موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

نظرية الجوهر الفرد:

مفهوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي للزمن والخلق في ستة أيّام

دراسة وتأليف: د. محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع باللغة الإنكليزية مخصص للدراسات حول نظرية الجوهر الفرد وازدواجية الزمان


الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية

الخاتمة والخلاصة


يقوم هذا الكتاب بدراسة مفهوم الزّمن والخلق عند الشيخ محي الدين ابن العربي ومقارنته بمبادئ الفيزياء الحديثة وعلم الكون؛ فوجدنا أنّ الشيخ محي الدين لديه رؤية فريدة ومتكاملة للزمن وآليّة الخلق في ستّة أيّام. وهذه الرؤية البديعة تصلح أن تكون أساساً لنظريّةٍ كونيّةٍ شاملةٍ من شأنها أن تحلّ العديد من المتناقضات الموجودة في النظريّات الحاليّة، وهي لم تُطرح أو تُناقش من قبله ولا من بعده حتّى وقتنا الحاضر.

فقمنا في الفصل الأوّل من الفصول السبعة التي يتضمّنها هذا الكتاب بتلخيص النظريّات الفلسفيّة والفيزيائيّة المختلفة حول الكون والزّمن بدءً من المدارس الفلسفيّة القديمة وحتى العصر الحديث. بعد ذلك قمنا في الفصل الثاني بشرح الخصائص العامّة لمفهوم الزّمن عن ابن العربي من أجل أن نركّز في الفصول التالية على أهمّ النقاط حتى نستطيع بناء نموذج كوني متكامل من خلال رؤية الشيخ الأكبر لعمليّة الخلق في ستّة أيّام كما ورد في العديد من الآيات في القرآن الكريم.

فوجدنا في هذا الفصل الثاني أنّه على الرُّغم من أنّ ابن العربي يعدّ الزّمن وهميّاً إلأنّه لا يزال واحداً من مركّبات الوجود الأربعة الأساسيّة وهي الزّمان والمكان والأعراضوالجوهر. ومن الناحية العمليّة يقول الشيخ الأكبر إنّ هناك نوعان من الزّمن هما الزّمن الطبيعي والزّمن النفساني وكلاهما يصدران عن النفس الكلّيّة التي تتّصف بالقوّتين: القوة العمليّة والقوّة العلميّة حيث إنّ الأولى مسؤولة عن الحركة وهي بالتالي أصلُ الزّمن الطبيعي، أمّا القوّة العلميّة فهي مسؤولة عن المعرفة ولذا فهي أصلُ الزمن النفساني. ثمّ يتكلّم أيضاً عن الزّمن النسبي والدوري والدائري ويقول بشكلٍ صريحٍ إنّ الزمن كمّيّة منفصلة وله حدّ أدنى هو اليوم الفرد أو يوم الشأن وهو اليوم الأصلي الذي عليه يكون الله تعالى كلَّ يوم هو في شأن. ولذلك نجد أنّ ابن العربي يهتمّ بالأيّام وأنواعها وعلاقتها مع بعضها البعض حيث يعطي تعاريف دقيقة لليوم والنهار والليل بالنسبة إلى الأرض ثمّ يعمّم هذه المفاهيم بالنسبة لبقيّة الأفلاك السماوية وكذلك الأسماء الإلهيّة حيث يقول إنّ كُلّ فلك سماوي حقيقي، وكذلك الأفلاك المعنوية الخاصّة بالأسماء الإلهيّة، لهُ يومُه الخاصّ الذي يمكن أن يكون صغيراً كاليوم الطبيعي على الأرض أو كبيراً كأيّام النجوم البعيدة أو حتّى لا نهائيّا بالنسبة للاسم الإلهي الدّهر الذي يعدّه ابن العربي الفلك المحيط بالعالَم والذي يحوي الزّمان والمكان معاً.

ثمّ يقول ابن العربي إنّ الزّمن الذي نشهده ونقيسه مختلف عن الزمن الأصلي الذي يُعطيه الترتيب الحقيقي المتسلسل لعمليّة الخلق التي تستغرق أسبوعاً حيث يخلق الله تعالى العالَم في ستّة أيّام من يوم الأحد إلى يوم الجمعة ثمّ يستوي على العرش في يوم السبت, ولكنَّ هذه الأيّام الأصليّة التي يعطيها تسلسل الخلق ليست هي الأيّام المشهودة التي نقيسها بل هي متوالجة معها بطريقة معقّدة تنتج عن بنية العالَم الفراغية ذات الستّة جهات.

من أجل ذلك رأينا أنّه لا بدّ من فهم الأصل الإلهي للأسبوع ولماذا هو سبعة أيّام تحديداً، فوجدنا أنّ ابن العربي يُرجع ذلك إلى الصِّفات الإلهيّة السبع التي تلزم وتكفي لكي يكون الله تعالى إلهاً خالقاً لهذا العالَم وهي: العلم والحياة والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام؛ فكلّ يوم من أيّام الأسبوع يصدر عن صفة معيّنة من هذه الصفات السبع ثم يعود الدور من جديد. لذلك فإنّ كلّ يوم من الأيّام الأصليّة يتميّز عن غيره من حيث طبيعة الأحداث التي تحدث فيه والتي تخصّ الصفة الإلهيّة التي صدر عنها.

فقمنا في الفصل الثالث بشرح الأصل الإلهي للأسبوع وأيّامه وبيّنا في نهايته معنى الخلق في ستّة أيّام ومعنى كون يوم السبت يوم الأبد وأنّ جميع الأيّام بما فيها يوم السبت تحصل في هذا اليوم الأبدي. ثم قمنا في الفصل الرابع بدراسة التدفّق الفعلي للزمن وأوضحنا العلاقة المعقّدة بين الأيّام الأصليّة والأيّام المشهودة، حيث يؤصّل ابن العربي ثلاثة أنواعٍ من الأيّام هي أيّام الإيلاج وأيّام السلخ وأيّام التكوير بيّنّاها جميعاً في هذا الفصل وبيّنّا علاقتها ببعضها البعض.

واعتماداً على ما سبق أردنا وضع كلّ ذلك في إطار نظريّة شاملة عن الخلق هي نظريّة الجوهر الفرد حيث يعتبر ابن العربي أنّ العالَم كلَّه يصدر عن جوهر فرد واحد يقوم بخلقه وإعادته في كلّ أسبوع في ستّة أيّام هي بمثابة الجهات الست للمكان ثم يظهره كاملاً في اليوم السابع الذي هو الزمان، فقمنا بشرح أسس هذه النظريّة في الفصل السادس بعد أنّ مهّدنا لها في الفصل الخامس بدراسة العلاقة بين الوحدةوالكثيرة وكيف يمكن أن تنشأ الكثرة عن الوحدة حيث يقول الفلاسفة إنّه لا يصدرعن الواحد إلاّ واحد فوجدنا أنّ ابن العربي مع أنّه يرفض هذه المقولة ولكنّها يقبلها بعد التعديل لتصبح: لا يصدر عن الواحد إلاّ واحد في كلّ وقت، وهي معنى قول الله تعالى في سورة الرحمن إنّه سبحانه كلَّ يومٍ هو في شأن.

وفي الفصل السابع والأخير قمنا بدراسة بعض النتائج المباشرة لهذه الرؤية الفريدة للعالَم فوجدنا أنّها قادرة على فهم أعمق لمعنى الحركة وبالتالي تستطيع فهم متناقضات زينون الشهيرة وكذلك حلّ متناقضة إي بي آر التي تظهر التناقض الظاهري بين ميكانيكا الكم ونظريّة النسبيّة. وبالإضافة إلى ذلك أشرنا في هذا الفصل إلى بعض انعكاسات هذه الرؤية على الكثير من المفاهيم الأساسية في الفيزياء الحديثة المهمة مثل السببيّة ومفهوم التواقت وخواص المادّة ونظرية الأوتار الفائقة.

فوجدنا من خلال هذا البحث المفصّل أهميّة رؤية ابن العربي للزمن والخلق وأنّ هذنتائجها مثيرة للاهتمام ولكن لا بدّ من استكمال البحث في العديد من النقاط التي لا تزالغامضة حتى نستطيع الاستفادة من هذه النظريّة وتوثيقها وقد أشرت خلال هذا الكتاب إلى هذه النقاط أثناء التعرّض إليها فمنها:

نحن بحاجة إلى فهم أعمق لبعض الأرقام الغامضة عن مراحل الخلق كما ذكرناه في الفصل الثاني حول مدّة دورتي الحياة (العالَم) التي شرحها  ابن العربي في كتاب التنَزّلات الموصليّة بالإضافة إلى الأبواب 7 و198 و371 من الفتوحات المكية؛ فبالرغم من جدّية وتماسك هذه الأرقام، لكنّها تتعارض بشكل كبير مع ثبت علمياً حتى الآن.

من جهة أخرى يجب القيام بدراسة تفصيليّة حول مفهوم العلاقات الغامضة بين الكواكب والنجوم من جهة والحروف الأبجديّة، وذلك لأنّه هذه العلاقات التي قد تكون رمزيّة ولكنّها تبدو متأصّلة في أساس الخلق وترتيبه ونشوءه عن الجوهر الفرد كما تنشأ الكلمات في الحبال الصوتية في الحنجرة حيث وجدنا أنّ هناك تشابه كبير بين رؤية ابن العربي ونظريّة الأوتار الفائقة التي تعدّ العالَم مجموعة من اهتزازات مثلها مثل الحروف والكلمات التي ينطق بها الإنسان.

وكذلك لا تزال القضيّة غير واضحة عن سبب كون السنة الأصليّة عند ابن العربي تساوي تماماً 360 يوماً والشهر القمري الإلهي يساوي تماماً 28 يوماً، كما أشرنا في الفصل الثالث والرابع، فذلك موضوع يحتاجُ إلى بحث أكثر لكي نفهم أصل وعلاقة هذه المفاهيم بالخلق. وكذلك لا تزال قضيّة معنى اللحظة أو بنيتها مفتوحة وبحاجة إلى دراسات أخرى كما أشرنا إلى ذلك في الفصل الثّاني وأيضاً في الفصل السادس.

أمّا نتائج رؤية ابن العربي وانعكاساتها على الفيزياء وعلم الكون الحديث التي ناقشناها في الفصل السابع والأخير، فهناك أمور عديدة تستحقّ البحث مثل رؤية عن السببيّة وخواص المادّة بالإضافة إلى محاولة سبر بعض الطرق التجريبيّة للتحقّق العلمي من نظريّة الجوهر الفرد مثل دراسة خواص تفاعل الفوتون مع الإلكترون، مثل امتصاص وإشعاع الطاقة في الذرّات وتوليد الأزواج حيث يمكن من خلال ذلك إيجاد علاقة بين الزمن الذي يدفّق وفقه الجوهر الفرد وهو الزمن الأصلي والزمن التي يمرّ على الأجسام المادّيّة وهو الزمن المشهود.

وأخيراً يمكن التعمّق في دراسة آليّة توالج الأيّام على مستوى أدق من الساعات كما فعل ابن العربي في كتاب أيّام الشأن، حيث يمكن الآن استخدام طرق المحاكاة بالحاسوب لتمثيل العلاقة بين الأيّام الأصليّة والمشهودة على مقياس أصغر من الساعات، كما شجّع على ذلك ابن العربي نفسه.

والله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!