بسم اللّه الرحمن الرحيم وصلى اللّه على سيدنا محمدوآلهوصحبه وسلم

قال السالك: فاستفتح لي الرسول الجليل سماء الخليل فرأيت سر روحانيته يدور بالبيت المعمور في غلائل النور فسلمعلىورحب وبالغ في الاكرام واسهب، فقلت له يا ابا القري ومنادي ابناهبامالقري نبهني على ماهية أمن مقامكالاجليفقال علىك بالنجم اذا هوي.

قلت له فاين حظي من ذاتك قال في ايثاركباقواتك، ألم تعلم يا بني انه لو لا الجود ما ظهر الوجود، ولو لا الكرم ما لاحت الحكم، ولو لا الايثار ما بدت الاسرار.

قال السالك فقلت له اريد الدخول الى البيت المعمور والمقام المشهور، قال له شروط في الكتاب المسطور في الرق المنشور،فقلت )لعله «روحانية»  له أوقفني علىه حتي انظر الىه.

قال فدعيبكيوأنالغاية، عند اهل الولاية، ما عدا الولاية المحمدية والمقامات الصديقية، وهذا كيوان صاحب خزأنته وقابض جبايته، فاقبل مسرعا ووقف بين يديه مقنعا، فقال له افتح خزانة النور،وجئنيبالكتاب المسطور.

قال فاقبل به من حينه وقال اعطه له بيمينه، ففضضت ختامه وتصفحت سطوره أعلامه فاذا فيه.

بسم اللّه الرحمن الرحيم لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه، هذا بيت الحق ومقعد الصدق، ومنبع الجمع والفرق، وسر الغرب والشرق، وهو حرام على صاحب كل مقام إلا على من دني من الرفيقالأعلى، فتدلي على المقامالأجليفكان قاب قوسين او أدني، مقام محمود محمديالاجتبي،فاوحيالى عبده م اوحي، ففهم عنه به صريح المعني، ما كذب الفؤاد ما رأي من حقائق القرب فيالاسرا، ولقد رءاه نزلة اخري، وآدم بين الماء والطين مسوي، عند سدرة المنتهي، حيث تجتمع البداية والأنتها، الازل والوقت والابد سوا، عنده جنة المأوي، مستقر الواصلين الاحياء، لما شاهدوا الذات آواهم جنة الصفات عن الوري، اذ يغشي السدرة ما يغشي من طرف الاسرار والنزه في العلى، مزاعالبصر بغيره وما طغي، وكيف يزيغ لعدم لا يري، فتوسط الكرسي  وامد العلوي والسفلي فظهرت القدمان بظهوره واشرقت الارض بنوره فاستمسكت الملائكة بالقدم الواحدة واستمسك العارفون بالقدمين الغائبة والشاهدة لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.

من اعلى الاستواء الى مركز النون.

فامتحن سر وجودهم عند مشاهدة موجودهم فكستهم هيبة الذات وغرقوا في بحور اللذات، ولم يبق لهم سبحانه بتجليه من رسوم الصفاتالاخفيالاشارات،فارواحالوارثين في المشاهدة سوي وكما هم الىوم كذلك يكونون غدا غير أن مشاهدتهم في دار التركيب لها انفصال وانصرام وفي مقام دون مقام ومشاهدتهم هنالكعلىالدوام، فالأنتقال في حق الارواح والحشر في حق الاشباح حشر الاجسام من دار التكليف الى دار الانفعال وحشر الارواح من مقام الجلال الى مقام الجمال.

حتي الى ما لا يقال وهنالك لا يجوز الأنتقال، فمن جعل في هذا المقام فليس دخول البيت علىه حرام والسلام على من وقف على قوله تعالى يٰا أَهْلَ يثْرِبَ لاٰمُقٰامَ .

قال السالك فقلت له يا ابا الاسلام سلام ومؤلف الجزئيات وعالم ملكوت الارض والسموات جهلت امري فوضعت من قدري وأنا انبهكعلىبغريب نظمي وعجيب نثري.  مذ حل كاتب حب اللّه في خلدي

وخط سطرا من الاشواق في كبدي

ذبت اشتياقا ووجدا في محبته

فآه من طول شوقي وآه من كمدي

يا غاية السؤل والمأمول يا سندي

شوقي الىك شديد لا الى احد

يدي وضعت على قلبي مخافة ان

يشق صدري لما خانني جلدي

ما زال يرفعها طورا ويخفضه

حتي جعلت الىد الأخرى تشديدي

مر الفؤاد عن التركيب مرتحل

الى الحبيب الذي يفني وليس يدي

ما زلت اطلبه وجدا وأندبه

بعبرة حيرتها زفرةالخفد

حتي سمعت نداء الحق من قبلي

من كان عندي لم ينظر الى احد

فمت بوجدك او مت ان تشأ طرب

فان قلبك لا يلوي على الجسد

فقمت والشوق يطويني وينشرني

وصحت من شدة الافراح واكبدي

لما شهدتك يا من لا شبيه له

لا فرق عندي بين الغي والرشد

فالنفس تعرفه علما وتبصره

عينا وتشهده في الوقت والابد

من عاين الذات لم ينظر الى صفة

فان فيها حجاب الصف بالصفد

قال السالك: فقال لي أنا المراد بهذا الحجاب والى الاحباب فتحت الابواب، قلت له واين الخلة من المحبة واين المحبة من القربة كم بين من يقول وعَجِلْتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرْضيٰ وبين من يقال له ولَسَوْفَ يعْطِيكَ رَبُّكَفَتَرْضيٰ ،كم بين من يقول رَبِّ اِشْرَحْ لِي صَدْرِي وبين من يقال له أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ .

قال السالك: ثم قلت له ما ظنك بنهاية هذه بدايتها واسرار هذهعلانيتهااو اين أنت من قولي بشاهد فعلى.

الهيومولاي تمازج سركم وسري يا سؤلي فعنكم اترجم

بكم ابصر الاشياء غيبا وشاهدا بكم اسمعالنجويبكم اتكلم

اين مقام الاذكار من فناء الأفكار وعدم الاسرار وطموس الأنوار.  بذكر اللّه تبتهج القلوب وتتضح المعارف والغيوب

وترك الذكرافضلكل شيء فشمس الذات ليس لها غروب

بذكر اللّه تغتفر الذنوب وتبتهج البصائر والقلوب

وترك الذكر افضل منه حالا فان الشمس ليس لها غروب

وأين أنت من مقام وصلت الىه ونزلت علىه

يا فؤادي قد وصلت له قل له قول حبيب مدل

لولاي عرش لم يصحاستواوبنوري صح ضرب المثل

قال السالك: فلما عاين هذالمومي، قال لا يستوي البصيروالاعمي، ثم قال لي يا بني اذكر اباك عند مناجاتك مولاك يا بني اين منك الخليل، وأنت بالمقام الجليل، شتان بين من نظر في النجوم فقال إِنِّي سَقِيمٌ ، وبين من قال عنه مٰا كَذَبَ اَلْفُؤٰادُ مٰا رَأيٰ ، أنا اقول رب اغفر لِي خَطِيئَتِي يوْمَ اَلدِّينِ ، وأنت يقال لك لِيغْفِرَ لَكَ اَللّٰهُ مٰ تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ ومٰا تَأَخَّرَ ، وأنا اقول اِجْعَلْ لِي لِسٰانَ صِدْقٍ فِي اَلْآخِرِينَ ، وأنت يقال لك ورَفَعْنٰا لَكَ ذِكْرَكَ .

قال السالك: ثم بكي وقال: شغلتنا ملاحظة الاغيار، عن مباشرة هذه الأسرار، هيهات واين الكرم من الايثار، الكرم سيادة والايثار عبادة، الكرم مع الرياسة، والايثار مع الخصاصة، يا بني سر الى ما الىه ناداك محبك ومولاك، والعهد بيننا التعريف بم به ناجاك.

قال السالك: فرجع البراق، وخرج عن السبعالطباق  وألقي الرسول عصي التسيار، بسدرة الانوار.