موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

سفر الابتلاء وهو سفر الهبوط من علو إلى سفل

 

 


ومن قرب إلى بعد فيما يظهر وكأنه مناقض للسفر الذي تقدمه وفيه ما فيه وان لم يقو قوته

قال اللّه عز وجل يخاطب آدم وحوا ومن نزل معهم ( قُلْنَا اهْبِطُو مِنْها جَمِيعاً )

وقد تكلمنا على سفر الأب الأول في الروحانيات وهو أبو آدم وأبو العالم وهو حقيقة محمد صلى اللّه عليه وسلم وروحه

فلنتكلم على سفر الأب الجسمي وهو أبو محمد صلى اللّه عليه وسلم وأبو بني آدم كلهم خاصة فكل واحد منهما أب وابن لصاحبه من هذا الوجه ،

فاعلم وفقنا اللّه وإياك ان اللّه تعالى إذا أراد ان يحدث امرا أشار اليه بعلامات لمن فهمها يتقدم على وجود الشئ تسمى مقدمات الكون يشعر بها أهل الشعور وكثيرا ما يطرأ هذا في الوجود في عالم الشهادة ولا سيما إذا ظهر في موضع ما لا يليق بذلك الموضع فإنه يخاف من ظهور ما يناسب ما ظهر وهذه الطيرة عند العرب والفال فم كان مما تحمده النفس كان فالا وما كان مما يكرهونه كان عندهم طيرة ولهذا أحب الشارع صلى اللّه عليه وسلم الفال وهو الكلمة الحسنة وكره الطيرة اى كره ان يتطير بشئ والفال عند العرب خير والطيرة شر ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً )

ولا فاعل الا اللّه وهو صلى اللّه عليه وسلم يكره ان يتطير بما يجريه اللّه من المقدور فان كراهة ذلك عدم احترام الألوهة والأولى ان يتلقى ما لا يوافق الغرض منهما بالحمد والتسليم والرضا والانقياد ورؤية ما دفع اللّه مما هو أعظم من الذي نزل كان عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه يقول في مثل هذا ما أصابني اللّه تعالى بمصيبة الا رأيت أن للّه علىّ فيها ثلاث نعم احدى ذلك كونها لم تكن في ديني ،

الثانية كونها كانت ولم يكن ما هو أعظم منها ، الثالثة ما لي فيها من الاجر وحط الخطايا فانظر إلى حضوره وحسن نظره فيما يبتليه اللّه به رضى اللّه عنه .

ولما كان الامر هكذا جاريا عرفناه بحكم العادة والتجربة ولم يتقدم لآدم عليه السلام عادة ولا تجربة لهذا الفن فلم يتفطن آدم عليه السلام كتحجير اللّه عليه الأكل من الشجرة وموطن الجنة لا يقتضى التحجير

فإنه يأكل منها فيها ما يشاء ويتبوأ منها حيث يشاء فلما وقع التحجير في موطن لا يقتضى ذلك عرفنا انه لابد ان تظهر حقيقة ذلك الأثر وانه يستنزل من عالم السعة والراحة إلى عالم الضيق والتكليف ولو عرفها آدم ما تهنأ زمان مقامه في الجنة ومن جملة ما نسب آدم إلى نفسه من الظلم

في قوله ( رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَن )حيث لم يتفطن لاشارتك بالتحجير والمنع في موطن التسريح والإباحة ولهذا نهى ولم يؤمر امر ايجاب

وكان حاملا للمخالف من ولده في ظهره والطائع فأوقع المخالفة عن حركة المخالف فلما رماه من صلبه ما بلغنا ان آدم عليه السلام عصى ربه بعد ذلك ابدا وافرد بالمعصية دون أهله

في قوله ( وَعَصى ) ( آدَمُ رَبَّهُ )والنهى وقع عليهما والفعل وقع عنهم لأنها جزء منه فكأنها ما ثم الا هو ولأنه أقرب إلى الذكرى من حواء فنسى والمرأة انسى من الرجل

ولهذا قامت المرأتان في الشهادة مقام الرجل الواحد لان اللّه تعالى يقول ( فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى )

وذلك لأن المرأة شق من الرجل فامرأتان شقان وشقان نشأة كاملة فامرأتان رجل واحد فهي ناقصة الخلق معوجة في النشىء لأنها ضلع فاهدرت من اللفظ ولم تذكر وذكر آدم عليه السلام لنقيض ما ذكرناه في حواء ونسيان آدم عليه السلام انما كان لما اخبره اللّه تعالى به من عداوة إبليس

وما تخيل آدم عليه السلام ان أحدا يقسم باللّه كاذبا فلما اقسم باللّه انه ناصح لهما فيما ذكره لهما تناولا من الشجرة المنهى عنها وفي هذا تنبيه في ان الاجتهاد لا يسوغ مع وجود النص في المسئلة

وفي عداوة إبليس لحواء بشرى لها بالسعادة لأنها لو كانت من حزب الشيطان م كان عدوا لها والذم تعلق بصورة الكسب لا بالفاعل المكتسب ولو تعلق الذم بالمكتسب لبغضنا العصاة ونحن انما نكره منهم المعصية

ولا تزال المعصية مكروهة اعني معصية اللّه وكذلك أيضا لا تقع الكراهة من على السبب المعصى به فإنه قد ينسخ تحريمه ويرجع حلالا فتزول الكراهة فلو تعلق الذم به لعينه لم يزل مذموما فتعلق الذم انما هو لامر دقيق خفى إضافي يكاد لا يثبت

وكذلك الحمد فافهم ، وتفطنت المعتزلة لسر في هذه المسئلة فانتبهت له الأشاعرة وهو سر دقيق حسن فحقق النظر فيه تجد الذي عثرت عليه المعتزلة .

ثم نرجع ونقول فلما وقع ما وقع من آدم وحوا اهبطا إلى الأرض فهذا سفر في الظاهر من عنده وكذلك سفر إبليس من عنده فوجد إبليس في سفره الملك والراحة التي يؤل بها إلى الشقاء الدائم ووجد آدم المشقة والتعب والتكليف الذي يؤل به إلى السعادة وكان من علو سفره هذا انه سافر من شهوة نفسه إلى معرفة عبوديته فان الجنة لمجرد الشهوات

لهذا قال ( لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ )وأكمل له هنا لباسه فإنه كان في الجنة صاحب لباس واحد وهو الريش ولم يعرف طعما للباس التقوى لان الجنة ليست بمحل للتقوى لأنها نعيم كلها والتقوى يطلب ما يتقى منه فاذن فلا يكون في الجنة .

ولما لم يكن عنده عليه السلام لباس التقوى ووقع النهى لم يكن له علم بم يتقيه إذ التقوى من صفات هذه الدار وما عدا الجنة فلما نزل من الجنة انزل عليه لباس سر النشأة ولباس التقوى ثم نهى وامر

وكلف فلم يتصور منه بعد ذلك مخالفة حماية هذا اللباس فصار نزوله إلى هذه الدار من تمام نشأته ومرتبته ثم رحلته إلى الجنة من كمال مرتبته ونفسه والدنيا دار تمام والآخرة دار كمال

وليس بعد الكمال مطلب فما بعد الدار من دار أصلا فأقام آدم عليه السلام في سفره هذا يقتنى المعارف الكسبية من جهة التكليف التي لم يكن يحصل له دون التكليف وهذا ان الدنيا دار تمام للعبد واقتناء المعارف الفكرية التي لا تعطيها الا الدني فان نشأة الجنة كشف كلها واحد يقتنى معارف التدبير والتفصيل والحسن والأحسن والأولى والأحرى ومعرفة الترتيب ابتداء

وهذا لا يكون الا في الدنيا من اجل كثافة النشأة والبخارات المانعة من الكشف فيحتاج إلى قوة لا يكون له الا بوجود هذه الموانع ولولاها لم تعطه

فهذا من تمامه ولهذا قال سهل بن عبد اللّه ليس للعقل فائدة في الانسان ال ليدفع به الانسان سلطان شهوته خاصة وإذا غلبت الشهوة بقي العقل لا حكم له .

ومما يؤيد ما ذكره سهل ما اطلعنا اللّه تعالى عليه عند كشف الاسرار فأران في اسرارنا بالهامه الأنزه ان الملائكة في المعارف خلقت

وكذلك الجمادات والنباتات والحيوان خلق في المعارف والشهوة ولهذا هو مع معرفته وشفقته من الساعة لا يرجع عن شهوته وشفقته من اجل ما يصير اليه مع ما نراه من المخالفة منا رأى بعضهم رجلا يضرب رأس حمار له

فنهاه عن ذلك فقال له الحمار دعه فإنه على رأسه يضرب والانسان خلق في المعارف الضرورية والشهوة والعقل فبعقله يرد شهوته

ومما اقتناه آدم عليه السلام في معصيته وسفره من أسماء ربه ومن آثاره ومشاهدتها التي لم تكن قبل ذلك يعرفه وهو الغافر المغفرة وان كان الغفور فمن اجل ان معصيته شديدة بالنسبة إلى مقامه يقتضى ما تقتضيه مائة الف معصية من غيره مثلا وهو سبحانه في حق هذا الغير غفور فقد يكون غفورا في حق آدم من هذا الوجه وغافرا من كونها مخالفة واحدة وربما وقعت بتأويل منه ولو نسي النهى ما عوقب أصل

وانما نسي ما ذكرناه ، وكذلك اقتناء الاجتباء والتوبة والاستغفار والعفو والخوف والامن الوارد عقيب الخوف فإنه أشد لذة من الاستصحاب وكذلك نتج له هذا السفر معرفة التركيب والانشاء والتحليل فعرف من ذلك نشأة بنيته بتعاقب الادوار شيئا بعد شئ بخلاف تكوين الجنة فإنه دفعه في حق الناظر

وان الهم مصروف في الجنة لمجرد اللذة والنعيم والهم في الدنيا مصروف إلى الزيادة من العلم والبحث عنه فلهذا يعرف من هنا ما لا يعرفه من هناك فينتج له سفره من مثل هذا كثيرا والاسفار كثيرة وأخاف من التطويل وهذا السفر للآدمى يحوى على كثير يحتاج ان يفرد له ديوان كذلك كل سفر ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب فالحق ما سكتن عنه بما تكلمنا عليه ما يناسب ترشد ان شاء اللّه .


mdtxDk12MpU

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!