل مُرضٍ على الأسئلة المطروحة من قبل.

تعتبر نظريّة الحقول الكمّية ونظريّة النسبية العامة والخاصة من أهم النظريّات الأساسية الحديثة التي كان لها أثر كبير في الفيزياء. طبقاً لهذه النظريّات فإنّ الزمكان هو الفراغ الرباعي الأبعاد المؤلّف من مجموعة النقاط التي تقع فيها الأحداث الطبيعية، وليس هناك فرق بين الزّمان والمكان من حيث التعامل معه من الناحية الرياضية رغم اختلاف طبيعتهما؛ فليس هناك زمان فقط ولا مكان فقط بل هناك زمكان أي زمان ومكان ملتصقان معاً ككيان أو حقل واحد.

في عام 1908 كان عالم الرياضيات هيرمان مينكوفسكي، وهو معلّم آينشتاين، أوّل من أدرك أهمية الزمكان كفراغ واحد بدلاً من الزّمان والمكان، فهو يقول في إحدى محاضراته:

إن رؤيتي عن المكان والزّمان التي أريد أن أوضحها لكم قد نبعت من تربة الفيزياء التجريبية، حيث النتائج القوية والحاسمة، وبالتالي فإن فكرة الزّمان لوحده أو المكان لوحده بدأت تتلاشى وبدأت تبرز أهمية الإتحاد بينهما في حقيقة مستقلة تحفظهما معاً.[75]

يعتمد مينكوفسكي في هذا الاقتراح على حقيقة أنّ الأحداث الحقيقية تكون مستقلة عن المراجع أو الأُطُر التي نستقبلها فيها مما يعني أن ترتيب الأحداث حسب أقسام الزّمان الماضي والحاضر والمستقبل ليس حقيقياً، كما اقترح مك- تكارد كما رأينا أعلاه.

فعلى عكس وجهة النظر النيوتونية الكلاسيكية، تعتمد فترات الزّمن كثيراً على مرجعية الإسناد التي يعتمدها المراقب. ففي الميكانيكا الكلاسيكية، وأيضا حسب الحسّ العام، إذا كانت الفترة الزّمنية بين ومضتين ضوئيتين 100 ثانية على ساعة شخص ما، فإنها ستكون كذلك على جميع الساعات بغض النظر عن حالتها وحركتها. ولكن آينشتاين رفض هذا الحسّ العام في نظريّة النسبية الخاصّة التي اقترحها سنة 1905 حيث أعلن أنّ فترة الزّمن (والمسافة) بين حدثين تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على المرجع الذي يقيس منه المراقب. فيقول آينشتاين إنّ كلّ مرجعٍ له زمنه المعيّن الخاص؛ وما لم يحدد لنا المرجع الذي نقيس عنده الزّمن فليس هناك أي معنى لزمن الحدث.[76]

وهكذا فإنّ كلّ مرجع يقسم الزمكان بشكل مختلف إلى الزّمان والمكان، ويظهر الفرق بشكل واضح بين المراجع التي تتحرك بالنسبة إلى بعضها البعض بسرعات كبيرة قريبة من سرعة الضوء، في حين أنّ المراجع التي هي ساكنة أو شبه ساكنة بالنسبة إلى بعضها البعض تبدو جميعها متساوية ومتكافئة عندما تقيس الزّمان ولهذا لا نلاحظ الفرق في الحالات العادية. لقد فتحت نسبية الزّمان هذه الأبواب أمام الخيال العلمي عن إمكانية الرجوع بالزّمن إلى الوراء كما نفعل بشكل اعتيادي في المكان، ولكنّ ذلك لم يحصل في الواقع أبداً رغم أن بعض المعادلات الرياضية تسمح به من حيث المبدأ.


[75] انظر في:

A. Pais,Subtle Is the Lord: The Science and the Life of Albert Einstein(New York: Oxford University, 1982), p. 152.

[76] انظر في الفصل التاسع "النسبيّة والآنيّة" في:

A. Einstein,Relativity: The Special and General Theory, trans. Robert W. Lawson (New York: Henry Holt, 1920).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!