---

بسم اللّه الرحمن الرحيم وصلى اللّه على سيدنا محمدوآلهوصحبه وسلم تسليم

قال السالك: فانشأ لي جناح العزم، وطرت في جوالفهم  حتيوصلت حضرة الكرسي، والموقف القدسي، فسألت عن مسجد الوصي. فقيل لي بالمنزهالاقصي، فرأيت شيخا ضخم الدسيعة فقيل لي هذا قطب الشريعة.

وقد أحاطت به اخلاط الزمر احاطة الهالة بالقمر، فسلمت تسليم خجل ل تسليم وجل، فقال الشيخ رضي اللّه عنه مرحبا بالقاصد، مقتنص الجواهر والفرائد، ثم قيل لي اين تريد فهممت ان اقول اريد أن لا اريد، فلما لم يكن مقامي لم يسعه كلامي، فجذبني الىه، ودرته بين يديه، فقلت أريد مدينة الرسول صاحب الجمل والفصول، قال وم تريد بمدينة أثرها قد درس، ونورها قد طمس.

قلت: لست للترابيةاشيرولكن لبدرها المنير وعنصر مائها النمير، فقال ألم تسمع

قوله علىه السلام، وعلىبابها ،وأنا ايه الطالب بوابها، فمن اراد المدينة فليقصد الباب، ويتملق للبواب، عند أشباح النسم، يهدي الىك طرائف الحكم عند الاشباح بالغبار، تعدي لك الارواحبالاسرار، قلت له يا سيدنا هل يعرف لذلك الباب مفتاح قال، أي والعلىم الفتاح

رأيت البيتمقفولالسر السر قد ملك

سألت اللّه يفتحه فقال بمن فقلت بك

قلتناولنيه، قال

من حسن اسلام المرء تركه ما ليعنيه ،قلت له قد عرفت حقيقة مكانه، فزد في نعته وبيانه.  قال له اربعة اسنان اتقنها الحكيم الرحمان، فيهاربعحركات تجري على جميع البركات، فاذ فعلت ما ذكرته لك واحكمته، فزت بالمفتاح وملكته، ومن ملك المفتاح فتح الباب، ومن فتحه حصل على كنز السرداب، فرأي الشيخ وتلميذه آمنين من الشك والارتياب مبسوطين في حضرة الوهاب، قلت قد فهمت ما أردت وعثرت على السر الذي الىه أشرت، ولكن زدني زادك اللّه من احسانه، واسبغ علىك رداء امتنانه.

قال ادع اللّه ان يمدنيبالهامه، ويؤيدني بعلمه القديم وكلامهإسمعأيها السالك حسن اللّه افعالك ولا جعلها أفعي لك، وسدد اقوالكفانهاعند المناجاة اقوي لك، حمد اللّه اولي ما يعربه فاه ناطق، وصلواته على رسوله فاتح اختراق هذه الطرائق، الى مناجاة العلىم الحكيم الرازق، فالحمد للّه الذي هدأنا لهذا وما كن لنهتدي لو لا ان هدأنا اللّه لقد جاءت رسل ربنا بالحق، فاسمع ولتنتطق .

أنض الركاب الى ربالسموات

وانبذ عن القلب اطوار الكرامات

واعكفبشاطيءوادي القدس مرتقب

واخلع نعالىك تحظي بالمناجاة

وغب عن الكونبالاسماءمتصف

حتي تغيب عن الاوصاف بالذات

 ) صف-تنطق.  ولذ بجانب فرد لا شريك له

و لا تعرجعلىاهلالبطالات

بل صم وصل وفكر وافتقر أبد

تنل معالم من علم الخفيات

فقد قضي اللّه بالميراث سيدن

لكل عبد صدوق ذي تقيات

ألق أيها الطالب بالك اصلح اللّه بالك، حافظ على العلوم لمدنية والاسرار الالهية واياك وافشاء سر الربوبية، اخل القلوب وجاهد النفوس وفرق بين العلم الالهي والمحسوس، اجمع بين الظاهر والباطن يتضح لك سر الراحل والقاطن، قف مع الظاهر في كل الاحوال ولا تقف مع ما ليس لك به علم في ظاهر الاقوال.

تلق الكلمات والحق بالآباء والامهات صل على ذي العلوم المدنية والاسرار القدسية وعلى الكليم وابن نون وانظر لمن كان الحوت عنده يبدو لك السر المصون في الكتاب المكنون الذي لا يمسه الا المطهرون، لا تنظر الحوت بعين الغذاء والقوت وتأمل السرين في مجمع البحرين وكيف وقع النسيان هنالك ولم كان ذلك ولم كان حوت ولم يكن غير ذلك، ولأي فائدة اتخذ البحر مسلكا على سائر المسالك أمط لو وليت ولولا  تكنالعبد والمولي، ترد برداء الآمنين وقف للناس في موضع القدمين وخذ من العلم حرف العين.

اخرق السفينة تلج المدينة، اجعل في السفينة من كل زوجين اثنين، ول تعرج على من قال سآوي الى جبل يعصمني من الحين، هما سفينتان، لهما في الوجود معنيان، الواحدة سلامتها في الفتق،والاخرينجاتها في الرتق، ليس في الملك الا واحدفاياكان تخرق سفينة الشاهد، اجعل السفينة من الزوجين، فقد قال لا تتخذوا الهين اثنين، أحي الغلام، يدنك رب لأمة والغلام، اقتله فانه كافربمواضيالاسنة والبواتر، أقم الجدار وحذار من هدمه حذار، اهدم الجدار فانه مجاب، هكذا رأيته في ام الكتاب، افتح من السد المهرب، واثبت للتيار ولا تهرب، اياك ان تتناول فتحه، واقنع من الوجودبايسرلمحه.

عطل ودا وسواع واكتم امرك تأسيا بصاحب الصواع حجاب فلا تكتم، ول تعطلها فتظلم، لا تفرد أخاك مخافة الذيب، واعطف علىه عطف المحب على الحبيب، ان لم تفرده للذيب، لم يتميز في أهل التخلق والتهذيب، لا تعطف علىه وانبذهبالعرا، حتي تبصر تأثيرالاسما، اذا اردت ان يكون نعم الحدث، واري العزيز الحدث، اعرف قدر العزيز، فهو الذي احلك محل سقوط التمييز، وجه البشير ولا تعرج على العير، ودارك بالتسبيح التكثير ، وارفع أبويك ) ن-بالشيخ الكبير  على السرير، امسك القميص فان الشيخ حريص، واترك الابل في المسارح تمر علىها السوانح والبوارح، لا ترفعهما عرشا ومهدهما فرشا، واخفض لهم جناح الرحمة ولتنهرهما، ولا تقل لهما أف وان استطعت فأعدمهما، هما حاجباك، وهما باباك.

ابتغ الفتية، فهم الخلة العلىة، لا تقف أثرهم جملة وتفصيلا، ولا تتخذالىهمسبيلا، اذا اطلعت علىهم فول منهم رعبا، عينا لا قلبا، السعيد كل السعيد، من قام عند الوصيد، اشمخ بأنفك عن همة الكلاب واياك وملازمة الابواب، سد الباب، واقطع الاسباب، وجالس الوهاب يكتمك من دون حجاب، لا تجالسه بحال فان الكلام محال، لو لا الاسباب عرفت الحقائق، فافتح الباب ولا تفارق، طهر فرجك منالفلوح، ينفخ لك فيه الروح، لا تظهر الفرج، وانظر مارتقمفي الدرج.

ناد في الظلمات، تنبعث بين الاصوات، لا تناد من ظلمات الستور فان النداء في النور، أنت الواحد الفرد، ان ضربت الفرد في الفرد، لا سبيل الى ضربه، لثبوت ما اراد ان يوجده من غيبه، لا تقل مسني الضروسوبينالنفع والضر، اذا مسك الضر فادع بلسان التعلىم فهو مراد الحكيم العلىم، لا تعود لسانك الحنثوبريمينكولو بالضغث، الحنث لا يلتفت الىه، فان اهل الكشف ما عولوا علىه، لا تعذب الهدهد كما هم سليمان حتي تعجز عن البنية والسلطان،  عذبه لما كشف السر وخرق الستر، ارفق على النمل اذا اوجبت بسوابق الخيل، فرقهم أيادي سبا، واقتلهم مضي السيف او نبا واتركهم بين مهب الشمال والصبا، لتشغلنكالصافنات عن المناجاة، او امسح بالسوق والاعناق، وشد السير الىها والاعناق، من نظر الفعل للذات ما دام في المناجاة، فلا تمسحباعناقها، ولا تشد في اعناقها.

لا تدفع الخاتم الى أحد، ولا تأمن علىه أما ولا ولد، ادفعه لمن شئت فانه حجاب، ولا مسخر الا مسبب الاسباب، لا تعرج على عرش بلقيس، ولا تلتفت لصرحه الممرد النفيس، الا انبدامنهاالاسلام والقت يد الطاعة والاستسلام، عرج علىها متي ظهر منها الاذعان في حالتي الايمان والكفر ان تكن من اهل مقام الاحسان، لا تقدم اسمك على اسم مولاك وان كان ذاك لعلة هناك، قدم اسمك فهو المشرع المتبع، وان لم تفعل فلست بمتبع، لا ترغبن في ملك لا ينبغي لاحد من بعدك، بل قل كل هذا سبحانك من عندك، ارغب في ملك لا ينبغي لسواك، تخلق في ذلك بصفات مولاك، انشر البساط، واترك الناس في هياطومياط، اطو البساط، وأعدل الى القبض من الانبساط.

الزم المحراب يأتيك الرزق بغير حساب لا تلزمه سببا متمما واتخذ الى التوحيد سلما، لا تهز الجذع في كل وقت فانه مقت،هزه  فهوالمراد وهو الدليل على اهل الافك والالحاد، كن في المحاق ثلاث تفز عند المقابلة بثلاث، ان وقفت على الموائد الثلاث حزت مقام الضحك والاكتراث، سلم امرك لصاحب السماء تعلم معالم الاسماء لا تسلم فلست بثاني فلا يحجبك المثاني.

اقصد الحج المبرور وطهر البيت المعمور تنادي من جبل الطور، اذ كأنت الاشارة نداء على رأس البعد فما ظنك بالنداء من بعد، ان سرت باهلك آنست نارا وكلمت العزيز جهارا، لو لم تسر بأهلك لرأيت النار نورا فكشفنا في اول نظرة عن عينيك اغطية وستورا، لا تطلب ردءا سواه فمن توكل علىه كفاه، اطلب الردء من جنسك فانه قد شاء ان يكون قوي لنفسك، ألق تابوتك في الىم مطبقا فانه لابد مناللقا، لا تلقه بحال وأخلص لرب الحال، ان خفت الفسوق في الفقر فاضرب بعصاك ظهر البحر، فان فتح لك طريق فاعلم انك على منهاج التحقيق، لا تخف ولا تضرب واثبت ولا تهرب، ي عجباه كيف السلامة والبحر مديد والقسورة في البيد، لا يد ولا وزر الى ربك يومئذ المستقر، اذا توكلت علىه في يقظتك ونومك علمت انه لابد من يومك فلا تعجل عن قومك، اعجل للنور المبين لعل قومك يفتنون، لا تستخلف على امتك فيأخذ بعض الناس على همتك استخلف، ولا تعرف، لا تطلب مائدة حتي تعرف شرطها ولا تقصد رفعها وحطها، حتي تعرف معناها وما اراد بها مولاها،  لا تطلبها ما بقيت واشتغل بما بهنوديت، ان اتبعت النص احييتالموتيوابرأت الاكمه والابرص، جنب النص وعلىك بالبحث والفحص.

لا تجعل الغراب دليلك فتشقي ولا تترك اخاكعلىظهر الارض ملقي هو اشد دليل على ارفع سبيل، لا يغلب على مقلتك النوم فتنفش غنمك في حرث القوم، علىك بالنوم فيه تؤتي الفهم، لا تكن جبارا فتحد على الطريق حتي تصير ضجيع الغريق، كن جبارا على من تمرد واستكبر استكبارا.

إجعلالاصنام جذاذاواعتصم باللّهعياذا، لا تترك الكبير وقارنه في الهلاك بالصغير، واترك الوجود على ما هو علىه فكل ميسر الى ما يسر الىه، غمض عن الكواكب والقمر واذا رأيت الشمس فلا تقل هذا أكبر، لا تقف مع السابع من الافلاك وارغب الى اللّه في التاسع حيث الاستواء والاملاك، ارفع الهمم واستعد لتحلة القسم، ان حلت الشمس في حملك امنتها وذاقها غيرك وعاينتها، فان تنزه رفعك عن القدم وآتاك جميع الكلم والحكم، فأنشد كما انشدت ولا تهتم.

بدني أضحي الى الأمم نائبا عن كعبة الحرم

كعبة للسر طاف بها كل من يمشيعلىقدم

من اراد الحج يقصدها من جميع العرب والعجم

أنا سر الخلق كلهم أنالاقسمةالكلم

 انني شفع ووتر اذا لم يكن بالربع من أرم

أنا كن لكنني شبح قابل للجهل والحكم

فيكون الجهل في صبب ويكون العلم في علم

إنني لو كان قدر فما غير أن الوتر في القلم

أنا وصف الوصف فاتصفوا أنا ذات الذات فالتزم

أنا سر السر مذ عدلت همتي عن موقف الهمم

أنا نور النور مذ برزت بوجودي درة الظلم

أنا عز العز ما ملكت نفس ذات الذل والغنم

من رآني فقد رأي ما خفي في مثال النور والقدم

بلغ الغاية قلب فتي ليمين اللّه مستلم

قد ابحنا لثمها فمه ما على في سابق القدم

سعد نفسي انها سعدت بسلوك الواضح الامم

لم ينله غيرها عاشقا مثلها في سالف الامم

يا رجالا طلبوها غيرنا اين جود البحر من كرم

ارجعوا واستلموا كف من ان يهب لم يخش من عدم

كل طرف في العلى سانح نجونا وجدا بنا يرتمي

كل سر خافض رافع لوجودي رغبة تنتمي

منذ حل الشمس في حمل أمنوا تحلة القسم

لم يزل ولا يزال غدا في نعيم غير منصرم

 و شموس الوصل طالعة وخسوف الهجر في العدم

انظروا قولي لكم فلقد عين كل الناس عنه عمي

تجدوه واضحا حسنا منبئا عن رتبة الكرم

يا اله الخلق يا أملي يا سميري في دجي الظلم

جد على صب حليف ضني يا كثير الجود والنعم

ثم قال: يا بني اذا ظهرت لمستوي، وايدتبالاسرارالالهية والقوي، سمعت صريف القلم في لوح المحو في القدم، هنالك اذا لم تر شيئا فقد رأيت، واذا لم تسمع شيئا فقد سمعت، فاذا رفع لك سر السر، واتصل الشفع بالوتر، كان هو ول أنت، وظهر الحق وخفيت، وغبت عن البيت وعن صاحب البيت، فرأي نفسه بنفسه وعاد العدد الى أسه، فان قضي لك بالرجوع، ومفارقة ذلك المكان المنيع، ولابد من ذلك للوارث، فانه من تمام النعمة ولطيف الحكمة، حتي يتنعم الظاهر والباطن، وسري الراحل والقاطن، فاجهد في سلوك هذه المقامات، واعلم انه من اراد المقامات، فسلم الأمر الىه، وتوكل في سلوكك علىه، حتي تقف بين يديه.

قال السالك: ثم قال لي اسبر هذه الوصية في محك النظر، ومجاري الغير، وتخلق بها على الطرد والعكس، تارة مع العقل وتارة مع النفس، ففرحت بوصيته، ورغبت في استدامة صحبته، فقال آلي العبد ان لا يصحب سوي مولاه، وان لا ينظر سواه، ولميزل  يطنبفي الدعاء، ويجهد في الثناء.

قال السالك: فقام اهل المجلس وقالوا بلسان واحد يا سيدنادراللّه درك والحق بك الحق ودرك، للّه أنت من خطيب ما افصح لسانه، واحسن بيانه، واطلق في شأو البلغاءعنانه، وأكن من الدر جنانه، واكتب للبدائع بنانه، واعذب كلامه، واشهي الى الاسماع نثره ونظامه، لقد بالغت في الوصية، واوضحت المقامات السنية، وأعربت عن أسرار الصوفية، ودللت على الطريقالاقوموالمنهج الاقدم، جازي اللّه سبحانه مجدكم على ما منح، ووهب لكم جزيل المنح.

---