موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

سفر الخلق والامر وهو سفر الابداع

 

 


يقول اللّه تبارك وتعالى ( ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَه وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ )

بالفتق والرتق: ( وَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُم )

وجاء بكلمة ثم بعد خلق الأرض توذن غالبا بأن الثاني بعد الأول بمهلة وهو زمان خلق الأرض وتقدير أقواتها في أربعة أيام من أيام الشان يومان لشانها في عينه وذاتها ويوم لظهورها وشهادتها ويوم لبطونها وغيبتها ويومان لما أودع فيها من الأقوات الغيبية والشهادية في يومين .

ثم كان الاستواء الاقدس الذي هو المقصود والتوجه إلى فتق السماوات وفطره فلما قضاهن سبع سماوات في يومين من أيام الشان أوحى في كل سماء امرها فاودع فيه جميع ما تحتاج اليه المولدات من الأمور في تركيبها وتحليلها وتبديلها وتغييره وانتقالها من حال إلى حال بالادوار والأطوار وهذا من الامر الإلهي المودع في السماوات في قوله ( وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَه )

من الروحانيات العلية فبرز بالتحريكات الفلكية ليظهر التكوين في الأركان بحسب الامر الذي يكون في تلك الحركة وفي ذلك الفلك فلما فتقها من رتقها ودارت وكانت شفافة في ذاتها وجرمها حتى لا تكون سترا لما وراءها أدركنا بالابصار ما في الفلك الثامن من مصابيح النجوم فيتخيل انها في السماء الدني

واللّه يقول ( وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ )ولا يلزم من زينة الشئ ان يكون فيه واما قوله . وحفظا فهي الرجوم التي تحدث في كرة الأثير لاحراق الذين يسترقون السمع من الشياطين فجعل اللّه لذلك شهابا رصدا وهي الكواكب ذوات الأذناب ويخترق البصر الجو حتى يصل إلى السماء الدنيا فلا يرى من فطور فينفذ فيه فينقلب خاسئا وهو حسير أي قداعى وجعل في كل سماء من هذه السبعة كوكبا سابحا وهو قوله تعالى ( كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )*

فتحدث الأفلاك بحركات الكواكب لا السماوات فتشهد الحركات من السبعة السيارة ان المصابيح في الفلك الثامن وزينا السماء الدنيا لان البصر لا يدركها ال فيها فوقع الخطاب بحسب ما تعطيه الروية

لهذا قال ( زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ )*

ولم يقل خلقناها فيها وليس من شرط الزينة أن تكون في ذات المزين بها ولابد فان الرجل والخيل من زينة السلطان وما هم قائمان بذاته ولما كملت البنية الانسانية وصحّت التسوية وكان التوجه الإلهي بالنفخ العلوي في حركة الفلك الرابع من السبعة وقبل هذا المسمى الذي هو الانسان لكمال تسويته السر الإلهي الذي لم يقبله غيره وبهذا صح له المقامات مقام الصورة ومقام الخلافة .

فلما كملت الأرض البدنية وقدر فيها أقواتها وحصل فيها قواها الخاصة بها من كونها حيوانا نباتا كالقوة الجاذبة والهاضمة والماسكة والدافعة والنامية المغذية وفتقت طبقاتها السبعة من جلد ولحم وشحم وعرق وعصب وعضل وعظم استوى السر الإلهي الساري فيه منفخ النفخ الروحي إلى العالم العلوي من البدن وهو بخارات تصعد كالدخان

ففتق فيها سبع سماوات السماء الدنيا وهي الخنس وزينها بالنجوم والمصابيح مثل العينين وسماء الخيال وسماء الفكر وسماء العقل وسماء الذكر وسماء الحفظ وسماء الوهم .

وأوحى في كل سماء امرها وهو ما أودع في الحس من ادراك المحسوسات ولا نتعرض للكيفية في ذلك للخلاف الواقع فيها وان كنا نعلم ذلك فان علمنا لا يرفع الخلاف من العالم وفي الخيال من متخيلات المستحيلات وفي العقل من المعقولات

وهكذا في كل سماء ما يشاكلها من جنسها فان أهل كل سماء مخلوقون منها فهم بحسب مزاج أماكنهم وخلق في كل سماء من هذه السبعة كوكبا سابحا في مقابلة الكواكب السيارة تسمى صفات وهي الحياة والسمع والبصر والقدرة والإرادة والعلم والكلام كل يجرى إلى اجل مسمى فلا تدرك قوة الا ما خلقت له خاصة فالبصر لا يرى سوى المحسوسات المبصرات والحس فينقلب خاسئ

فإنه لا يجد قطرا ينفذ فيه والعقل يثبت هذا كله يشهد بذلك الحركات الفلكية التي في الانسان وذلك بتقدير العزيز العليم ،

فهذا سفر أسفر عن محياه ودل على تنزيه مولاه ونتج ظهور العالم العلوي فان السفر انما سمى سفرا لأنه يسفر عن اخلاق الرجال معناه انه يظهر ما ينطوى عليه كل انسان من الاخلاق المذمومة والمحمودة

يقال سفرت المرأة عن وجهها إذا أزالت برقعها الذي يستر وجهها فبان للبصر ما هي عليه الصور من الحسن والقبح قال اللّه تعالى يخاطب العرب ( وَالصُّبْحِ إِذ أَسْفَرَ )معناه اظهر إلى الابصار مبصراتها قال الشاعر .

وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت * فقد رابني منها الغداة سفورها

فان العرب جرت عادتهم ان المرأة إذا أرادت ان تعلم أن وراءها شرا أسفرت عن وجهها وكان هذا القائل قد اعمل الحيلة في الوصول إلى محبوبته فشعر قومها به وعرفت المرأة بشعورهم فعندما بصرت به سفرت عن وجهها فعلم أن وراءها الشر فخاف عليه وانصرف وهو ينشد .

فقدر ابني منها الغداة سفورها * وما مثل هذا السفر ينزل ربن

واشباهه وقد اغنت الإشارة عن البسط واللّه يقول الحق وهو يهدى السبيل .

سفر القرآن العزيز

قال اللّه عز وجل ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ )السورة بكمالها وهو قوله ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ )

هذا انزال انذار، قوله تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ )يعنى القرآن العزيز فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

قال أهل التفسير نقلا نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا ثم نزل منها على قلب محمد صلى اللّه عليه وسلم نجوما وهذا سفر لا يزال ابدا ما دام متلوا بالألسنة سرا وعلانية وليلة القدر الباقية على الحقيقة في حق العبد هي نفسه إذا صفت وزكت ولهذا قال ( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ )

وكذلك النفس خلق فيها كل امر حكيم فألهمها فجورها على المعنيين وتقواه كذلك وقلبه في الاعتبار السماء الدنيا التي نزل إليها القرآن مجموعا فعاد فرقان بحسب المخاطبين فليس حظ البصر منه حظ السمع وانما قلنا نزل إلى قلبك دفعة واحدة فلسنا نعنى انك حفظته ووعيته فان كلامنا انما هو روحاني معنوي وانما اعني انه عندك ولا تعلم فإنه ليس من شرط السماء لما نزل إليها القرآن ان تحفظ نصه .

ثم إنه ينزل عليك نجوما منك بكشف غطائك عنك وقد رأيت ذلك من نفسي في بدء امرى ورأيت هذا لشيخى أبى العباس العرينى من غرب الأندلس من أهل العليا وسمعت ذلك عن جماعة من أهل طريقنا انهم يحفظون القرآن أو آيات منه من غير تعليم معلم بالتعلم المعتاد ولكن يجده في قلبه ينطق بلغته العربية المكتوبة في المصاحف .

ان كان أعجميا روينا عن أبي يزيد البسطامي رحمه اللّه قال عنه أبو موسى الديبلى انه ما مات حتى استظهر القرآن من غير تلقين ملقن معتاد فاما كونه لا يزال ينزل على قلوب العباد لما قام الدليل على استحالة إقامة العرض زمانين

وقام الدليل على استحالة انتقاله من محل إلى محل وان حفط زيد لا ينتقل إلى عمرو فعند ما تسمع الاذن الملقن يلقى الآية عليها انزلها اللّه على قلبه فوعاها فإن كان القلب في شغل عاد الملقن

فعاد الانزال فالقرآن لا يزال منزلا ابدا فلو قال انسان انزل اللّه على القرآن لم يكذب فان القرآن لا يزال يسافر إلى قلوب الحافظين له .

وما كون النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا جاءه جبريل بالقرآن بادر بقراءته قبل ان يقضى اليه وحيه وذلك لقوة كشفه فإنه وانما قلنا نزل إلى قلبك دفعة واحدة فلسنا نعنى انك حفظته ووعيته فان كلامنا انما هو روحاني معنوي وانما اعني انه عندك ولا تعلم فإنه ليس من شرط السماء لما نزل إليها القرآن ان تحفظ نصه .

ثم إنه ينزل عليك نجوما منك بكشف غطائك عنك وقد رأيت ذلك من نفسي في بدء امرى ورأيت هذا لشيخى أبى العباس العرينى من غرب الأندلس من أهل العليا وسمعت ذلك عن جماعة من أهل طريقنا انهم يحفظون القرآن أو آيات منه من غير تعليم معلم بالتعلم المعتاد ولكن يجده في قلبه ينطق بلغته العربية المكتوبة في المصاحف .

ان كان أعجميا روينا عن أبي يزيد البسطامي رحمه اللّه قال عنه أبو موسى الديبلى انه ما مات حتى استظهر القرآن من غير تلقين ملقن معتاد فاما كونه لا يزال ينزل على قلوب العباد لما قام الدليل على استحالة إقامة العرض زمانين

وقام الدليل على استحالة انتقاله من محل إلى محل وان حفط زيد لا ينتقل إلى عمرو فعند ما تسمع الاذن الملقن يلقى الآية عليها انزلها اللّه على قلبه فوعاها فإن كان القلب في شغل عاد الملقن فعاد الانزال فالقرآن لا يزال منزلا ابدا فلو قال انسان انزل اللّه على القرآن لم يكذب فان القرآن لا يزال يسافر إلى قلوب الحافظين له .

وما كون النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا جاءه جبريل بالقرآن بادر بقراءته قبل ان يقضى اليه وحيه وذلك لقوة كشفه فإنه الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْن حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِن .

سبحان من اسرى اليه بعبده * ليرى الذي أخفاه من آياته

كحضوره في غيبه وكسكره * في صحوه والمحو في اثباته

ويرى الذي عنه تكون سره * في منعه ان شاءه وهباته

ويزيل ما ابدا له من جوده * بوجوده والفقد من هيآته

سبحانه من سيد ومهيمن * في ذاته وسماته وصفاته

قرن سبحانه التسبيح بهذا السفر الذي هو الاسراء ينفى بذلك عن قلب صاحب الوهم ومن تحكم عليه خياله من أهل الشبه والتجسيم ما يتخيله في حق الحق من الجهة والحد والمكان

فلهذا قال ( لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِن )فجعله مسافرا به صلى اللّه عليه وسلم يعلم أن الامر من عنده عز وجل هبة آلهية وعناية سبقت له مما لم يخطر بسره ول اختلج في ضميره وجعله ليلا تمكينا لاختصاصه بمقام المحبة

لأنه اتخذه خليلا حبيبا وأكده بقوله ليلا مع أن الاسراء لا يكون في اللسان الا ليلا لا نهارا لرفع الاشكال حتى لا يتخيل انه اسرى بروحه ويزيل بذلك من خاطر من يعتقد من الناس ان الاسراء ربما يكون نهار

فان القرآن وان كان نزل بلسان العرب فإنه خاطب به الناس أجمعين أصحاب اللسان وغيرهم والليل أحب زمان للمحبين لجمعهما فيه والخلوة بالحبيب متحققة بالليل ولتكون رؤية الآيات بالأنوار الإلهية خارجة عن العادة عند العرب بما لم تكن تعرفها فان البصر لا يدرك شيئا من المرئيات بنوره خاصة الا الظلمة والنور الذي به يكشف الأشياء إذا كان حيث لا تغلب قوة نور البصر

فإذا غلب حكمه مع نور البصر حكم الظلمة لا يرى سواه إذ كان البصر لا يدرك في الظلمة الشديدة سوى الظلمة فالبصر يرى بالنور المعتدل النور وما يظهر له النور من الأشياء المدركة ولا فائدة عند السامع لو كان العروج به نهارا في رؤية الآيات فإنه معلوم له فلهذا كان ليلا .

واتى أيضا بقوله ( لَيْلً )ليحقق ان الاسراء كان بجسده الشريف صلى اللّه عليه وسلم فان قوله اسرى يغنى عن ذكر الليل قليلا في موضع الحال من عبده كما قال .

يا راحلين إلى المختار من مضر * زرتم جسوما وزرنا نحن أرواح

وادخل الباء في قوله بِعَبْدِهِ لامرين في نظر المحققين من أهل اللّه الامر الواحد من اجل المناسبة بين العبودية التي هي الذلة وبين حرف الخفض والكسر

فان كل ذليل منكسر واضافه إلى الهو ولم يكن منها اسم ظاهر للحق الا من الأسماء النواقص التي لا تتم الا بصلة وعائد فاسرى بعبده صلته والعائد اليه المضمر والمضمر غيب بلا شك

وهو هنا مضمر فهو غيب في غيب فكأنه هو الهو كما يقول غيب الغيب فانبأ بشرف الاسراء .

وكذلك ذكر المسجدين الحرام والأقصى وهذا يناسب ما ذكرناه من باب العبد وحرف الخفض هي الباء والمسجد مفعل موضع سجود الرجل والسجود عبودية والحرام يقتضى المنع والحجر فهو يطلب العبودية والأقصى يقتضى البعد والعبودية في غاية البعد من صفات الربوبية فاختار سبحانه لنبيه الشرف الكامل بهذين الامرين بأعلى ما يكون من صفات الخلق وليس الا العبودية وما يشاكلها من حروف الخفض والمساجد والحرام والأقصى

وكذلك مما شرفه به في مقابلة هذه العبودية الكلية التي تعطى المعرفة التامة بأنه ما جعل له من أسمائه ما يقيده به لأن هذه العبودية المذكورة ههنا ل تقتضى تقييدا باسم الهى من أسماء التأثير

ولكن يطلب من الالوهة ما يشاكلها في الرفعة والتنزيه فان العبد إذا رفع من جميع الوجود وأكرم نزهت عبوديته عن الصفات السيادية الربانية الإلهية فهو تنزيهه وإذا وصفت بأوصاف الربوبية شبهت وفي التشبيه هلاكه

قال تعالى ( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ).

وقال كذلك ( يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ )

فكذلك الالوهة إذا كنى عنها في حق العبد بالأسماء التي تطلب وجود الخلق فليس ذلك بعلو ولا رفعة في حق العبد المخاطب بتلك الأسماء فان فيها ضربا مشابها بم تقتضيه العبودية من الافتقار إلى الأثر فكما في العبودية في هذا الاسراء حقها من جميع الوجوه كذلك وفي الالوهة حق ما يقتضى هذا الوفاء بالمنسوب إلى العبد فاتى بالهو وبهو الهو الذي هو غيب الغيب فلما نزل صلى اللّه عليه وسلم من عبوديته إلى م ذكرناه اسرى به إلى غيب الغيب الذي ذكرناه فمن هناك شاهد حيثية الحق أحدا فردا فان المحبة تقتضى الغيرة فلا يبقى للعبد اثر فان العبد قادر وما عليه تحجير فما ظهر هنالك أصلا اسم سوى هذا الهو ولما كان الوحي كان مسامرة لكونه ليلا وأعلى مجالس الحديث المسامرة لأنها خلوة في خلوة وموضع ادلال وتقريب مصطفى

واما الآيات التي رآها فمنها في الآفاق ومنها في نفسه قال عز وجل ( سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ )وقال ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ فَلا تُبْصِرُونَ )

و قابَ قَوْسَيْنِ من آيات الآفاق حقق به مقام العبد من سيده وأدنى مقام المحبة والاختصاص بالهو ( فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى )

مقام المسامرة وهو هو الهو غيب الغيب وأيده ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى )والفؤاد قلب القلب وللقلب رؤية وللفؤاد رؤية فرؤية القلب يدركها العمى إذا صدرت عن الحق بايثار غيره بعد تقريبه إياه ( وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )

والفؤاد لا يعمى لأنه لا يعرف الكون وماله تعلق الا بسيده ولا يتعلق من سيده الا بغيب الغيب وهو هو الهو لمناسبة المقامات والمراتب

ولهذا قال ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى )فإنه قد يغلط البصر كثيرا وان كان هذا عين الجهل من قائله فإنه لا يغلط الا الحاكم لا ما يدركه الحواس فالذي يقول يغلط البصر لكونه يرى الامر على خلاف ما هو عليه فيكذبه صاحبه فنفى عنه هذه الصفة لان الكذب انما يقع في عالم التشبيه والكثرة وهنا ليس ثم تشبيه أصلا فان العبد هن عبد من جميع الوجوه منزه مطلق التنزيه في العبودية وكذلك غيب الغيب الذي هو هو الهو

والآيات التي رآها في نفسه مشاكلته لهو الهو بعبودة العبودة في غيب الغيب لعين قلب القلب الذي هو الفؤاد وما كان أحد يراها وآيات الآفاق ما ذكره عليه السلام مما رأى في النجوم والسماوات والمعارج العلى والرفرف الأدنى وصريف الأقلام والمستوى وما غشى اللّه به سدرة المنتهى وهذا كله حول هذا المقام المخصص بالعبد الذي أقيم فيه في غيب الغيب

وقد نبه على هذا بقوله ( الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ )

ولم يذكر بركة المقام لأنه فوق الذكر لعدم التشبيه وهو مقام يتخطف الناس منه لعزته والمسجد الحرام للمسجد الأقصى كالجنة مع النار حفت الجنة بالمكاره

وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ وحفت النار بالشهوات إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ

فبطن لظهر وظهر لبطن وينتج هذا السفر مشاهدة ما ذكرناه من غيب الغيب والكلام في هذا المقام يطول فنقبض العنان ويكفى هذا القدر من الإشارة التي أوردناه فيه واللّه يقول الحق وهو يهدى السبيل .


mdtxDk12MpU

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!