موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كشف الغايات في شرح التجليات

للشيخ ابن سودكين النوري

30 - شرح تجلي الهمم

 

 


30 - متن نص تجلي الهمم :

جمع الهمم على الهم الواحد حتى يفنى في الواحد بالواحد، فيبقى الواحد يشهد الواحد ذلك من أحوال الرجال عبيداً لاختصاص فيشرح لهم الصدور عما أخفي لهم فيها من قرة أعين .

ويسبحون في أفلاك الأقدار شموساً إن كانوا بالحق، وبدوراً إن كانو بالعين، ونجوماً إن كانوا بالعلم فيعرفون ما يجري به الليل والنهار إلى يوم الشق والإنفطار .

فيكون من كان شمساً ويخسف من كان بدراً أو ينطمس من كان نجماً فلا يبقى إلا نور الأنوار الحق وهو نور الوحدانية الذي لا يبقى لتجليه نور فيفيض على ذاته من ذاته نورٌ في نور .

30 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل:

 « قال الشيخ : تقييد هذا التجلي بالهمم أي على قدر طلبه وتوجهه . وهاهنا يدخل المكر الإلهي .

ولهذا جعل المحققون الهمم كلها همة واحدة، فلم ينكروا تجلي الحق في كل همة فيكونوا إذن مع الحق لا مع مظاهر الحق.

فإن وجد من صاحب هذا المقام إنكار فإنه يسمى إنكار الشرع، فهو ينكر في موضع أمر فيه بالإنكار ويسلم في موضع أمر فيه بالتسليم .

ثم قال الشيخ: حتى يفنى الواحد بالواحد فبقي الواحد يشهد الواحد.

فذهب بعضهم إلى أن تجلي الأحدية لا يصح، لكون الأحدية لا يقبل الثاني .

ولهم فيه منزع معلوم صحيح.

وهو قولهم : إن العبد يفنى ولا يتجلى الحق إلا لنفسه بنفسه . وقد صح أن الأحدية لا يتجلى فيها لغيره .

ونحن ذهبنا إلى أن القابل إنما هو نور الحق، فقبلنا تجلي الحق بالحق .

فهكذا هو قبول الأحدية ،قبل الواحد تجلي الواحد. فما للعبد هاهنا أثر ليقوم الشريك.

وقول القائل إن تجلي الأحدية لا يصح فيه التجلي يشهد أن للأحدية تجليا، لأن تجليها أعطى أن يحكم لها بهذا الحكم.

وقول الشيخ : ويسبحون في أفلاك الأقدار شموسا إن كانوا بالحق، وبدورا إن كانوا بالعين، و نجوم إن كانوا بالعلم. إلى قوله : فيتكور من کان شمسا.

قال : ثم قوم لهم العلم وهو علم الدليل، وهم النجوم .

وثم قوم لهم مشاهدة ما علموا فلهم العين، فهم الأقمار .

وثم قوم لهم الحق، متحققون به فهم الشمس التي هي أعلى المظاهر وهي تمد البدر والنجوم.

فيوم الانفطار، تكور الشمس التي قبلت به لزوال الأعيان .

وينخسف القمر والنجوم، فلا يبقى إلا نور الحق وهو النور الواحد.

30 - شرح تجلي الهمم

239 - أضيف التجلي إلى الهمم، فإنه إنما يكون بحسب توجهها وطلبها . ولذلك تختلف التجليات حسب اختلاف الهمم.

فيدخل فيها الإنكار عاجلا وآجلا حتى ينتهي الأمر إلى أن ينقال : "حاش ربنا" إذ تجلى في غير صورة المعتقد لهم.

فالمحقق (جمع الهمم) المختلفة المتباينة (على الهم الواحد) جمع النفوس المبثوثة رجالا ونساء، في نفس هي الأصل الشامل على الجميع؛ وجمع الوجودات المختلفة التعينات على عين هي محتد وجود كل شيء، اعتناء في رفع الاختلاف والتباین عنها .

فزال عنه الإنكار مطلقا، حيث عرف شهودا أن الحق حق في كل همة .

فهو في شهود الهمم، مع الحق لا مع مظاهره .

فهو إذن لا ينكر شيئا؛ وإن أنكر فيسمى ذلك إنكار الشرع. فإنه حينئذ ينكر ما أمر فيه بالإنكار.

ولما كان شأن المحقق أن يفنی بسر حاله ومقامه وشهوده المطلق الوحداني، جميع الاختلافات التعيينية في تعين واحد، هو الأصل الشامل والقابلية المحيطة .

قال قدس سره : (حتى تفني) أي الهمم (في) الهم (الواحد بالواحد) الذي هو حق في كل همة، (فيبقى الواحد) الذي هو الحق في سائر الهمم، (يشهد الواحد) أي نفسه بنفسه في نفسه، وليس للعبد في هذا الشهود عين ؛ فإن قبلة هذا الشهود التجلي الأحدي، ولا يصح التجلي في هذه الحضرة للغير، إذ لا غير معها، فإنها حضرة لا تقبل الثاني.

(ذلك) أي الجمع والإفناء، على الوجه المذكور ( من أحوال الرجال ) المتمكنين في شهود واحد العين، في ملابس التلوين، من غير مزاحمة (عبيد الاختصاص ) حيث لا قبلة لهم إلا الحق الجامع، بوحدة عينه التي هي باطن الكثرة، شملها . وهم المقصودون بذواتهم.

240 - (فيشرح) على بناء المفعول (هم الصدور عما أخفي لهم فيه) أي في الصدور (من قرة أعين) فإن الصدور إذا انشرحت بورود التجليات الذاتية الأحدية عليها اتصلت أنوارها بسائر المشاعر ونفدت فيها .

فعمل كل مشعر منها بواحد العين عمل المجموع من أخواته فالأبصار التي هي محل الرؤية والمشاهدة، ترى بواحد العين كل عين، فيه كل شيء.

وربما أن يكون ما أخفي لهم فيها، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

فإذا ظهر شيء مما خفي في هذه الصدور، كان قرة العيون المتعلقة به .

(و) هم عند تحققهم بهذا المقام المطلق الوحداني (يسبحون في أفلاك الأقدار) حسب اختصاصهم بهذا التجلي، (شموسا إن كانوا بالحق) أي في مرتبة حق اليقين، القاضي بشهود واحد العين مع الأسرار والأحكام اللازمة له في كل عين، كما هي.

(و بدور) کوامل (إن كانوا بالعين) أي في مرتبة عين اليقين القاضي بمعاينته، من حيثية تلبسه بصور المظاهر الروحانية والمثالية والحسية ؛ (و نجوما إن كانوا بالعلم) أي في مرتبة علم اليقين القاضي بظهورهم بعلم الدلائل .

241 - (فيعرفون) من هذه الحيثيات الثلاث (ما يجري به الليل والنهار إلى يوم الشق والانفطار) حيث عرفوا حقيقة الإنسان، وأسرارها اللازمة لها، باطنا وظاهرا، في كل مرتبة وموضع، ومع كل لطيفة وكثيفة، ومعني وصورة .

فإن حقيقة الإنسان، قسطاس التحرير، ولسان ميزان التقدير والتدبير، فحيث مال وكيف مال يمينا ويسارا،علوا وسفلا، ينتج من میله التدبير على الوزن والتحرير إما بالأمر أو بالخاصية.

فهذا الإنسان إذا استوى واعتدل وقام على النقطة السوائية ونظر إلى مركز الكون أفاد من حيث إنه روح شبحه وحياة صورته، روحا انبعثت به صور الأفلاك للحركة على نقطة المركز.

فبه دارت أفلاك الكون، وبه جرت المقادير في الليل والنهار.

ومن هنا قال قدس سره : «الحمد لله الذي جعل الإنسان الكامل معلم الملك؛ وأدار سبحانه وتعالى تشريف وتنويها بأنفاسه الفلك» .

ولذلك إذا مال الإنسان جمعا، بانتقاله إلى النشأة الآجلة، ارتفع نظام العاجل، فانشقت السماء وانفطرت؛ وكورت الشمس ؛ وطمست النجوم ؛ وتبدل الأرض غير الأرض . وكانت الحياة والظهور والأشهاد والنور العالم مال إليه.

242 - فإذا طلع فجر انقلاب الظاهر باطنا، وانطواء الباطن في الحق المطلق طوى بساط الأعيان والصور (فيتكور من كان شمسا، ويخسف من كان بدرا، وينطمس من كان نجم) في نور يضرب إلى السواد في شدة ظهوره.

(فلا يبقى نور إلا نور الحق، وهو نور الوحدانية الذي لا يبقى لتجليه نور) فإن النور إذا انتهى ظهوره إلى غاية حد الاشتداد انقلب باطنا، يضرب إلى السواد، كالليل البهيم. فهو إذ ذاك الغيب الأحمر والسواد الأعظم.

(فيفيض على ذاته من ذاته نوره في نوره) إذ لا ينسب هذا النور، من هذه الحيثية إلى مظهر أصلا. فافهم.

فإن هذا المدرك في سابغ ثوب الكمال كالطراز المعلم.

.






 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!