موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كشف الغايات في شرح التجليات

للشيخ ابن سودكين النوري

12 - شرح تجلي الفطرة

 

 


12. متن تجلي الفطرة

اعلم أن الإنسان ملك الهداية في أول نشأته وهي الفطرة التي فطره الله عليها وفطر الناس عليه، وهو ميثاق الذر .

وهذه الهداية ليس للإنسان من جهة ما يقتضيه طبعه وجه يقضي له التعشق بها فهو منافرٌ لها طبعاً والغواية لم يملك إياها وملكها الشيطان وهي تلائم الطبع الإنساني وتوافق مزاجه وله بها تعشق نفساني .

وسبب ذلك أن الإنسان لمّا كان ربانياً في أصله لم يحمل التحجير عليه والهداية والتحجير والغواية رفع التحجير وإظهار ربوبية الإنسان فلذلك لم يعصمه الله مع قناع السعادة التي هي ملكه بالشقاء لملائمته لطبعه في الوقت بدار الدنيا فإن السعادة تلائم طبعه أيضاً لكن في المستأنف فيعجل .

ولذلك قال تعالى : " مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ " [الإسراء : 18] .

فهذا التجلي إذا حصل فتحقق في الثبات فيه فإنه يثبتك على الفطرة والسعادة .

12- إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :

 «قال الإمام الراسخ رضي الله عنه، في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذ معناه :

اعلم أن الإنسان ملك الهداية في أول نشأته فهي فطرة له، وهو ميثاق الذر.

وهذه الهداية ليس للإنسان بما يقتضيه طبعه وجه يقتضي التعشق بها، فهو منافر لها طبع والغواية ملكها الشيطان فهي تلائم الطبع الإنساني وله بها تعشق نفساني وسبب ذلك أنه لما كان الإنسان ربانيا في أصله لم يحمل التحجير عليه .

والهداية تحجير والغواية رفع التحجير ولما كان الإنسان نسخة جامعة لكل شيء لم يقبل التحجير بحقيقته.

فلما حجر عليه وجد المشقة والكلفة فيسمى هذا التحجير تكليف :

فمن الناس من وقف تعشق مما كلف به واجتمع عليه فانصرف نظره عما تقتضيه ذاته من عدم التحجير لغلبة قرب الحق ومحبته له، فيرتفع عن مثل هذا مشقة التكليف لصرف نظره عن مطالبة الطبع .

ومن الناس من غلب عليه طبعه ومزاجه فوقف مع إطلاق نشأته وعدم التحجير عليها بحكم الأصالة والنشأة فأجاب طبعه ولم يجب التكليف فوقف مع هواه .

ولما كانت الغواية بيد الشيطان لم يرض الحق أن يكون في مقابلته، فجعل سبحانه الملك للهداية في مقابلة الغواية التي هي بيد الشيطان.

فكانت الهداية بيد الملك والغواية بيد الشيطان .

وتفرد الحق سبحانه وتعالى بالعلم المجرد يلقيه على المحل بلا واسطة .

والله يقول الحق »

12 - شرح تجلي الفطرة

181 - اعلم أن للماهية الإنسانية، في شيئية ثبوتها التي لا تقبل الجعل بالنظر إليها، من حيث هي مطلقة لا بشرط شيء فطرة .
وهي عبارة عن بدء خلوص متهيئ للتغير بالمزيد والنقص. وحكمها من حيث كونها ماهية إنسانية جامعة، بالنسبة إلى المزيد والنقص، بل بالنسبة إلى كل حكم واعتبار، على السواء، فلا تقبل التقيد بحكم دون حكم من هذه الحيثية.
وللماهية الإنسانية بالنظر إليها من حيث انتقالها من شيئية ثبوتها إلى شيئية الوجود بمرجح لفطراتها، اعتبارات : منها اعتبارها عند اقتران الماهية بالوجود، ومنها اعتبار قبولها، بعد الاقتران، تربية الأبوين . ومنها اعتبارها من حيثية وجهها الخاص بها وما يثمر لها، ومنها اعتبارها في تأثرها من الأسباب الخارجية.

182- فهي بالاعتبار الأول : بدء خلوص مختص بالوجود الذي هو ينبوع المزيد والخير كله، بمرجح وهي المشار إليه بقوله صلى الله عليه :  «كل مولود يولد على الفطرة»  أي على الفطرة المختصة بالخير.
ومن هذا الوجه ملك الإنسان الهداية، وفيه ميثاق الذر .
وبالاعتبار الثاني : بدء خلوص متهيئ للتغير بقبول تربية الأبوين واكتساب الأوصاف والأخلاق والعقائد منهما، من حيث كون الولد سر أبيه .
ولهذا قال صلى الله عليه :  «فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه»  . صحيح البخاري و مسند أحمد

و بالاعتبار الثالث : فهي بدء خلوص متهيئ للتغير بم يثمر لها الوجه الخاص بها من الأوصاف والأخلاق والعقائد الظاهرة في الولد المفقودة في أبويه على مقتضى : يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي كظهور الكافر من المؤمن والمؤمن من الكافر.
فهذا هو حكم الوجه الخاص الذي يعرفه المحققون من أهل الكشف والشهود، فإن للقلب في عندية مقلبه وجها خاصة يأخذ منه، إما من حيثية الاسم الهادي»  أو من حيثية الاسم  «المضل»، أو تارة وتارة.
وبالاعتبار الرابع : بدء خلوص متهيئ للتغير إما بالمزيد أو بالنقص، ولكن باقتضاء الروحانيات الباقية المثمرة للحوادث الفانية بتوسط الحركات الفلكية والأوضاع الكوكبية المتجددة الزائلة .

183- ولما كانت فطرة الإنسان، حالة انتقاله من شيئية ثبوته إلى شيئية الوجود مخصصة بالوجود الذي من سوانحه الهداية .

قال قدس سره : ( اعلم أن الإنسان ملك الهداية في أول نشأته) المعبر عنها بحالة اقتران ماهيته بالوجود بمرجح ؛ فالهداية فطرة له .
(وهي الفطرة التي فطره الله عليها وفطر الناس عليه) إذ الهداية من سوانح الوجود الفائض على قابلياتهم، إذا لم يزاحمها حكم غلبة الإمكانية .
كما أن الضلالة من غلبة حكم الإمكانية، إذا لم ترفعها غلبة حكم الوجود والوجوب. (وهو) أي اختصاص الإنسان في أول نشأته الوجودية، بملك الهداية موقع (ميثاق الذر) وهو مبدأ الصورة الجامعة الوجودية للإنسان. غير أنه تعالی نظرة إلى مال أمر الذر جعل البعض في القبضة اليمني والبعض في القبضة اليسرى.

ثم قال : هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي . ( وهذه الهداية ) مع كونها اختصاصا إلهية و سانحة وجودية (ليس للإنسان من جهة م يقتضيه طبعه) القاضي بإطلاقه و سراحه، (وجه يقتضي له التعشق به) أي بجهة ما يقتضيه طبعه، (فهو) أي الوجه الذي ليس يقتضي التعشق بها، (منافر لها طبع) أي لجهة ما يقتضيه طبعه .

184 - (والغواية لم يملك) الإنسان (إياها وملكها الشيطان) ولذلك قال عن ملكيته واقتداره : "قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) ". سورة ص. (وهي تلائم طبع الإنسان وتوافق مزاجه) لما فيها مما يتلذذ به، (وله بها تعشق نفساني) لا محيد له عن ذلك إلا بحكم قاسر وسلطان مبين .
(وسبب ذلك أن الإنسان لما كان ربانية في أصله) حيث تحقق بمظهرية عموم الإلهية والإمكانية، جامعا لما بطن وظهر من الحيثيين، متساوي النسبة إلى كل شيء في سوائيته، لا ميل له من هذه الحيثية إلى جهة تقيده و تحصره، (لم يحمل التحجير عليه، والهداية تحجير، والغواية رفع التحجير) فإنها تقتضي الاسترسال والسراح طبعة، (وإظهار ربوبية الإنسان) فإن الرب ل تحجير عليه، لا يسأل عما يفعل فشأنه أن يتصرف فيماشاء، كيفما شاء، مهما شاء، كم شاء. والإنسان إذا قام لرفع التحجير عن نفسه وإظهار إطلاق تصرفه، على مقتضى ما فيه من الربوبية، استهلكت عبوديته في تعليته الطبيعية الحاكمة عليه.

185 - (فلذلك من لم يعصمه الله تعالى) بالتزامه مشقة التحجير عليه واحتماله لوازم العبودية، (باع السعادة التي هي ملکه) نظرة إلى فطرته في أول نشأته، (بالشقاء لملاءمته لطبعه في الوقت الحاضر (بدار الدني) فإنه في الآجل غير ملائم؛ والسعادة بضده . (فإن السعادة) المكنى بها عن الهداية والتحجير، (تلائم طبعه أيضا، ولكن في المستأنف) أي في النشأة الآجلة، (فتعجل) عطف على قوله  «باع»  أي فتعجل في نيل ما يلائم طبعه، وإن أورث له الشقاوة الأبدية .
(ولذلك قال تعالى: " من كان يريد العاجلة") "عجلنا له فيها مانشاء لمن نريد (18) ". سورة الإسراء.

186 - (فهذا التجلي إذا حصل لك، فتحقق بالثبات فيه) إلى أن يعطيك حقوق مراسم مقامه، (فإنه) إذ ذاك (يثبتك على الفطرة) التي كانت الهداية لازمها، (والسعادة) التي كانت الفطرة في أول النشأة مالكها.




 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!