موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كشف الغايات في شرح التجليات

للشيخ ابن سودكين النوري

51 - شرح تجلي الطبع

 

 


51 – متن نص تجلي الطبع

قد يرجع العارف إلى الطبع في الوقت الذي يدعوه الحق منه لأنه لا يسمع من غيره إذ لا غير له نداء أصلاً ....

وليحفظ نفسه في الرجوع لأن الطبع قهراً تقصده العادة ...

فينبغي به أن لا يألف ما تقضيه الطبع أصلاً .

وقد رأينا من هؤلاء قوماً انصرفوا من عنده على بينة منه ثم ودعهم وم ناداهم فألفوا الطبع باستمرار العادة فتولد لهم صمم من ذلك فنودوا نداء الإختصاص فلم يسمعوا فنودوا من المألوفات فسمعوا فضلوا واضلوا .

نعوذ بالله من الحور بعد الكور ومن الردة عن توحيد الفطرة .

51 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :

 « ومن تجلي الطبع وهو: قد يرجع العارف إلى الطبع. . عن توحيد الفطرة .

قال جامعه سمعت شيخي المذكور يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ماهذا معناه : الطبع هو ما تألفه النفوس بحكم العادة من أغراضها وما يرجع إليها، لا من جناب الحق .

فإن الحق سبحانه يتجلى للعارفين في الطبع من طريق الاختصاص الخارج عن حكم الطبع، فيجيبه العارف من الطرفين .

فإذا زال العارف عن هوى نفسه وبقي مع ربه ، رأى قد حصل له فرقان يتميز به عن أبناء جنسه فيرجع إلى المألوفات بناء منه على أنه ما بقيت تؤثر فيه الطباع فيسرقه الطبع والهوى حتى كأنه ما عرف ذلك الاختصاص.

فالمتيقظ الذي يخشى الله ويخافه على نفسه يخرج من هذا الموطن في كثير من الأوقات إلى مقامه الأول ليتمكن فيه ثم يعود .

وهذا إذا لم يكن أحكم العلامة بينه وبين الله تعالى، والآفة الداخلة على مثل هذا، أنه إذا ألف الطبع وناداه الحق من طريق الاختصاص وهو في الطبع فإنه ل يجيب . ويرى أن الطباع ما بقيت تؤثر فيه ويقول : قد وصلت لكونه يرى الحق في كل شيء. فيفوته نداء الاختصاص .

وتلخيص القضية : أن السالك إذا تطهر وصفا وخرج عن هواه وأغراضه، فتح له حينئذ. وكشف أنه كان أولا أيضا في أغراضه جاريا بحكم الحق .

وأنه في حال إرادته وغير إرادته في تصريف الحق تعالی هذا نتيجة فتحه فيرجع إلى الطبع مع نظره إلى الله تعالی فإذا دعاه الحق، دعاء اختصاص إلى أمر يخالف هواه يجد تغيرا فلا يجيب .

ويقول : أنت معي في هذا الموطن الذي دعوتني منه أن أخرج عنه .

فلا خروج لي فيسرقه الطبع ها هنا ويجذبه إلى البقاء مع هواه .

فمن يرد الله به خيرا يوقظه. فإذا تيقظ عاد إلى أصول بدايته ومجاهدته فاستعملها حتى يقوى على هواه وتبقى رؤيته للحق في هواه وفي عدم هواه على وتيرة واحدة.

ومتى تغير عند مخالفته غرضه لغير حق من حقوق الله تعالى، فهو معتل، فيتعين عليه الرجوع والتدارك ومتی صعب على السالك إجابة الداعي الذي ناداه نداء الاختصاص وهو أن يرجع إلى طهارته وتوبته، فهو ممكور به .

فإن وفق إلى الإجابة يسلك على التصفية حتى يخرج عن جميع هواه ويبقى توحيد صرفا وحقا محضا، بلا إرادة ولا هوى .

فحينئذ تنور بصيرته فيرى الحق بالحق إذ قد صار حقا، فيعود إلى المباح لرؤيته الحق . فإذا كان كيسا فهو يختبر نفسه بإخراجها عن هواها .

فإذا رآها ساكنة عند مفارقة هواها شکر الله تعالى . ومتى أهمل السالك اختبارها وأطال استعمال الهوى والمباح تحكم فيه سلطان الطبع.

فالحذر الحذر من الاسترسال مع الطبع بالكلية أيها السالكون .

وأما قوله : إذ الغير لا نداء له أصلا وإذ لا غير له نداء أصلا.

أي أن الحق وحده هو الذي ينادي ولا يصح أن ينادي .

ولهذا لم يأت في القرآن العزيز قط : یا رینا ولم يتعبدنا الله تعالی»  بأن نقوله ولم يأت حرف نداء قط من غيره، وذلك من أعجب أسراره تعالى، وهو لحقيقة عظيمة.

فهو تعالى ينادي من المقامات التي هي طريق الحق المشروع، والمنادي به مستغرق في طبيعته.

فهو يناديه من طريق خاص وهو طريق الشرع والهدى، والعبد في أسفل سافلين، وهو عالم الطبيعة .

فلسان طريق الاختصاص هو الذي دعاه، ولولا هذا لسقطت حقيقة النداء من الحق والخلق. فاعلم.

وللحق سبحانه وتعالى خطابان : خطاب ابتلاء وخطاب رضاء .

فخطاب الابتلاء لا يحب الحق من العبد أن يجيبه فيه، وإنما يحب أن يعرفه فيه فقط.

وهو ما يدعو العبد من نفسه وهواه إليه مما لا يوافق الشرع.

وفايدة الاختبار، أن يراه الحق سبحانه وتعالى هل يثبت للأمر والنهي أم ل يثبت وأما خطاب الرضى فإن الحق يحب من العبد معرفته فيه وإجابته إلى ما دعاه إليه، وهو خطاب الشارع و خطابه سبحانه للعبد بالمعارف الإلهية والقرب السنية، إما بواسطة الملك أو بغیر واسطة.

مزید فائدة في قوله رضي الله عنه : وقد رأينا من هؤلاء قوما انصرفوا من عنده على بينة ثم ودعهم وما ناداهم فألفوا الطبع فسمعوا .

أي دعوا كما تقدم فلم يجيبوا وقالوا : نحن مع الحق في الطبع فما خرج عن شيء، فهذا هو المعبر عنه بالصمم لكونه لم يستجب إلى داعي الحق.

قال شيخنا رضي الله عنه : وللشيوخ هاهنا مسلك مع المريدين وهو أم يأمر الشيخ المريد بأمر ما مرارة بحيث يستعمل ذلك ويألفه طبعه، أو يعامله في الإقبال عليه بمعاملة مخصوصة، ثم يغير عليه تلك العادة .

فإن تغير المريد دل ذلك على أنه كان أولا مع ما وافق الطبع لا مع الحق .

فيشرع الشيخ حينئذ معه في مسلك آخر، إن اعتنى به أو يهمله بحسب ما يعلم من مراد الحق فيه .

51 - شرح تجلي الطبع

300 - قال قدس سره في بعض إملاءاته :

 «الطبع ما تألفه النفوس من أغراضها بحكم العادة» . (قد يرجع العارف إلى الطبع في الوقت الذي يدعوه الحق منه) أي من الطبع، بمعنی أن يصير حكم التجلي بالنسبة إلى الأغراض النفسية وغيرها، على السواء .

ولكن يدعوه الحق من حيثية الطبع إلى حيثية أخرى خالصة من حكم الطبع، فيرجع العارف إلى ما ترغب فيه نفسه زعم بان الحق مشهود في الحيثيين على حد سواء، لا بل الحيثية المرغوب فيها، بحكم الطبع أقوى للمشاهدة .

ولما كان تجلي الطبع اختصاصا إلهية في حق العارف، وكان رجوعه إليه محتمل أن يكون بنداء الغير ودعوته، منع قدس سره هذا الاحتمال ودفعه بقوله : (لأنه ل يسمع من غيره)

أي من غير الحق إذ ذاك (إذ لا غير) هالك (له نداء أصل) فعلم من هذا التعليل أن رجوعه إلى الطبع والأغراض النفسية بالحق لا بنفسه .

ولكن حيث كان رجوعه إلى الطبع محتملا أن يعتضد بنزعات نفسية ورغبات عادية حذر قدس سره تحذيرا بقوله :

301 - (وليحفظ نفسه في الرجوع) إلى الطبع والأغراض النفسية، (لأن للطبع قهرا تقصده العادة) فيأخذ النفوس استراقا إليه ويملكها من حيث لا تشعر.

فلا يبقى شهود العارف خالصا عن الأمنيات النفسية، المقول عليها : ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" [الجاثية /۲۳] وشأن العارف في هذا التجلي أن لا يألف ما يقتضيه طبعه.

فإنه ظافر في ميله المفرط إلى المرغوبات النفسية، بشهود الحق كما ينبغي، على تقدير عدم تشربه منها استراقا .

ولذلك قال قدس سره :

(فينبغي له أن لا يألف) حينئذ (ما يقتضيه الطبع أصل) فإن عدم تألفه بما يقتضيه طبعه، من مقتضى هذ التجلي ومقتضى طبع النفس أيضا

302 - (وقد رأينا من هؤلاء الذين رجعوا إلى الطبع، (قوما انصرفوا من عنده) تعالی على بينة منه ثم ودعهم الحق وما ناداهم) أي تركهم فيما ألفوه حتى انطبعت نفوسهم عليه فلا يناديهم الحق من طريق الاختصاص.

وإن ناداهم يتغيروا ولا يجيبوا، ويقولوا: أنت معي في هذا الموطن الذي دعوتني منه أن أخرج عنه، فلا خروج لي فيسرقه الطبع إذن ويجذبه إلى البقاء مع هواه، ولذلك قال : (فألفوا الطبع باستمرار العادة فتولد هم صمم من ذلك) أي من سماع نداء الاختصاص، حيث نبهوا على التدارك .

(فنودوا نداء الاختصاص) حتى يرجعوا عن مواقع المكر إلى محل التيقظ والتدارك، (فلم يسمعوا واسترسلوا مع الطبع بالكلية .

(فنودوا من المألوفات فسمعوا فضلوا وأضلوا. نعوذ بالله من الحور بعد الكور ومن الردة عن توحيد الفطرة) وهو توحيد يعلم بديهة، وهو بين بذاته .

والحمد لله رب العالمين ..





 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!