The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

 ٢  كتاب الكتب  ٢ 

لسيدى الشيخ الامام محيى الدين بن العربى

المتوفى سنة  ۶٣٨  ه‍

الطبعة الاولى بمطبعة جمعية دائرة المعارف العثمانية

حيدرآباد الدكن

صانها اللّه تعالى عن جميع البلايا و الشرور و الفتن

سنة  ١٣۶٧  ه‍/ ١٩۴٨  م

تعداد الطبع  ۵٠٠ / ١٣۵٧  ف

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ و صلى اللّه على محمد و آله و سلم

و من كتاب كتبه الى بعض اخوانه

سلام على وليى فى اللّه تعالى ابى القاسم العماد ابن السكرى ابقاه اللّه محفوظا، و بعين الصون و الرعاية ملحوظا، و رحمة اللّه و بركاته اعلم ايدك اللّه ان الحقائق لا تتبدل، و ان مواجيد الحق لا تزال ترد على قلوب الواجدين و تتنزل، فلو بلغت اقصى ما اليه الانتها، و برزت من جلال حجب العزة و البهاء، لا تزال تحت امكان الأدلة العقلية موجبة لها او ساكتة عنها الالسن الشرعية و لهذا قال الجنيد و غيره من ائمتنا علمنا هذا مقيد بالكتاب و السنة و ما خاطب سبحانه الا اولى النهى و الالباب و ليغتنم وليى ابقاه اللّه حصول هذا الفقير المنقطع الواقف مع وهمه و خياله و المحجوب بما تجلى له من صورة مثاله ابى العباس الخياط و وقوعه فى حبالتك و حبسه فى دارة هالتك عسى اللّه ان يفتح له طريق الحق على يديك و ذلك بان تعرب له عن مراسم توحيده و توقفه على حقيقة وجوده فانه

 ٢ قد ملكته شبه كالشبه و لا تفطن لغوائلها و لا انتبه فقد قبض اللّه له من حضرة الابتلاء و المكر قرناء زينوا له سوء عمله و فسحوا له فى مجالس امله و دلوه بغرور تملكوه بمحال من القول و زور فاذا خلوا دونه ضحكوا عليه، و لا يعلم المسكين انه سقط فى يديه، و هو و اللّه رجل يقصد الخير و لا يعرف طريقه و يظن الحق فيما لا يعلم تحقيقه و اشد شبهة ملكته فاهلكته توحيده بنفى السوى الثابت عينه، و الصحيح بكل دليل كونه، و من جحد عين وجوده او نسب الى نفسه ما لا تقتضيه مراسم حدوده بان يقول انه عين معبوده فلا خفاء بجهله و لنسأل اللّه ان يلحقنا باهله فلو كان بمعزل عن قرنائه لاخذناه باهداب ردائه فتلافيكم لهذا الامر من اعظم الاجر، و السلام.

كتاب آخر

-اما بعد فانى احمد اليك اللّه الذى ميزك فى الرعيل الاول بان جعلك اول صديق بالامام الاكمل و اصلى على نبيه المرتقى به الى قاب قوسين و المعطى فى اوحى الى عبده جوامع الكلم و فصل الخطاب و قد اومأت مشعرا و نبهت مذكرا و مخبرا فى سياقى هذا القريض اربعين بيتا باربعين مصباحا و عند فراغك من قرع هذه الابيات و فتح ابوابها تلوح لك الحكمة مترفلة فى برود شبابها بعد حصول العلم اليقين الذى لا تشوبه شبهة و لا تخمين ان تتابع الحكم مواريها  ١ البيان كذا جاء السنة من اوتى جوامع الكلم فى مشاهدة العيان.


 ١ ) كذا.

 ٣ فالجود يريد الوجود، و الكرم يريد الحكم، و الايثار يريد الاسرار، و اقول دليلا و برهانا عندما تحققت منك ما سنذكره ايضاحا و اعلانا انك صاحب الغار و وارث الاسرار، و المفضل فى العشرة الابرار، صاحب الكبد المصحوب بانوار الانوار ايها الحبيب الاوفى المتنزه فى الموقف الاسنى ما اشوقنى للتخلق بصفاتك و التنزه فى روضة ذاتك و التجلى فى سر صفاء مرآتك، ما اشد وجدى بك و كلفى آه من عدمى و تلفى مولاى كم لى من زفرة علت من نار اشتياقك و كم لى من و جنة صدعت كبدى لمضيض فراقك ليتنى خديما بين يديك، ليتنى ممن تناديه فيقول لبيك طوبى لك ثم طوبى حيث نزهت ذلك الطرف الصقيل فى بهاء ذلك المحيا الجميل ليتنى سواد تلك العين و لا اقاسى اليم الشوق و البين هنيئا لك كم سر اوقره فى نفسك كم مرة غيبك عن ملكوتك و حسك لقد اشهدك مشاهد ما فغر بها فاه ناطق و لا وصل اليها من هذا الصنف مخترق طرائق كتابى لك يسرى بهمته العليا منتعلا نجوم السماء بين لطائف الحقائق و معارف الدقائق متكئا على رفارف الرقائق و كأنى بك تتردد فى اسرائك و قد كشف عنه ظلام غطائك بين الحمى السريانى و القاب العدنانى و كيف لا تخترق هذا المقامات و تخص بهذه الكرامات، و همة ذلك الشخص براقك و كلامه المصيب درياقك، فما مر البراق ببيت مشيد الا اخترقه و خرقه و لا وجد الدرياق الم كون الا محله و اذهبه ليتنى ممن اقتدى بمن نظر من نظر

۴ اليك و خدم من وفد على من وفد عليك و لا اخبط فى عشوة ظلماء حيث لا ظل و لا ماء قد ابتلعت الشفعية المدلهمة و نزلت عن متون العزمات المهمة فلا ابدى شيئا و لا اعيده و قد انهك جسمى وعد اللّه و وعيده و لا اجد الى الخلاص سبيلا و لا الى الاخلاص وصولا و ها انا فى تيه الحجاب حائر و على منهله وارد و صادر.

ليت اللّه اوقفنى على ما جنيته و لوح لى بالذنب الذى ارتكبته و اتيته فأستقبل المتاب على التعيين و انتقل من سجين الى عليين ترادف على هيمان عظيم اذ كتابهما مرقومان كيف يقع التمييز بين الكتابين و نقف على حقيقة المثالين، ارفع الهمة فى خديمك ايها الخديم الجحجاح فقد سويت قوادم الجناح و أخذت فى الميل و الاجناح، و تخلصت من رق الامساء و الاصباح و بعثت نحوك طرسا ملأته سوادا و جعلته للتعريف بمقامك العلى مهادا عسى انتظم فى تلك العصبة الزكية و العترة الملكية و النشأة الفلكية فلعمر التصوف و انه لقسم عظيم و حلف جليل كريم لَقَدْ مَنَّ اَللّٰهُ على بلقاء موصل الكتاب اليك و الوافد به عليك ابى محمد عبد اللّه بن سمى الخليل صاحب الجمل و الفصول فاتخذت النظر اليه عبادة و وجدت لها فى نفسى وجود زيادة و جاءت مقدمات الفتح و لاحت اعلام النجح فكيف بمشاهدة حضرة مقامك او مقام وجود امامك طوبى لارض وطئتها و تربة لمستها ليت خدى ارض نعليك و ذاتى قائمة بين يديك مصرفة تحت امرك

۵ و نهيك ذلولة منقادة بعناية همك و سرك رغبتى ان اكون منكم بخاطر حاضر عند مناجاتك فى حضرة ابتلاء السرائر.

و لعل معترضا يشير من بعيد، و يقول ان اللّه اقرب من حبل الوريد، فاقول له من هنا يرحم اللّه ابا يزيد فى نازله الفتى الذى استغنى باللّه عن رؤية العبيد فقيل له لو رأيت ابا يزيد مرة كان خيرا لك من ان ترى اللّه الف مرة فرآه فمات فالتحق باهل المقامات فصح عند اهل الذوق و التحقيق ان التجلى على قدر الطريق و قد نشر الرحمن بساطه و قدس ذاته عن الاحاطة و ابن الشهيد من الصديق و اين طريق من طريق و الشيخ المؤيد شيخنا ابو احمد فأجل حضرته ان اخطر ببالها و اتدرع بسربالها و ما كان منى من خطاب اليها فحال اعرضه عليها لتكون منه الى نظرة ألحق بها باهل النعمة و النضرة و احشر فى الاتباع لذلك المجد الذى لا يستطاع و هذا زمان قد ذهب شبابه و خلق اهابه، بصره حديد، و شيطانه مريد، و قرينه عتيد، و جباره عنيد، حطت فيه اقدار الاحرار، و طمس فيه و ميض الانوار و انفطرت فيه سماء الاسرار، و جهلت مقادير الاعيان و حجبت القلوب بمشاهدة الاكوان جهلت مقادير الشيوخ اهل المشاهد و الرسوخ و استنزلت الفاظهم جهلا و كان لها شموخ جعلنى اللّه من احيا رسمها و علا منصبها و اسمها بمنه.

كتاب آخر

-سلام على الشيخ الولى المبارك اللازم للطاعة القائم

۶ بالسنة و الجماعة كرمه اللّه بعبودية الاختصاص و منحه مفاتيح الصدق و الاخلاص كتابى للمولى كتاب عبد مفتون بنفسه محجوب بحسه مستمرة غفلاته كثيرة هفواته مطبقة ركعته قلبه شهواته انف فى السماء و است فى الماء دعواه دعوى العارفين و افعاله افعال الشياطين عبد ما ارتفع من مهاده و لا نظر فى غير سواده دلاه الشيطان بغروره و خدعه باباطيل زوره و نصب له حبالة امانيه و اعماه برؤية اسافله عن ملاحظة اعاليه عين جامدة و ارض هامدة و قلب قاس و عبد عاص آه كيف الخلاص من كدر الانتقاص الى صفوة الاجتباء و الاختصاص العبد مبعود بذنبه مطرود عن باب ربه انظر اليه بعين العناية و ارسمه فى ديوان الولاية و انشر عليه رداء الهداية البصر حديد النظر فى غير العبر و اليد باطشة من غير ارتباط و القدم ساعية فى محال الاختلاط و الاذن واعية لسيىء الكلام لا حسنه و اللسان ناطق بزور القول و فتنه و القلب بالوساوس معمور و بحجاب الدعاوى مستور قد سدت دونه ابواب التحقيق و سلك برعيته على غير طريق فهو تائه فى قفر لا انيس به و لا يستيقظ لذلك و لا ينتبه بل يخبط فى عشوة ظلماء حيث لا ظل و لا ماء.

فبينا هو يسحب اذ يال عجبه و يتردد فى ظلم حجبه اذ صرخ به الشيطان بآية ان عبادى ليس لك عليهم سلطان فافتتن بهذا الخطاب و سكر به و طاب و تخيل انه على المنظر البهيج و قد لعبت به رياح

 ٧ الهوج فكان عند هواه يسير على غير هداه حتى اشرف على شفا جرف هار و عاين اقبال الليل و ادبار النهار نادى بالدليل فرجع ورآه و قال منه بالبراءة فتحقق عند ذلك انه اللعين ابليس صاحب الخيال و التلبيس فرجع الى مولاه بالاقالة فاذا النبأ الصادق قد قاله (فَدَلاّٰهُمٰا بِغُرُورٍ فَلَمّٰا ذٰاقَا اَلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمٰا سَوْآتُهُمٰا) الآيات و قامت له الشواهد و الدلالات فناداه بلمته الملك يا من ابق عن سيده و هلك، كم لى انادى غير سميع هلا نويت اليه سبحانه الرجوع قلت و اياه اريد قال خدعك المريد فقلت يا ايها الملك الكريم و رسول العزيز الحكيم كن امامى واسع بالنور امامى، و ارفع لى منار الهدى، و جنبنى سبيل الرداء اكنفنى من طائشات سهام العدا و جد بى السير و استرنى عن الغير حتى يتصل حبلى بحبل الرحمن و ينتظم الشمل بالامان و طهرنى من اوضار الماثم و نزهنى من ارتكاب الجرائم و حلنى بالصفات الكرام و اهدنى طريق التفويض و الاستسلام، فانى استحيى من محمد عليه السلام حيث لم انهج مناهجه و لا عرجت معارجه و عصيت امره و نبذت زجره و خالفت من والاه و حالفت من عاداه فسلك غير بعيد باسمه المجيد و قال الق السمع و انت شهيد فسمعت ترجيع الالحان بتلاوة القرآن فقلت من هؤلاء الكرم قال اهل قيام الليل و الناس نيام يا نائم هكذا فليكن الاحترام.

 ٨ ثم استنشقت رائحة الطيب فقال هذا خلوف افواه الصائمين لمناجاة الحبيب بابطال هكذا فليكن الاحتشام و الاهتمام و لم يزل يسيرنى على مقامات المعاملات و يخترق بى سموات المناجاة حتى اوقفنى بحضرة الانوار و قال هذا محل المستغفرين بالاسحار فتذكرت حال مولانا الزكى فى ذلك المقام الكريم فى دعائه لكل ولى و حميم فخاطبنى له الملك بمن تعلق الخاطر ايها الغادر فقلت بحالة من سمتنى همته و عظمت لدى قيمته فهمت لها عزاما و ذبت وجدا و سقاما فهذا المقام هجيرها و انيسها و سميرها فقال لى اقرع الباب و انظر هل رسم فى ام الكتاب فقرعت باب الاستغفار فتجلى من وراء الاستار فصافحنى مصافحة حبيب و قال لى يا ايها الغريب العذيب لقد اطلت مغيبك حتى شوقت الى حميمك و قريبك ذاتى بذاتك منوطة و همتى بنجاتك مربوطة ادخل فى حزب الرحمن دخول متيم هيمان فرأيته ضجيعا لهمة ما رضيت بالدون و ما برحت عن التعلق بنجاة المغبون و قد اتخذت الشريعة جلبابا و الخلق الالهية اسبابا و دارت اكؤس راح الاشتياق لا الاشواق.

و ليعلم السيد ابقاه اللّه لما رمانى بسهمه البين و قد تفطر الكبد و همت العين لم ازل اقطع المناهل بتذكاركم و اعمر المنازل بجميل آثاركم حتى وصلنا قصر كتامه و الفينا بها الشيخ العلامة درة الفاخرة المواجد الموسوم فى ابناء الآخرة فدعا لكم بما يسر الواد و يسىء المعاد ثم رجعنا

 ٩ نحو الجزيرة الخضراء و المدينة الغراء فلقينا بها الشيخ العارف الصوفى الواقف الطريف الظريف ابا اسحاق بن طريف فذكرتم عنده باطيب الذكر و حبيتم منه باسنى الدعاء و اوفى الاجر ثم سرنا الى رندة فنزلنا بمحل الصوفى لمحقق الربانى المتخلق ابو الحسن الخونى  ١ فشكرتم عنده فوعى و حمد مساعيكم و دعا.

ثم شددنا الرحال و أخذنا فى الترحال الى اشبيلية لوارث الامام الاوحدى ابى عبد اللّه المحاسبى الشيخ القار ندنبه  ٢ و الذاب خواطر السوء بعلمه و حسن يقينه ابو عمران موسى بن عمران الماويلى و الفقيه العابد التقى الزاهد ابى عبد اللّه بن عسوم خليفة الامام ابى عبد اللّه المنسوب الى قسطلة  ٣ فما منهم الا من كان له الى ذكركم ابتهاج، و دعاء كريم فى نهار مشرق و ليل داج، ورد علينا بها من قدس اللّه صفاته و كرم بالمشاهدة ذاته محبكم و شاكركم و وليكم و ذاكركم الحاج السنى الاخلاق ابو محمد عبد اللّه المورارى خديم عبد الرزاق و هو قائل بحميد صحبتكم معترف بحسن عشرتكم داع لكم بانتظام السعادتين فى الحياتين و قد اعملنا الركاب بعون العزيز الوهاب الى. . . ۴ المكرمة ذات المشاهد المعظمة فلقيت بها الشاب الصالح المبادر الى جميع المصالح الفقير السنى المتشرع الحنيفى ابا عبد اللّه الاسطنى فاودعته من محاسنكم ما يحب


 ١ ) كذا فى الاصل و على هامشه «لعله الحبرنى»

 ٢ ) كذا لعله «الفار بدينه»

 ٣ ) كذا و فى الاندلس بلدان احدهما قسطله و الآخر قسطيلية

۴ ) كلمة مشتهة و علية علامة الشك و لعلها «قرطبة» .

 ١٠ و دعا لكم بمنال اسنى الرتب.

ثم رحلنا الى غرناطة الى سيدها و عابدها و مجتهدها و زاهدها ابى محمد عبد اللّه السكار الداعى فدعا لكم بما يسر اللّه على فؤاده ان يجعلكم من خير من اصطفاه من عباده ثم امتطينا الاقدام للاوحدى الامام ابى احمد بن سيدبون  ١ فلقيته بمرسية و قداد به الحق و هجره الخلق مكسوف البدر خامل القدر، لا ينظر اليه و لا يعول عليه قد هجره حبيبه و مقته قريبه تصفية ان شاء اللّه و تطهيرا ليحقق بكون اللّه عليما خبيرا، و ذلك لامور طرأت لا يمكن ذكرها الا مشافهة و لا يتحدث بها الا مواجهة لكن الشيخ وفقه اللّه اغراضه حميدة و مساعيه فى نفسه منججة سعيدة، غير أنه اعطى ملكا غاب عنه تدبيره فاول من ثار عليه وزيره و حرم سياسته فلم يحكم رياسته يبدو لك الصدق على وجهه و المقصد الحسن على عرضه، فان امضاه فى عالم الشهادة عاد قبيحا و صار فاسدا بعد ما كان صحيحا فدعا لكم و الشيخ ابى عمران المعلم و ثبته  ٢ بكل صفة فاضلة فيه فرحلت من عنده و قد بكى لفراقى متفجعا و خرج معى الى بعض الطريق مشيعا و هنا انتهى ما لقيت و لا ازور احدا بعدها ما بقيت، و السلام.

كتاب آخر

--سلام على الصالح الحبيب النازح القريب اما بعد فانى سافرت لكى اصح و اغنم و اتعلم ما لم اكن اعلم فهجرت الاهل و الوطن و رحلت من ساعتى عن ارض البدن و رقيت فى


 ١ ) كذا فى الاصل بغير نقط-

 ٢ ) كذا فى الاصل بغير نقط.

 ١١ صعود، و انتقل بدر حقيقتى من سعد الذابح الى سعد السعود، و امتطيت الجواب قاصدا حضرة الملك، و فنيت بالمنة عن العادة مخافة الهلاك و قطعت اليباب الشاسع حتى بلغت المقام التاسع، فسرت فى المحاق ثلاث لافوز عند الرجوع بثلاث و خلعت النعلين عند ما جزت موضع القدمين و خرقت الحجاب و فتحت الابواب فاشرفت على جبل الطور و بدا لى فيه الكتاب المسطور فرأيته جبروتيا فنزهت نفسى عنه فتلوته ملكوتيا فعند ما تلوته و وقفت على سره فهمت رأيت الواحد بالواحد و التقى الغائب بالشاهد فسر برجوعى اليه منه فكلمنى به عنه فقال ليس وراء اللّه منتهى، و ان فى ذلك لذكرى لاولى الالباب و النهى ثم قال لى متى احطت بالستة قلت عند ما طلقتها البتة فقال متى وقفت على مركز الدائرة قلت بعد ما رجمت العاهرة، و السلام.

كتاب آخر

--اما بعد يا اخى فان اللّه سبحانه لما كلف خلقه ما كلف و عرفهم على لسان نبيه عليه السلام بما شاء ان يعرف وجب على كل عاقل حكيم و مستبصر فيهم التأهب لما وعد و التامل لما به توعد، فبادر بالطاعة جهد الاستطاعة و شد عليك مئزر الحذر و تدبر ردع قوله سبحانه (كَلاّٰ لاٰ وَزَرَ إِلىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ اَلْمُسْتَقَرُّ) فاذا تيقنت النفس بورودها على تلك الاهوال سهل عليها عند ذلك ركوب شدائد الاعمال فراقب الاوقات و خاف الفوات و اتقى الآفات و قدم ما يجده بين يديه و وثق به سبحانه و عول عليه فمن اليه الرجوع حتما

 ١٢ ينبغى للعاقل ان يتخذ عنده يدا، و لا سيما من احاط بكل شىء علما و احصى كل شى عددا. فالواجب علينا يا اخى اذ قد بعد الدار و شط المزار ان يدعو بعضنا لبعض بظهر الغيب ان لا يجعلنا فيما عرفنا به اصحاب غفلة و لا ريب نهج اللّه بنا مناهج الاهتداء و عرج بنا معارج الاقتداء، و السلام.

كتاب آخر

-اما بعد يا اخى عصمنا اللّه و اياك من قبائح الغفلات و امننا من روعة البيات فان اللّه سبحانه لما اوضح المنهج الموصل اليه و بين الامر المزلف لديه حمل من اصطفاه من عباده عليه و عدل بمن حرمه الى احد جانبيه. فهنيئا لمن حمل على الجادة. و يابؤس لعبد قطعت عنه العناية الربانية و المادة و نحن يا اخى من هذا كله على بصيرة مع قبح سريرة، فتدارك اخاك بدعوة ترقيه الى موقف الاختصاص و تلحقه باهل الصدق و الاخلاص قبل ان تفجأه الموت فينقلب بحسرة الفوت فقد طال الامل و ساء العمل و ترادف الوبر  ١ الكسل و لم تعظنا بمرورها الايام و لا زجرتنا حوادث العلل و الآلام فسله سبحانه ام يظهر الذوات باحمد الصفات، و السلام.

كتاب آخر

--اما بعد يا اخى فالقدر سابق و القضاء لاحق فلا يغرنك ما انت عليه من سنى الاعمال و زكى الاحوال مادام رسنك مرخى و حبلك على غاربك ملقى فان الخاتمة امامك و لا تدرى بما يرسل الحق اليك ايامك فخذ الكرامة منه على ادب، و اعرض عن


 ١ ) كذا-

 ١٣ الاشتغال بها و خذ فى الطلب فكم مريد كانت حط عمله لما كانت غاية امله و من اللّه نسأل عصمة الاحوال فى السابقة و المآل، و السلام.

كتاب آخر

--اما بعد يا اخى فان الحق تعالى لما اظهر الدنيا باكوانها و اوجد الاشياء فى اعيانها كلمك بوساطة الشرع، و قال لك الق السمع، فخاطبك من هذه الوجهة ان كُلُّ شَيْءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ فمن وقف مع الكون حرم مشاهدة العين، و من وقف مع الهبات حرم لذة السمات، و من وقف مع المعرفة حرم وجود الموصوف فى الصفة، و اكثر الناس فى الحجاب و من قرب فقارع باب، فمن فتح له وصل امله و من سددونه اتهم ظنونه، فاسع يا اخى فى تحصيل ما لا يحصل و تفصيل ما لا يفصل، و السلام.

كتاب آخر

--سلام على عالم العلماء، و رافع الصفات و الاسماء ابقى اللّه رسمه فى الملأ الاعلى و ميزه فى الحضرات العلى، اما بعد فان الوجود كما بينته و الا. . .  ١ العلى كما عاينته غير ان الامر قدرده المدعى مشتبها بدعواه حين مازجه بهواه، فسلك على غير هداه لكن تعين علينا الاخذ بيد من هذه صفته، و رفع الهمة فى شخص هذه سمته، فانا و ان كنا قد فارقناهم فى المقام، و قد جمع اللّه بيننا فى الايمان الوافى التام، فقال عز من قائل إِنَّمَا اَلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فمن صحت عنده الاخوة فتظهر عليه آثار الفتوة و نحن فيما ندعيه من ارباب هذا الحال السنى فينبغى لنا ان ننظر فيهم بعين


 ١ ) كذا-مخروم فى الاصل.

 ١۴ الجود الالهى ليصح بذلك دعوانا و يتولاهم الحق كما تولانا، و السلام.

كتاب آخر

-سلام على الولى الايمانى و الخليل الاسلامى صحح اللّه له حاله، و اذهب عنه محاله، اما بعد فان البشرى فى التقوى كما ان الخسران فى الدعوى، قال تعالى (اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ كٰانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ اَلْبُشْرىٰ فِي اَلْحَيٰاةِ اَلدُّنْيٰا وَ فِي اَلْآخِرَةِ) السعيد من اتقى ربه و عرف ذنبه و اثر مولاه على من سواه، فانه سبحانه الباقى الوافى، و غيره الفانى الوانى، و من آوِي إِلىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ ، فهو الناجى السعيد، جعلنا اللّه و اياك ممن اوى اليه، و عول فى كل احواله عليه و زهد فيما فى يديه و حتى يكون الزلفى لديه و آمين بعزته و السلام.

كتاب آخر

--كتابى الى من لم يكن ثم كان و ضمه التركيب و تنزهه عن المكان و تقدس بسره عن الزمان لما وقف فى الآن ابقاه اللّه للعارفين علما و للحكم متمما.

اما بعد يا سيدى فانى خاطبت حضرتكم بما لا يقتضيه مقامى و لا يعرفه امامى لكن الكشف فى الطريق يعطى بعض تحقيق فقد تكلمنا فى الحق و ما يجب له و ما يستحيل و ما يجوز عليه و ان كنا من ذلك ممترين  ١ فانا من هذا العلم باللّه على يقين و ان كنت مقصرا فيما خاطبت فانى شرحت ما به احطت، فاعرفكم ابقى اللّه معروفكم


 ١ ) كذا و اللّه اعلم

 ١۵ و امضى فى رقاب الجاحدين سيوفكم فان النفس قد اوقفتنى فى ربانيتها و حجبتنى برهانيتها حتى انقض ظهرى وقوفها و اتعب فكرى سفوفها و قد اعطانى الكشف رفع الهمة عنها و الانتقال منها و المقام يابى الا المقام فكن بى خير رسول كما جعلتك خير مسؤل و اتخذتك انجح مامول، و الهمة منتظره لما يكون من اسرار الكاف و النون، و السلام الاتم على مقام البركة.

كتاب آخر

--كتابى لمن عقد الفضل عليه زمامه، و اتخذه امامه فليس لمنصرف عن حضرته منصرف، و لا لآمل عنها منحرف، و كيف تنصرف النفس عن شخص دون اخمصه النجم، و اقل اوصافه العلم، فعلاه قد وطى المعالى باقدامه، حتى اهتدت فى تيهها بمناره و اعلامه، و القيام بحق من هذه اوصافه عى من الطالب الاديب، و الاقرار بالعجز عن برها معرفة الحاذق الاريب، لا زال السعد له رسيلا، و المجد التليد له نزيلا، بمنه و السلام.

كتاب آخر

--كتابى عن و دملك الوفاء بأزمته، و قبض عنه السنة آراء العذر و أئمته، فلا يزال بقلب وليكم تحميه اسنته، و تدرسه السنته، و هذه صفة تغنيك عن الموصوف، و معرفة تستدل بها على المعروف، و كيف لا يثبت لكم هذا الود فى خلدى، و انتم عين الدهر و انسانه، و ترجمان العلم و لسانه، نكتة الفلك الدائر و تربح التاجر، لا زلتم للمعانى علما، و للملأ الأعلى فى اختصامهم حكما، و السلام.

 ١۶ 

كتاب آخر

-كتابى عن بر بجناب سيدى عالى السنا طيب الجنا، يانع الزهر، عاطر النشر، فايادى جوده المجيد، و كرمه التليد، اعجزنى شكرها حين اعوزنى حصرها، و العذر فى العجز عن حصر ما لا يتناهى مقبول، و يد الطول من سيدى على الاستمرار بخديمه موصول، و اللّه الكفيل بشكر ما اولى، و له الحمد فى الآخرة و الاولى، لا زالت المكارم بحضرة سيدى عاكفة، و المعالم عليها واقفة، و السلام.

كتاب آخر

--اما بعد فان صاحب المقامات، اذا رام اللقا مات فاذا اراد الانتهاض هاض، او الانفساح ساح، او الالهام هام، او الانتفاض فاض، او الخطاب طاب، او مناجاة الاسحار حار، او مناجاة الآصال صال، او سلوك الآثار ثار، او صعود المنار انار، او يفوز بالفراغ راغ، او هم بالانتزاغ زاغ، او وصل الى الايجاد جاد، او يعصم عن الاتحاد حاد، او يحشر فى الاتباع باع، او يغلب فى لكفاح فاح، او يستمسك بالعرى عرى، او يهدم الاشباح باح، او يلتذ بالابصار سار، او يستبيح اعمار  ١ السغار غار، او يمتطى فستوبين  ١ السنام نام، فسوس جوامع الكلم و ذى النون فقد جمع اللّه بينهما فى سورة ن.

فلما بلغ الواحد الاعلى و علا، كذلك لما حصر الآخر فى الادنى دنا، من اراد التخلق بسرائر الاسرى سرا، او يفوز بسبحة


 ١ ) كذا غير منقوط-و اللّه اعلم.

 ١٧ الضحى ضحا، لا يعرف الاسماء الامن سما، لا تغالط نفسك بالترهات و هات، فمن عرض نفسه للآفات فات، كم سالك عند الاتصال صال، فعوقب و هو بالانفصال صال، و كم واقف لم يجرع عند الحقيقة ريقه، و كم عارف ضل و ظل، و وارث للهدى ما هدى، اما علمت ان بقاء الحال محال، و ان فنى الطوالع رائع. و شهد الروائح رائح، و السلام.

كتاب آخر

--اما بعد ادام اللّه ايام من تعلق باللّه و جل عن النظر او الاشباه خير من تخلق بالصفات و الاسماء، و رقى الى الموقف الاسمى، فلما توسط بحر الصفات هبت على قلاع حقيقته رياح التوحيد فألقته بساحل الذات فصار للذات شاهدا، و لجمع الصفات و الاسماء مالكا و قابلا و ورث المقام، و اتضح الحق الجلى به و قام، اثبت لسفينة التركيب نوحها، و نفخ فى صورة الغلام روحها، و هدم جدار الكنز، و وقف فى الكبرياء و العز، اعلى اللّه مناره و اطلع فى سماء قلبه شمس توحيده و اقماره، و وهبه جوامع الكلم و اسراره، و السلام.

كتاب آخر

-اسلم على من عومل فدان،  ١ و فطر على النظير فبان، اوحدى المشاهدة غنى عن المشهود بالشاهد خير من توارى بالحجاب و ازال عن بابه الحجاب.

و ابواب الملوك محجبات و باب اللّه مبذول الفناء
تخلق باخلاق من اخرجه من وجود علمه، و تعرض لنفحات


 ١ ) على هامش صف و ران.

 ١٨ جوده، عبده على مقدار فهمه، وَ مٰا قَدَرُوا اَللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهِ ، فصح له الاثبات، و اجزلت له الهبات، و ملك مقاليد الاسباب، و رفعت رتبته عن درجة رؤية الاكتساب، و قيل له هٰذٰا عَطٰاؤُنٰا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسٰابٍ ، من انفق لغيره ما له، كيف يقيد الحق عليه اعماله، امام برز بين شدة و رخاء، و تهادى بين زعزع و رخاء، اظهار للبرازخ السنية و اثباتا لمقامات العلية و الدنية، اذ همة شيخنا و ضى اللّه عنه ما رضيت من الوجود الا بميراث صاحب المقام المحمود، فلا كمال مع اتخاذ الصفات، فانه مقام النقص و الآفات، و الافاين حظ الاسماء، و اين وجود الارض و السماء، و اين مرج البحرين، و اين كرسى القدمين، بعد أن يسلم للمعترض حد الاستوا، فأين وجود الماء و الهواء فشيخنا رضى اللّه عنه يضع الاشياء فى مواضعها، و يرد الشوارد الى مراتعها.

و قد ايده اللّه على ذلك، و حصل بيده زمة المسالك، فهو بين ناه و آمر، لكل وارد و صادر، فصح له الميراث النبوى، و المشهد اليثربى، جعلنا اللّه ممن اقتفى اثره، حتى لحق باصحابه البررة، و اعرف حضرة الولى ادام اللّه ايامها، و نشر فى موكب الوحدانية اعلامها، بوصول خديمه الحاج ابى محمد عبد اللّه بن الاديب الشاطبى الينا و نزوله علينا اكرم نزله، و اراح من مشقة السفر نزله.

فملأ قلب العبد سرورا بذكركم اياه، و الى العبد الآبق

 ١٩ ان يذكر مولاه، فلم يستطع العبد أن يستقر عند ذلك فرحا و اغتباطا، و لا قدر على نفسه ان يتخذ ارض المغرب بساطا، فكيف ان يتخذ فاسا معقلا، و هو أن يجد من دونكم موئلا، فامتطت همته متون الذاريات براقا، و سارت ركائب وجده نحو حضرتكم وجدا و اعناقا، لمشافهة الحضرة السنية، و تقبيل يمين بساطها تتميما للأمنية، فخفت عليها من الاحتراق بنور جلال المقام فى اول نظره، و قد ابى السر الان يوفى بنذره فى ملازمة الحضرة، فاتخذ من ظلال جودكم خياما، و غادر لدى بنات شوقكم ايتاما  ١ و محى آية الليل لأزوف الرحلة.

و قد خلع الكرى على الكواكب و لم ترعه حائلات الاسنة و القواضب، و ها هو قد حط رحله بفنائكم، و القى عصا تسياره بارجائكم، لياخذ ما علم عيانا، و ليشاهد السر اعلانا، و مثلكم من ينظر لسر وليه بغين جوده، و يفيض عليه من انوار وجوده، و قد اوصاه ان يعرض عليكم رقوم لوحه، و يوقفكم على مكتمات خواطر فتوحه، لتثبتوا له ما يجب اثباته، و ليصح له اثاره و آياته، فان العبد لم يزل عاكفا على لوح الاثبات و المحو متردد بين السكر فيه و الصحو، قارعا حلقة الباب راعيا فى ام الكتاب.

فان وهبتم ذلكم فمثلكم من وهب و ان كان غير ذلك قرأ على نفسه تَبَّتْ يَدٰا أَبِي لَهَبٍ ، فنعوذ باللّه من الردة، و من حجاب


 ١ ) لعله هكذا، لكن فى الاصل بغير نقط

 ٢٠ العدة و العدة، و العبد قد اودع بطن طرسه نبذا من اسرار نفسه لتزيلوا ارمد جفنها و تحيوا ميت دفنها فقال.

سرى بسر الذى اسررت مبتول عن الاله و بالرحمن موصول
فالنور للنور برهان و معرفة يدل ان حجاب الذات مسبول
من ادعى الذات ما ينفك ذا سخط عنها و دعواه اشراك و تضليل
الحال يكذبه و الحق يشهد لى ان قولى فيما قلت مقبول
ففى الفناء بقاء الرسم تعلمه من ذاته و سوى هذا اباطيل
انى لا عجب من قوم قلوبهم دمالج و بدعوا هم اكاليل
للّه قوم هم فى الغيب غيرهم و فى الشهادة اشخاص بهاليل
و السر منهم و ان كانوا ذوى عدد فرد غبى فمعلوم و مجهول
انى لا عجب للطرف العتيق و قد حاز لوجود سباقا و هو معقول
انى استقر به شأو الوجود و لم يظهره جمع و لا اخفاه تفصيل
فكل سر و إن دانت ركائبه الى الكثائف محسوس و معقول
هذا سرائر سر اللّه انزلها على فؤاد له الاسرار تنزيل
و لو لا ادام للّه بركتهم
 ١ هاهى.

سرائرى عند سر اللّه واضحة فكل سر بعين الصون ملحوظ
اخفيته غيرة منى عليه به عنى على انه فى العلم محفوظ
لكن الامر على ما فى كريم علمكم من افشاء اللّه سبحانه اسراره لاربابها و ما ظلم امرؤ اتى البيوت من ابوابها، و السلام.


 ١ ) كذا و عليه علامة الشك.

 ٢١ 

كتاب آخر

-استوهب اللّه لك ايها البارع ادبه الشائع فى المعانى ندبه العذب مورده العضب مهنده من المراتب القدسية سماها و جعله لاسمائه الحسنى مسماها.

كتبه العبد و الامل يرجو قد آن و قد عاد شرابا سائغا ما كان بالامس حميما آن، فللّه دره يوم العروبة واردا، و ربه وافدا بالمسرات و قاصدا، و كان بربوع الانس لم تكن على عروشها خاوية و بأزهار حدائق السرور بملاقاتكم لم تمس هشيمه ذاويه.

و عند ما اثنيت نحونا عنان طرف الود الجموح، و نظرت الينا بطرف العهد المتقادم الطموح، و جاء رسول الانس بشيرا، و القى قميص الالفة على جفن قد عمى لطول الفرقة فارتد بصيرا، فعاين اقبال صباح الاقتراب، و ادبار ظلام الاغتراب، و بدا له حاجب شمس خلوص الولاء، بمشرق المنن الالهية، و الا لاعاد طرف الحسود كليلا، ما وجد الى العرى سبيلا لا زال السعد لحضرتك خديما، و المجد التليد بجلالك نديما، و السلام.

كتاب آخر

--نقدم خطابى لحضرة الامام الاكرم و المقام الاقدس الاعظم رائس السهام، و رافع الاعلام، فسح اللّه له المدى، واقفه فى المرتدى فى ظاهر الردا، و قد كنا عرفناهم فى ذلك الخطاب المذكور بحقائق ما وراء الستور، و معولنا فى هذا الكتاب ان يكون من الحكمة لا من فصل الخطاب كتاب ربانية لا رهبانية و سادة

 ٢٢ لا عبادة و جمع لا فرق و حقيقة لا حق.

فأول ما به نفاتحك ما يغاديك و يراوحك و هو السر لاكبر، و النور الابهر الذى حاز مسراه ما لا يذكر، و قد بعثناه نحوك بريدا، و رميناك به سهما شديدا، فكأنى بوجود مرآك، ينادى من بالعراق لقد ابعدت مرماك، انه لقد جاوز بالمطلع تنزيها و تشريفا و تلقينا المصطنع تنبيها و تصريفا، فكيف لا يبعد هذا المرمى، و غاية ان يكون من نبه اشار و أومى، و الاشارة نداء على رأس البعد، فكيف يعبر عنها بعد مع انها عقائل الاشراك و حبائل الاشراك، لكن التعريف يستدعى ما قلنا فليقف الواقفون عندما جردناه، و ربما بلغ البريد الخبر و ظن انه الحق الاشهر، فقال لا مقام غاية الكمال، و لا سبيل الى هذا القول بحال، الا ان يكون علما لا وصفا و لا عرفا لا عرفا لقد صدق الصادق فى مبينه حيث قال، وَ مٰا قَدَرُوا اَللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً ، الى قوله، بِيَمِينِهِ ، اليس هذا حصول الملك فى يدا لاقتهار و تحقير الملك باخذ الاقتدار لئن كانت اسرار اسرار الازل اشرف وارد لقد ابصرناها كالحجر الجامد، و رضى اللّه عن ابى يزيد حيث قال انت المراد و المريد ليت شعرى اين كان حيث لا اين و لا مكان كما قيل.

ظهرت لمن ابقيت بعد فنائه فكان بلا كون لانك كنته
لا ذا بنية
 ١ و سر لا اينية و حقيقته لاهوتية و كنا نسهب الخطاب فاقصرنا و ما صفر الوطاب.


 ١ ) كذا و عليه علامة الشك.

 ٢٣ و هذى اشارات العيون مخبره و اسرار اسرار القديم منوره
اتينا بها فى صفحة الطور درة معطلة الاحياء غير مصوره
و الى هذا ادام اللّه ايامكم و نشر فى موكب الوحدانية اعلامكم فموصله اليكم خديمكم الصالح و العقل الراجح الحاج ابو محمد بن الاديب الشاطبى و كنا قد سألنا رب العزة فى الاطلاع على مقامه و الاشراف على مناهجه و اعلامه، فاوقفنا على ما سألناه، و اسعفنا فى ما طلبناه، و اخبرنا ان له الى الحضرة الفردانية انقطاعا قديما، و انخناسا مرعيا كريما و كان مكرما لديها، و مقربا فى كل حالة اليها للذى كانت قد بلته من همته و عنايته و نهضته فيما تقلد و اكتفى به و هو متغير الوصف و الذات جار فى كل ما يفعله الى ما يقع بالاغراض و الارادات، و قد أم جنابكم الرفيع و حماكم المنيع، و ظلكم الوريف المريع، متراميا على معارفكم قاصد البارع لطائفكم، لما عاينه من بركات سلطانكم، و عميم احسانكم، على من انقطع اليكم و امتنانكم، حتى ملأ القلوب و الاسماع و حتى ارتاحت الهمم للشوق الى ذلك
 ١ البقاع، و لم يزل مسبحا ممجدا و متهما بطيب ذكركم و منجدا، فخاطبناكم اكرمكم اللّه لتلحفونه  ١ رداء الاجمال، و تخلعون  ١ عليه برد الجلال و الجمال، حتى يتميز فى جملة عبدانكم، و يرتسم بجميل فضلكم فى ديوان احسانكم، و عند ما تخبرونه تحمدونه و شكرنا يوافيكم على ما تشيرون به فى جانبه و تفعلونه مرددا موصولا فى كل الاحيان مجددا، و السلام.


 ١ ) كذا

 ٢۴ 

كتاب آخر

-لما رأيت اكرمكم اللّه ان البسيط يحدو الوسيط يمد، و التخطيط يحل و يعد، و العرض يتميز و محله يتحيز، و ان حقيقة الانسان اشرف، و نفسه ارق و الطف، و باطنه حق، و ظاهره خلق، و المجد المتظاهر حيث لا باطن و لا ظاهر، اردت ان اثبت فى ذلك ليبقى اذا فنى الهالك، فلو لا ربط الحق بالحقيقة، ما صح وجود الخليقة، فتأمل ما يصل اليك، و تجاوز عنها فانها بعض ما لديك، و السلام.

كتاب آخر

-اما بعد فان الواصل على الحقيقة من صحا بعد نشوته، و افاق بعد غشيته و وصل بكرته بعشيته مع اتئاد مشيته، و فناء خشيته فاستغرق بسلوكه الاوقات، و اتحد عنده الميقات، فلم يعين عليه ملاحظة جزء، حتى لو فقده يعذب بعظيم رزء، فلما وصل هذا المقام، و احسن القعود بعد ما قام، و انتصب وارثا، وصل على التفصيل باعثا، و لم يزل كل ذى همة على مقامه باحثا تولى استمداد الارواح و ارسل على النفوس لواقح الرياح و قد رحق قدر الاحاح و المحاح  ١ و لا ذم الليل و لاحمد الصباح، بل صير كل واحد فى عالمه حركات مفتاح، و ان كان الواحد يعطيه الستر و الآخر يعطيه الايضاح، و سحب اذيال اللطائف فى رياض المعارف، و اشرقت ارض وجود منور الصديق و احاد هالة كور عمة الاحاطة بمفرق التحقيق، و السلام.

كتاب آخر

--بدأت باول يس الى قوله تعالى مُقْمَحُونَ ثم قلت


 ١ ) كذا

 ٢۵ اما بعد فان سر العبد الآلى مستفاد من السر الازلى و لذلك ينطق بلسانه و يجول فى ميدانه و خديمكم قد احرقه الاصطلام، حتى ما يحس بموارد الآلام، و هو اليوم، فى اول اودية المشاهدة، واضع قدم الموافقة و المساعدة، و قد آن زمن الآن و يقضى الدين و تطفى العين، و يفنى المقام و ينعدم الحال و المقام، و تتولى الموارد، و تترادف الفوائد، و تنصب الموائد، و يأكل الغائب و الشاهد فى صحن واحد، و اخاف الفوت قبل الوصول بمشاهدة الفصول، فخاطبتكم فى كريم عناية تورث النهاية، اذ لا نهاية مع بقاء البداية فلا وجود لمن لم يجمع الطرفين، كما لا حياة لمن لم يخلع الكونين،

اخذت قبضة الوجوذ فلما شهدت اعدمت و لم تتجزى
ثم صارت على الجسوم عذابا و عليها من المكاره حرزا

كتاب آخر

-

سلام عليكم ابا يوسف سلام البنى على ذاته
فقال السلام علينا و قد توسط بحر مناجاته
فما من فراق يكون السلام و لا من ورود من آياته
و لكنها نكتة سافرت من اعلى الى علوا ثباته
و رحمة اللّه و بركاته.

اما بعد فكتبه من لا يراكم غيره ثانيا، و لا يزال على جلالكم ثانيا، و لا يبرح عنانه الى جهة حضرتكم ثانيا، و لا يعتقدكم اولا و لا

 ٢۶ تاليا، بل وصله ايجاد و سر اتحاد فلو كان الامر اثنين لذقنا الم البين، فدل وجود اللذة فى بعد الدار، على اتحاد الاسرار، و لو وجدنا اللذة بالاقراب، لتشوقنا الى لقاء الغياب، و لكن لم يزل الحاضر مع ذاته حاضرا، و ان كان واردا عليها و صادرا، و من اللّه سبحانه نسأل المنحة لمن حرم ما او مأنا اليه و لم نغر فى ذلك عليه اذا الغيرة على الاغيار موقوفة، و على ارباب اهل الجمع و الوجود مصروفة، هيهات ما اقرب من ليس بات، و كيف يغار الانسان على ان يقف بعضه على بعضه، او يحول بين سنته و فرضه.

و قد قال من امرنا بالجرى على مهيعه، ان الانسان تكمل له فريضته من تطوعه، فلو لا ان الفريضة و النافلة سيان، ما امتزجا بالاعيان، فليس العالم على هذا بغير العارف، و لا الراجع بثان للواقف، فليس الا الاتحاد الصرف، لو لا العادة و العرف، الذى صحت به المراسلة و استجليت المواصلة، و كانت المكاتبة و المخاطبة، و فرق بين المعاقبة و المعاتبة، و لو لا حقائق العوالم، ما ندبت الاطلال و المعالم، و لوقوفكم رضى اللّه عنكم على حقائقها، و اختلاف طرائقها، سألتم الالتقاء جسما، و الاجتماع رسما، اذ و انتم العالمون بما ذكرته و العارفون بما سطرته من ان اجتماع الاجساد انما هو راجع لما ذكرناه من التأنيس المعتاد و لكن صاحب الحال الذى انخرقت عبادته  ١ و ثبت حشره و اعادته لا تزيده ما دام على


 ١ ) لعله «عادته»

 ٢٧ هذه الحالة تلك العوائد تاثيرا ما الامزجا منها بحاله بشيرا، فيأخذه منه بشراه، و يرده على مسراه، حتى يتنزه الحاضر، عن التعلق بالوارد، و القلب عن التعلق صادر، و الرغبة اليكم فى الدعاء الموصول، فى مظان القبول، و اللّه يقدس اوصافكم، و يحمد اتصافكم و السلام عليكم مردد معاد.

ابا يوسف و اللّه يعلم نيتى و ما بفؤاد الصب من لوعة الحب
لقد كنت اشهى ان اسير اليكم من الناهل الظمآن للمورد العذب
و لكننى لما رأيت بحالكم مزيد مع الاحبار فى حضرة القرب
فررت حذارا ان اموت صبابة بمشهدك الاسنى فافضح فى صحبى

كتاب آخر

-سلام على سر الفلك و معلم الملك حتى بدت للاول حركاته و تعينت للآخر مقاماته، فاورثهما من المفاخر ما اغنت عن الاول و الآخر، و اودعهما من المآثر، ما عجز عن التلفظ بها كل ناظم و ناثر.

اما بعد-فان اللّه عز و جل لما جعل الوجود زوجين فتفرد بالوترية دون ريب و لامين، اودع احد الزوجين سر انشاء الكونين فصار به فعالا فى العالمين و هو المقام الآلى المتصل بالسر الازلى و السلام

كتاب آخر

-اسلم على من خرج عن رق الاوقات و كلم من غير ميقات، السيد المؤمل العارف الاكمل، ابقاه اللّه مرشدا كما اكرمه فرعا و محتدا، كتبته و قد افنانى الحق عن شهود

 ٢٨ الحركات و السكنات و ملاحظة الواردات الممكنات و اوقفنى فى حضرة الادب و التجلى.

و قال لى هذا باب الاسم العزيز فعليك بالتخلق به و التحلى، و بينك و بينه من وراء هذا الحجاب سبعون الف حجاب، لو رفعت عنك لاحرقتك سبحاته و محقتك لمحاته، لكن قد اذن له ان يبرز لك صفة من صفاته على شكيك  ١ ذاته، و ان كانت ذاته مقدسة عن التضاهى، كما تقدست عن الوقوف و التناهى، و قد اخفيتها فى خزائن الغيرة حتى لا يلحظ من وجودى غيره و ترك الطالبين على الكشف عليه فى مهامه التيه و الحيرة، فهو صدفة درة المواد، و حدقة عين الاشهاد، فتأهب لتجلى سيدك و انظر و اشكر اللّه على ذلك و لا تكفر، فكانى بك، يا سيدنا قد تبرزت فى صدر الوترية فغابت لتجليك كل صفة شفعية، فنظرت بطرفك الايمن، الى عالم البقاء، بصفة ارحم الرحماء، فاتبعت رسومهم و امحقت جسومهم، و اسبغت عليهم من لذيذ نعيم مشاهدتك ما افناهم عن كل نعيم، و اسقيتهم من شراب معرفتك ما اغناهم عن ملاحظة الرحيق المحتوم الموقوف على اهل الجسوم، فرفعتهم بذلك عن درجة المقربين الى محل المقربين، ثم نظرت بطرفك الايسر و كلاهما يمين الى عالم الفناء بصفة القهر و الكبرياء فاعدمت آثارهم و اطمست انوارهم و عطلت عشارهم و كورت شموسهم و افنيت نفوسهم فعند ما رأيت قد قهرهم سلطانك


 ١ ) كذا لعله «شكل»

 ٢٩ و اذهب شبهتهم برهانك، نادى العزيز العلى  ١ مهلا يا وجودى برعيتك مهلا فراجعته فقلت يا من او ترنى بذاته و شفعنى بصفاته و قال لى اظهر باسمائى و تجل لعبادى من ابواب سمائى و من اسمائك القهار الشديد فكيف يبقى عند تجلينا بهذا الاسم رسوم لوجود العبد  ٢ قال صدقت و لكن قد بلغ الفناء فيهم حده، و فعل فيهم جهده، فردهم بك اليهم و اسبغ من نعيم مشاهدتك عليهم و الحقهم باهل البقاء فهو اهل الفوائد عند اللقاء، فنفخت فيهم، رضى اللّه عنك ارواحهم، و كسوت سرابيل المهابة اشباحهم و رددتهم الى نفوسهم و اشرقت ارض جسومهم بنور شموسهم، فاذعن الكل لسلطانك و ارتسموا فى ديوان عبد انك، فقبلت يمينك فى ذلك الموقف و تأخرت و رجعت لعالم شهادتى بتلك الصفة و ظهرت، فبقيت مدة ينادينى العدو و الولى، هذا العزيز العلى، لقوة ثبوت الصفات، و نسأل اللّه العافية من الآفات، و اللّه يبقينى لمجدك خديما، و لنعلك نديما بمنه-و اعرفكم عرفكم اللّه بما به الهمة متعلقة، و ستركم عن الاغيار بافنان غيرته المورقة، و اخلفكم فى عنايات اسرار انواره المشرقة، و وعر الطريق الذى مقامكم بانزال سحائب عزته المغدقة، بوصول كتابكم الذى ارتد به عين البصيرة بصيرا و اتخذه الخديم موئلا لمقام الامن و نصيرا، فكان اول ما به تمام كتابكم المسطور المودع اسرارها من النور.


 ١ ) لعله «الاعلى» .

 ٢ ) لعله «العبيد»

 ٣٠ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

تيمنا و تبركا باسمه العزيز الكريم ثم اتبعتم رضى اللّه عنكم ذلكم بالصلاة على الموروثة اسراره تيمنا لمقام النعمة التى ظهرت منه اثاره، ثم قلتم رضى اللّه عنكم و سلام على المرسلين اشارة بحصر المقامات اجمعين ثم قلتم و الحمد للّه رب العالمين شكرا لهذه النعمة التى حاباكم بها فى محل كشف المقربين ثم خاطبكم  ١ رضى اللّه عنكم رهين ودكم عقيب شكركم و حمدكم، فقلتم أَقْبِلْ وَ لاٰ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ اَلْآمِنِينَ ، فكانت له البشرى هنا و يوم الدين، و كنت اترقبها من كتاب اللّه فى قوله لَهُمُ اَلْبُشْرىٰ فِي اَلْحَيٰاةِ اَلدُّنْيٰا وَ فِي اَلْآخِرَةِ ، لاٰ تَبْدِيلَ لِكَلِمٰاتِ اَللّٰهِ ، ثم قلتم لاٰ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْأَعْلىٰ و كيف يخاف عبد بهمتكم علاثم قلتم إِنَّنِي مَعَكُمٰا أَسْمَعُ وَ أَرىٰ ، فقطعت انى قد تخلقت بصفتى موسى و هارون لا على السواء ثم قلتم وليكم فلحظت من هذه الكلمة ما لحظت الصحابة من قول النبى عليه السلام انا نبيكم ثم قلتم سلام عليكم و من كان سلامك عليه لا يرده الحق بعد فنائه اليه.

ثم قلتم مسرور بكم و انى للخديم ان يسر به مخدومه و للمقام به أن يلهج به قيومه، ثم قلتم فارح بما فتح اللّه عليكم فعلمت ان همتكم كانت بى متعلقة، و لذلك لم تكن الابواب دون وجهى مغلقة، ثم قلتم و معلم لكم بوصول المكتوب تنبيها انه اتى على وفق المطلوب


 ١ ) الظاهر «خاطبتم»

 ٣١ ثم قلتم الذى ارسلتم مع محمد، نبهتم على استصحاب المقام اليثربى الاوحد، ثم قلتم رضى اللّه عنكم و بموت ابن عمكم حالة جيدة، و كيف لا يكون ذلك و كانت انفاسه بهمتكم عن ملاحظة الاغيار مقيدة، ثم قلتم و نسأل اللّه ان يثبتكم بالقول الثابت، موافقة لدعاء عيسى عليه السلام لى و انا مائت، ثم قلتم و ان يشيد مشاهدكم، و كيف لا تقوى و فطركم منها تشيدت.

ثم قلتم و اشراق مطالعكم، و كيف لا تشرق و بكم تأيدت، ثم قلتم و ان ينور بنور الحقيقة مشارقكم و مغاربكم، اجيبت الدعوة بكشفكم، ثم قلتم و ان يقطع قواطعكم و سوابقكم و لواحقكم، اذا اعاننى اللّه عليها نضربها بقائم سيفكم، ثم قلتم و ان يوصل انواركم، و ليلكم بنهاركم، وصلت ان شاء اللّه بسلوكى حميد آثاركم، و اهتدائى برفيع مناركم، ثم قلتم مٰا زٰاغَ اَلْبَصَرُ وَ مٰا طَغىٰ ، فكيف يزيغ لعدم لا يرى، ثم قلتم كتابنا ورد، الوصل يشملنا تفضلا منكم و تأنيسا و الافاى رداء يلحقنا و انتم بالمقام الأسنى، و خديمكم بالجانب الأدنى.

ثم قلتم و السلام معاد عليكم، ختمتم اختصاصا بما به بدأتم و ان كنتم قد اخفيتم اسمى فى سلام على المرسلين فالحمد للّه على ذلك رب العالمين، ثم قلتم و رحمة اللّه و بركاته، باسم اللّه اذ باقى اسمائه بحولها صفاته، ثم قلتم و لا حول و لا قوة الا باللّه العظيم، اشارة الى فناء المحدث بظهور القديم.

 ٣٢ ثم قلتم و كتبت يوم الاحد، نبهت بذلك ان سركم فى ذلك. . . .  ١ 

فى قوة التوحيد و عين بصيرتكم لادراك الواردات حديد، ثم قلتم فى العشر الاول، بما كتبتموه فى العشر الاول ثم قلتم فى ربيع، نبهتم على ابتدائيات الغيوب اما فى ارض الجسوم و اما فى ارض القلوب فلما قلتم ربيع الثانى علمنا انه من مقامات الملاحظات اذ الشهور كما فى كريم علمكم تجرى على بدايات الطريق و غاياته، و مقدماته و نهاياته، و ذلك ان فى المحرم و هو اول السنة مقام الابتداء فيه يحرم على المريد ما كان فيه من الاعتداء.

ثم فى صفر تخلى ارضه من نبات السيئات لتزول لنزول الانواء، ثم فى ربيع الاول ينبت فيه ربيع المعاملات، و فى الثانى ربيع الملاحظات، و فى جمادى الاولى جمود الاحوال، و فى الثانى جمود الاسرار عند الاقبال، و فى رجب ترجيب الواردات، و فى شعبان تشعيبها فى البرزخيات، و فى رمضان خرق العادات لثبوت الآيات، و فى شوال اشالة الحجب للواصل لاهل العادات، ثم فى ذى القعدة قعوده لاهل البدايات، ثم فى ذى حجة حجة بهم فى الصفات الى الذات، و هنالك تبلغ الغايات و تتحد الشاهدات و الغائبات و تجتمع الهمم و الارادات و من هنالك ابتداء نشأة اخرى فى الحضرات الالهيات و الحمد للّه رب العالمين.

كتاب آخر

--خاطبنا درة الكيان و زهرة العيان بحمده،


 ١ ) فى الاصل هنا خرم «لعله الوقت» .

 ٣٣ و قد رجع الينا الملك من عنده، و اخبر ان سر كبد النون مخبو تحت لفظة نون فعلمنا ان السمسمة هناك، و ان دونها الاملاك.

سمسمة ربة امثالها خلت فما تدركها سمسمه
لما رأت سرك يسرى لنا قالت له يا سيدى سم سمه
فحادت العين الى درة لقول عجبا لسنى الشمس مه
فاخذنا فى اختراق الحجب باحتراق الذنب و ما زلنا على ذلك حتى. . .
 ١ لعميق، و الركن الوثيق، فانخنا الركائب، و قمنا على ديار الحبائب، نندب آثارها الطامسة، و اطلالها الدارسة، و هى ملعب للرئال، و مهب للصبا و الشمال، ديار درستها الجنائب، و بكتها السحائب، فراجعنا الصدا، و نادى سرنا بمثل ما به بدا، فانتهضنا عن الملكوتيات مرتحلين، و كنا نخاطب الحقيقة مرتجلين.

انا الذى انت فمن ذا الذى قال انا و انت اينيتى
قال انا قلت انا قال قل قلت انا قال بأنيتى
انت انا لا انت غيرى و قد كنت انا و انت عينيتى
قلت انا لا بل انا حاضر و غائب عنى و عن حضرتى
فالنون مثل الكاف مهما مشت خواطر التحقيق فى نشأتى
انظر الى الحرف الذى قد بدا ما بين كاف النون من حكمتى
فمن يكن غيرى اكنه انا و من يكن ذاتى فيا وحدتى
اعدّ فى الخلق عبيدا له و انه فىّ بوتريتى


 ١ ) فى الاصل مخروم لعله «اتينا البحر» .

 ٣۴ اعد فى الناس حبيبا لهم و اننى فيهم بشفيعتى
قد كشف السر بدار الفنا اين انامنى و من حيرتى
انا انا لست انا قائلا عبد انا الا بأييتى
اللّه رب و انا عبده و الكل فى قهرى و فى قبضتى
فلما امتزجت الحقائق، و اتحد المعشوق و العاشق، برزت الالوهية فى سلطانها، و تبرزت العبودية فى غيطانها، فصار العين لديها اثرا، و المشاهدة خبرا، و ظهر الفصل للمحسوسات مع كونها مرء و سات، فهذا هو سر الاعيان، المعبر عنه بالانسان، صرح به الواحد الحى، فى ليس كمثله شىء، و ضرب الحجب دون الملك، و استوى على عرشه الملك، عرشه حقيقته، و استواؤه مثليته، لؤلؤة القدم جرت على اللسان فرقمها فى لوح زمرذة العيان، و عبر عنها فى صريف القلم الرحمن، فقال سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ اَلثَّقَلاٰنِ ، للنشأة النقلية سر لو بدا، ما ضل احد و لا اهتدى، هو الممد للعالم الاعلى، و صاحبه الطريقة المثلى، لما حملت على كل شىء ثقلت فرجحت، و سلبت الكونيات كل شىء فخفت فانحجبت، فسخرت الملكوت للنقلية فحركها بالرقيقة المثالية، فعنت وجوهها لقيومية النقل، و زل لعز الحس سلطان العقل، و انتم ايها الحزب المفلح، و الفرع الكريم المنجح، اعرفوا قدر من استنزل روحانية الروح الامين، بربوة ذات قرار و معين، هو الكاتب فى الواحكم، و المسوى لاشباحكم، و صاحب النفخ فى صوركم من ارواحكم،

 ٣۵ فاعلموا قدر ما نظر به منكم، و ما يوجد بسببه عنكم، فلقدا وجده الحق درة صدفتها الغيرة، و مقلة حدقتها الحيرة.

كتاب آخر

الا حى القبور و ساكنيها و حى شمسها ام العلاء
بكيت و كيف لا  ١ ابكى عليها سمية بنت خير الانبياء
بكيت و حق لى ابكى عليها الى يوم القيمة و اللقاء
نعيت بعبرة المشتاق حزنا لعبرتها و فارقنى عزائى
و مالى لا انوح اسى و ابكى و أى بلاء اعظم من بلائى
و ساعدت الدموع فلم انادى الا ياعين جودى بالبكاء
أسيدة البنات و من تخلت عن الاشياء فى طرق الحياء
سقى جدثا حللت به حبيبا الى مكرما صوب السماء
اجيبى و اسمعى الشكوى وردى جواب اخ قريب منك نائى
اجيبى ما لقيت فخبّرينى من الاسرار فى كشف الغطاء
انعمى كان عند الكشف حتى يكون لنا النعيم على السواء
و ظنى بالاله لها جميل فحقق ظن عبدك يا رجائى
دعوتك فى فطيمة مستجيرا بفاطمة تقبل لى دعائى
و تحشرها  ٢ و اياها جميعا مع المختار فى ظل اللواء
و تجمع شملنا و لنا سرور لنا دار الاقامة و الثواء


 ١ ) فى الاصل كيف لى، كذا

 ٢ ) صوابه «و تحشرنا» .

 ٣۶ الى محل الوالدة الاخت المكرمة ام السعد بلغ اللّه بها حيث اسمها، و قوى صبرها، و ربط على قلبها، و اعظم اجرها، و يدعو لها و قد اتصل به الامر الذى لابد منه، و لا محيص لمخلوق عنه، وفاة البنت الشهيدة، الاخت الطيبة السعيدة، الدرة البيضاء، سمية فاطمة الزهراء، المرجو لها الغفران، و الروح و الريحان، فى دار الكرامة و الرضوان، و لعله نعيم استعجلها، و اهلت له كما اهل لها، حقق اللّه تعالى فى ذلك حسن الظن و الرجاء، و اجاب فيها خالص النداء، انه سميع الدعاء فخاطبها ابنها معزيا و مصبرا و منبها و مذكرا، فاول ما استفتح به الخطاب، و قدمه فى صدر الكتاب، و فتح به باب العز، احمد من له العزة و البقاء، و ثنى بالصلاة على خير الانبياء، ثم اخذ فى الموعظة الحسنة على منهاج الاقتداء. .

فقال احمد اللّه اقدم، و به اختم، و اتمم الذى جعل الموت غاية كل حى، و الفناء منتهى كل شىء، الا ما استثناه فى قوله تعالى (فَصَعِقَ مَنْ فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ إِلاّٰ مَنْ شٰاءَ اَللّٰهُ) قهر به سطوة كل جبار عنيد، و اهلك به سلطان كل شيطان مريد، عم بلاؤه الصالح و الطالح، و المفلح و الكالح، مصيبة لا تنقضى اوصابها، و لا يساغ صابها، و الصلاة على محمد صاحب المعراج و المقامات، و المعجزات و الكرامات، و بعد الارتقاء لذلك المقام الا رفع المشهود، و شهد له بالاستواء على المقام المحمود، صار ضجيع اللحود تحت الجنادل و الصعيد،

 ٣٧ فما لنا لا نفكر و ماذا نرجو و ننتظر، فبدار بدار الخروج من هذه الدار لما لابد منه، و دراك دراك بالاسباب المفيدة من الهلاك ما لا محيص عنه.

اما بعد الهم اللّه الاخت الحبيبة، الوحيدة الغريبة، اصلاح شانها قبل حلول آوانها، و اقتران انقضاء زمانها، و جعلها ممن نظر بالأصلح لنفسه، فمهد لرمسه، و استدرك فى يومه ما فاته فى امسه، قبل خسوف بدره، و كسوف شمسه، فان الموت قاطع الآمال و الاعمال، و مشتت الاهل و المال، و مخرب الديار السامية، و مهلك الجبابرة بالطاغية، لم يدع صاحب تاج و اكليل، الا اودعه بطن دارس محيل، اين بنو الاصفر و خاقان، و فارس و ابناء قحطان، و قيصر و آل ساسان، و نبيط اخت كلدان، اصحاب الاطواق و التيجان، ابادهم ريب الزمان، و اخنى عليهم الجديدان. هل تحس منهم من احد او تسمع لهم ركزا. انه لو لم يكن فى الموت الا تجرع الآلام، و انحلال هذه الاجرام، و مفارقة الليل و النهار و ان طال الاعمار، الى محل يندرس فيه الاخبار و الآثار، لأطلنا التفكر و الاعتبار، فكيف و من ورائه مساءلة و حساب، و مناقشة و عتاب، فاما الى نعيم و اما الى عذاب، فى يوم يشيب فيه الوليد، و يخضع فيه كل جبار عنيد، و تضع كل ذات حمل حملها و ترى الناس سكارى و ما هم بسكارى، و لكن عذاب اللّه شديد، فهل من مساعد على النوح و البكاء.

على ان افوز مع السعداء، هيهات هيهات اشتغلنا بالترهات، عما حل

 ٣٨ بالاموات، اعتكفنا على اصنام لذاتنا، و ارسلنا عنان شهواتنا، و فرطنا فى جنب اللّه كأننا فى امن مما توعدنا به اللّه فكأنا و اللّه قد اختلسنا بسطوته، و ازعجنا الى دار غربته، و فارقنا الاحباب، فاستقبلنا يوم الحساب، و انتقلنا من العمران الى الخراب، و صرمت حبالنا، و تقطعت بنا اسبابنا، و تشتت بعد الجمع عيالنا، و تقسمت بالميراث اموالنا.

اما حان لنا ان ننظر الى سهام المنية، كيف اصابت قراطيس البرية، و لابد لقرطاسنا من سهمها، و لابد لأنفسنا من يومها، لقد رأيناها قد نصبت حبالتها، و ادارت علينا اهالتها، و عركتنا بثفالها، و رمتنا بنبالها، و اين الفرار، و كيف القرار، حجبتنا الدنيا بحسن الحال، عن تذكر الترحال، الى دار العاقبة و المآل، مع علمنا انها فى اضمحلال، و ان نعيمها الى زوال، اما آن لنا ان نرجع و نسمع و نقلع لقد تيقنا القدوم على الحى القيوم، قل الحياء، و عظم الاعتداء، جعلنا فى آذاننا عن سماع وقرا، فحملنا على ظهورنا من الاوزار وقرا، تاللّه لقد ظهرت للعيون، ما يعبأ العلى بالدون، غرسنا الامانى بدار الغرور، و زرعنا البذور فى غير معمور، و كأن بنا نجنى ما غرسنا، و نحصد ما زرعنا.

سيحصد عبد اللّه ما كان حارثا فطوبى لعبد كان للّه يحرث
كفى بانفسنا اليوم حسيبا، و بربنا علينا رقيبا، و اللّه ما خلقنا عبثا، و لا نترك سدى، بل هو يوم مشهود، يتميز فيه الشقى من السعيد فانظرى وفقك اللّه الى ما انت عليه صائرة، و ليشغلك ذلك عما اصابك

 ٣٩ من الحادث الذى نابك و هل هو الا امر يعم الفقير، و لابد لنا من ورود ذلك المورد العسير، و قد مات رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو خير البشر و مات نساؤه و صحابته و وزراؤه حتى ما بقى فى الدار من احد.

اخنى عليها الذى اخى على لبد
ف‍ (كُلُّ مَنْ عَلَيْهٰا فٰانٍ وَ يَبْقىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلاٰلِ وَ اَلْإِكْرٰامِ) فسلمى الامر للقضاء، و قولى ما

قال سيد الانبياء، و قد دمعت عينه صلى اللّه عليه و سلم على ابنه ابراهيم و هو يكيد بنفسه بين يديه صلى اللّه عليه و سلم فقال تدمع العين و يحزن القلب و لا نقول الا ما يرضى ربنا و اللّه يا ابراهيم انا بك لمحزونون، فلا حرج عليك فى ارسال الدموع و تفجع القلب المصدوع، فان النبى صلى اللّه عليه و سلم و قد رفع له صبى و نفسه تقعقع كأنها فى شنة ففاضت عيناه فقال له سعد، ما هذا يا رسول اللّه قال هذه رحمة جعلها اللّه فى قلوب عباده و انما يرحم اللّه من عباده الرحماء، فالبكاء مباح من غير نياحة و لا صياح.

و قال عليه السلام أ لا تسمعون ان اللّه لا يعذب بدمع العين و لا بحزن القلب و لكن يعذب بهذا-و اشار الى لسانه او يرحمه، و مات ميت من آل النبى صلى اللّه عليه و سلم فاجتمع النساء يبكين عليه فقام عمر فنهاهن فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دعهن يا عمر فان العين دامعة و الفؤاد مصاب و العهد قريب ، و هذه كلها اخبار صحاح

۴٠ اوردتها عليك ايها الاخت الشقيقة، لتشتفى من بكائك مع علمك ان لا ذنب عليك فيه و لا سؤال، و ان احتسبت و صبرت كان اجرك على اللّه و ظفرت فقولى انا للّه و انا اليه راجعون، يثنى اللّه عليك (أُولٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولٰئِكَ هُمُ اَلْمُهْتَدُونَ) و قد ذكرتك فاذكرى و وعظتك فازدجرى، و استعدى للنقلة الى الدار الآخرة، و فكرى فى الجواب عند السؤال فى الحافرة، فكأن بالدنيا لم يكن، و بالآخرة لم تزل، فربح عبد قصر الامل، و اخلص فى العمل، و نظر فاعتبر، و فكر فاستبصر، و وعظ فازدجر، و امن الفزع الاكبر، ارشدنا اللّه لى طاعته و ادخلنا برحمته فى رحمته، و السلام.

كتاب آخر

--مفاتيح الامور بيد اللّه الكريم، وَ مَا اَلنَّصْرُ إِلاّٰ مِنْ عِنْدِ اَللّٰهِ اَلْعَزِيزِ اَلْحَكِيمِ ، و هو القائل سبحانه (أَمَّنْ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذٰا دَعٰاهُ وَ يَكْشِفُ اَلسُّوءَ) ، فطهروا قلوبكم من دنس الاعراض، و قيدوا جوارحكم عن ارتكاب الجرائم و الآثام، وجودوا مما رزقكم اللّه على فقرائكم، و كونوا عباد اللّه اخوانا، وَ اِعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اَللّٰهِ جَمِيعاً ، فَاتَّقُوا اَللّٰهَ وَ أَصْلِحُوا ذٰاتَ بَيْنِكُمْ ، وَ أَنِيبُوا إِلىٰ رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ و اِتَّبِعُوا أَحْسَنَ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ . و تُوبُوا إِلَى اَللّٰهِ جَمِيعاً أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ فاذا احكمتم هذه الامور و صحت العزمات فى التوجه الى من اليه المصير فاطلقوا السنتكم بالدعاء، و اجتهدوا فى اخلاص النداء، فانه القريب المجيب قال تعالى (وَ إِذٰا سَأَلَكَ عِبٰادِي)

۴١ (عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) فقرن اجابته لكم باجابتكم له، و قد تقدم دعاؤه لكم فى قوله تعالى (يٰا قَوْمَنٰا أَجِيبُوا دٰاعِيَ اَللّٰهِ وَ آمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ يُجِرْكُمْ مِنْ عَذٰابٍ أَلِيمٍ) فان استجبتم استجاب لكم و ان تصاممتم مٰا ظَلَمْنٰاهُمْ وَ لٰكِنْ كٰانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .

و انما هى اعمالكم ترد عليكم و من لا يجب داعى اللّه فليس بمعجز فى الارض، و ليس له من دونه اولياء اولئك فى ضلال مبين، فقد غفرلكم و اجابكم ان انتم اجبتم داعيه و كلامه حق، و وعده صدق، و ان كان ما حل بكم عن ذنوب تقدمت، و جرائم سلفت، و فرطت، ثم اقلعتم عنها و تبتم الى اللّه منها، و لم تصروا على ما فعلتم و ندمتم على قبيح ما صنعتم، فان الرجاء و حسن الظن باللّه تعالى يقطع ان شاء اللّه عز و جل على اللّه و كرمه بكشف ما نالكم من السوء، و دفع ما دهاكم، و ان  ١ امرا من اللّه تعالى عن غير عقوبة الا جزيل مثوبة، فالقوا ذلكم بالتسليم، و التفويض فلا راد لأمره، و لا معقب لحكمه، و تعلمون عند ذلكم انكم ممن اعتنى به اللّه و ابتلاه فالبلاء فى الدنيا نعمة معجلة من اللّه تعالى على عباده المؤمنين قال تعالى (وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّٰى نَعْلَمَ اَلْمُجٰاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ اَلصّٰابِرِينَ) فالبلاء على قدر المراتب عند اللّه تعالى و جاء فى الاثر أن النبى صلى اللّه عليه


 ١ ) يريد «و إن كان»

۴٢ و سلم

قال ما ابتلى اللّه احدا من الانبياء بمثل ما ابتليت به .

فسئل عن هذا بعض العلماء فقيل له ان ايوب و زكريا و ما اشبههما من الانبياء عليهم السلام قد ابتلوا باعظم البلاء و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما ابتلى بشىء من ذلك فما هذا البلاء الذى ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم انه ناله؟ فأجاب عن ذلك المسؤل بأن قال و أى بلاء اعظم من بلاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قد انزله اللّه لمخاطبة هذا العالم الأدنى بعد مشافهة الوحى من غير واسطة فى قاب قوسين او ادنى، فأى بلاء اعظم من فراق الحبيب فما ابتلى احد بمثل ما ابتلى به صلى اللّه عليه و سلم، و انتم فرّج اللّه عنكم و درأ عنكم الأسواء و وقاكم ما تجدونه و جعل ما حل بكم غفرا لذنوبكم و لكم فى هذا الانحصار الذى عمكم، و الداهية الدهياء التى وطئت ارضكم، صدم اللّه بقوته سلطانها، و رمى برجوم الاحراق شيطانها، فلكم فيه اعظم معتبر، فانظروه بعين البصيرة لا بعين البصر.

و اعلموا رحمكم اللّه انه لا منجا من القدر الا القدر، و لا يغنى الاستعداد و الحذر، هل هو الا تأنيس النفوس، و حصن لاستدامة بقاء هذا البناء المحسوس، فاتخذوا حصركم هذا و اعظا زاجرا، و معرفا ذاكرا، بأن العبد محصور فى قبضة الاقتدار، مملوك فى يد من بيده ملكوت كل شىء و هو الواحد القهار، يتصرف بالحقيقة، تحت قيد الشريعة.

۴٣ فلما كان الامر معنويا، و السر ملكوتيا مع عمى البصيرة، عن النظر فى اصلاح السريرة، ارتكبت المحرمات، و تورط الجاهلون فى الشبهات، فسحبوا اذيال المجون و اللهو، و نفخ الشيطان فى انوفهم و سمت بالكبرياء و الزهو، و غفلوا عن انحصار معناهم، تحت قهر مولاهم، اراد سبحانه ان ينبههم بما دهاهم فى معقلهم و مغناهم، تاديبا و تهذيبا، و تخليصا لنفوسهم ان شاء اللّه و تقريبا، فحصرهم من قال فيهم أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفٰاقاً ، و اقلهم رحمة و اشفاقا، حتى نغصوا عيشهم، و عطلوا عليهم فرشهم، و ظل الانسان لا يعرف قبيلا من دبير و كأنه دهاه يوم النشور فالجؤا رحمكم اللّه اليه افتقارا و اضطرارا، و ادعوه سرارا و جهارا، عساه يجعل لكم من امركم فرجا و مخرجا، فَاتَّقُوا اَللّٰهَ وَ أَصْلِحُوا ذٰاتَ بَيْنِكُمْ و أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ رَسُولَهُ و لاٰ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اَللّٰهِ و لاٰ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اَللّٰهِ و قولوا (رَبَّنٰا وَ لاٰ تُحَمِّلْنٰا مٰا لاٰ طٰاقَةَ لَنٰا بِهِ وَ اُعْفُ عَنّٰا وَ اِغْفِرْ لَنٰا وَ اِرْحَمْنٰا أَنْتَ مَوْلاٰنٰا فَانْصُرْنٰا عَلَى اَلْقَوْمِ اَلْكٰافِرِينَ) يقول لكم نعم كما قال لمن سلف، فهو ارحم بعباده و ارأف. و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته.

كتاب آخر

تحية مثل عرف الروض فى السحر على الامام الاجل السيد لخضر
معلم العلم من جاء الكلام له من الاله بلا غبر و لا غير
عالم العلماء، و رافع لواء الصفات و الاسماء علم الحقيقة، و رئيس

۴۴ بدلاء الخليقة الذى وصلت حياته الفانية بباقيته، و جمع له بين سره و علانيته، جعل الحوت عليه دليلا، فاتخذ فى البحر سبيلا، فلما اتخذ سربا، شكا الكليم نصبا، فقال لِفَتٰاهُ آتِنٰا غَدٰاءَنٰا فقال اتخذ فِي اَلْبَحْرِ سَرَباً ، و رآنا فَارْتَدّٰا عَلىٰ آثٰارِهِمٰا قَصَصاً ، فلما ابصرا مقام ارتفاع الوسائط شخصا، فاتبعه الكليم، على الرشد و التعليم، فخرقت سفينة تابوت يمه و قتل غلام قبطى همه، و اقام جدار حتى صدر الرعاء و ابونا شيخ كبير و قنع بالظل و إِنِّي لِمٰا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ، ثم اعطيت ما اردت واردنا و اراد ربك ما احتوى عليه من الادب الالهى قلبك سر فعال فى الوجود، و همة تعالت عن السجود، و قالت ايها العابد و المعبود، اذ كانت متكلمة بغيرها وفانية على صفتى نفعها و ضرها فتنازعنا الحديث مع الملك لياليا، و امتطينا للسباق فيما اذكره سواريا، و اظهرت بين الصديقية و النبوة مقام لا تبلغه اكثر الافهام.

و قد علمت ما قال ارباب المحققين من انه لا يتخطى رقاب الصديقين، حذرا من الوقوع فى المقام الذى لا ينال، و لا تبلغه سهام النضال، و انا اتخطاه و اعلو مطاه و هيهات لما ذكروه، و يا عجبا للعارفين كيف ستروه، بل لو علموه رمزوه و ابدوه مكتما و الغزوه، أ لست قد بينت بحقيقتك واعظا ما  ١ شاهد طريقتك حضرة بين العالمين، و رتبة بين المقامين، مع كونكم عندنا دون المقام المحتوم، بل فى اتباع اسرار الرسوم، فرغبنا فى جوابكم عن هذا المقام، و هل وقف عليه


 ١ ) لعله «و أعطانا»

۴۵ غيرنا من السادات الاعلام، فان ابا حامد قد صرح بحجابه فى غير ما موضع من كتابه، و غيره من الائمة على سنته و طريقته محجوب بحقه عن حقيقته و اللّه يؤيدنى بجوابك، و يشرفنى بكتابك.

بينى و بينك سر ليس يعلمه الا الذى قال كن للشىء عنى فكان
اذ كنت بالسفل عنى معرضا و انا بالعلو اذ قلت صدق ما يقول فلان
هذا سميكم الدقاق يخبرنا بصورة الحال اخبارا بغير لسان
هو الرسول اليكم من خديمكم على تناء و ان امسى لقاؤك دان

كتاب آخر

-- مٰا عَلَى اَلرَّسُولِ إِلاَّ اَلْبَلاٰغُ وَ اَللّٰهُ يَعْلَمُ مٰا تُبْدُونَ وَ مٰا تَكْتُمُونَ ما يضرنا جهل الجاهل لنا اذا كان اللّه يعرفنا، للّه خصائص صفاهم فصافاهم فشرعوا شرائع دانوا اللّه بها فيما بينهم و بينه فَهُمْ عَلىٰ بَيِّنَةٍ من ربهم و يتلوهم شاهد منهم، عاينوا الحقائق فتحكموا فى الخلائق، استتروا عن الكونين و خبأهم الحق تحت حجاب الغيرة و الصون لهم بين الخلق بعوائدهم و هم مع الحق على صلاتهم دائمون يناجونه بعبارات روحانية، و لطائف سماوية، استقرت اقدامها فى ملكوته و سرحت افكارها فى جبروته فلهم التعريف و التصريف، و لهم التصويب و التحريف، تجرى امورهم على قياس، و ما هم فى شك مما يوردونه و لا التباس، بايديهم ازمة الحلال و الحرام، و من عندهم تخرج مقادير الاحكام، فيأخذون من الكون ما يريدون لا ما يشتهون، فهم فيما نصب لهم الحق من

۴۶ التمتع فاكهون، فمن اراد أن يغترف من بحرهم: و ينخرط فى سلكهم، فليسلم لهم احوالهم و لا يزنها بميزان اللسان الظاهر، فان فى خفايا الغيب فى الحاضر، ما يقضى على الغابر، رسل تترى مع الانفاس و انواع تنفصل من اجناس، فقد سعد من كان له محلا، و صير ذاته له حراما و حلال، فصير قلبه مسجدا، و ذاته معبدا، يقيم العبادات فيه الروحانيات العلى، بالمنظر الاجلى، و قد اوضحنا للولد ما يقتضيه حاله و ما يبقى عنه به ان كان موفقا محاله، و قُلِ اَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شٰاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شٰاءَ فَلْيَكْفُرْ و نحن على ما قال اللّه من الشاهدين، و برسله عامة و بمحمد خاصة مصدقين. و قد امرنا بامر اللّه و نهينا و غير ذلك ما يجب علينا (وَ كُلَّ إِنسٰانٍ أَلْزَمْنٰاهُ طٰائِرَهُ فِي عُنُقِهِ - اِقْرَأْ كِتٰابَكَ كَفىٰ بِنَفْسِكَ اَلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) سلم تسلم و الزم الصدق تغنم و قد نصحتك، و السلام.

كتاب آخر

--اما بعد يا اخى فان اللّه سبحانه لما كلف خلقه و عرفهم على لسان نبيه عليه السلام بما شاء ان يعرف وجب على كل عاقل حكيم و مستبصر فهيم التأهب لما وعد، و التأمل لما به توعد، فبادر بالطاعة جهد الاستطاعة و شد عليه مئزر الحذر و تدبر ردع قوله سبحانه، (كَلاّٰ لاٰ وَزَرَ إِلىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ اَلْمُسْتَقَرُّ) فاذا تيقنت النفس بورودها على تلك الاهوال، سهل عليها عند ذلك ركوب شدائد الاعمال، فراقب الاوقات و خاف الفوات،

۴٧ و اتقى الآفات، و قدم ما يحبه بين يديه و وثق به سبحانه و عول عليه، فمن اليه الرجوع حتما، ينبغى للعاقل ان يتخذ عنده يدا و لا سيما من احاط بكل شىء علما، و احصى كل شىء عددا، فالواجب علينا يا اخى اذ وقد بعد الدار، و شط المزار، أن يدعو بعضنا لبعض بظهر الغيب، ان لا يجعلنا فيما عرّفنا به اصحاب غفلة و لا ريب، نهج اللّه بنا مناهج الاهتداء، و عرج بنا معارج الاقتداء.

كتاب آخر

-من فلان الى فلان سلام عليك و رحمة اللّه و بركاته-اما بعد. فان التجليات ضروب شتى يجمعها الفناء و البقاء فمن طلب تجلى الفناء لم يدر ما طلب لان الحق يعطى التجلى و يعطى فيه فاذا افناه التجلى لم يدر ما يعطى فيه--يا اخى. انظر فيما حصل لك عند الانصراف من التجلى فذلك حظك و به نعيمك، و عليه اعتمادك، تسابق العارفون الى اللّه على نجب الهمم و تسابق العلماء على افراسها، و تسابق اليه الانبياء على براقاتها و تسابق اليه المحمديون على رفارفها، و غاية كل سابق بحسب مركوبه.

فالرفرف تحمله الرياح، و البراق يحمله الجناح، و النجيب يحمله السوط، و الفرس يحمله المهماز، فعليك بالاستعدادات فهى الوسائل--، يا اخى. عجب ممن يطلب التجلى ممن لا حجاب عليه، عجبت لمن غمض عينيه، و قال اريد اراه، عجبت، لمن اعطاه ظهره و قال اياك اقصد، عجبت لمن مديده لغيره و قال اياك اسأل-على

۴٨ علالات ليس لها طائل و السلام عليك و رحمة اللّه.

كتاب آخر

--من فلان الى فلان سلام عليك و رحمة اللّه و بركاته-اما بعد. فاعلم ان السبحات انوار الوجه و هى التى تدرك لا الوجه فانها حجاب عنه لكن ما بين هلاك مدركها و بينها الا وجود ادراكها فلهذا لا تدرك لان المراد من لمشاهدة انما هو بقاء العين لتحصيل الشاهد--يا اخى. و اعلم ان الانوار انوار بها يتراءون العوالم. لا تقل--يا اخى-كيف اراه و هو نور له ضياء و له ظلمة و ظل فيوقفك فى الظل و يسبح ببصرك فى الضياء فتراه، و تعلم انه ما اوجد الكون كله الا من النور و كان ظلمة دونه فهو النور و انت الظلمة، و اعلم ان الظلمة فى النار و النور فى الجنة، و الرؤية انما تكون فى الكثيب لوجود الضياء و الظل، و الجنة حجاب لانها نور، و النار حجاب لانها ظلمة فافهم، و السلام.

كتاب آخر

-من فلان الى فلان سلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته--اما بعد. فاعلم انه قابل الجمع بالجمع الا انه جمعه بين الهوية و الانية و العوائد ارتباط الانية بالانية و الهوية بالهوية، فاعلم-يا اخى.

انه انما جمع لك ليعلمك انه لم يفردك لمقام فتقف عنده فانه لا يحب من عبده المحمدى ان يقف فى مقام فيضيق الواسع فيكون جاهلا و هو يعظك ان تكون من الجاهلين-يا اخى. غاية التقريب من

۴٩ الشىء ان يكون من الشىء تحت العرض بحيث جوهره و ان كانا ذاتين و دونه فى القرب ان يحوى عليك و قد تحوى عليه فالاول اَلرَّحْمٰنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوىٰ ، و الثانى و

وسعنى قلب عبدى ، فاختر من هذه الثلاثة ما تريد--ياخى. العبدية، ارفع من المعية و المعية طريق و غايتها العبدية--يا اخى «لى و-بى» مقامان رفيعان و فى ارفع منها و عزته و جلاله لقد انكحنى الحروف و الكواكب المغرب فما رأيت الذّ من نكاح «فى» فاعتمد يا اخى على «عند» اذ خرجت الى عالمك و اعتمد على «فى» اذا دخلت اليه، و اجعل بينهما «لى و بى» سدنة فاجعل «لى» يخدم «فى» «و بى» «يخدم» «عند» و قد نصحتك، و السلام.

كتاب آخر

--من فلان الى فلان سلام عليك و رحمة اللّه و بركاته-اما بعد-فان ثم عباد حجبهم عن الحق  ١ فلا يظهرون الا بظهوره فى الدار الآخرة، و ثم عباد لا يظهرون لا فى الدنيا و لا فى الآخرة، و له عباد عرفهم اسرار الخلائق فهم يعرفون و لا يعرفون و له عباد عرفهم به و لا يعرفون غيره مختصون فمن عرض نفسه عنده لأى مقام شاء، باستعداده اوصله اللّه اليه و منحه اياه--يا اخى. لا تغتر بولاية الدنيا فانه يولها من يرتضيه و من لا يرتضيه بخلاف الآخرة فانه ما ولاها الا من يرتضيه--يا وليى. اسمع من ناصح مشفق كرامات اولياء اللّه و خرق عوائدهم فى بواطنهم لا فى ظواهرهم فان الكرامات الظاهرة تمحيص و بلا، فمن وقف معها كان لها و من


 ١ ) بهامش صف-الخلق.

۵٠ هرب عنها فتح له فى قلبه عينا به ينظر اليه فينعم نعيم الابد و يعطيه لسانا فى باطنه يكلمه به فذلك وليه الذى آثره و اليه ينظر و اياه يطلب و السلام.

كتاب آخر

--من فلان الى فلان سلام عليك و رحمة اللّه و بركاته-اما بعد فاعلم يا اخى. ان المسلم يخاطب و يناجى و المؤمن يعلم و لمحسن يؤدب فالمسلم ينقاد المؤمن يصدق بما لا يعلم و المحسن يشهد الحق فيه اذا رأوا ذكر اللّه ثم لتعلم يا اخى. انه اذا تنزلت الارواح على الهياكل فانها لا تنزل فى هياكل انوارها و انما تندرج فى هيكل ممتزج ممثل من البرزخ ليرتفع الافكار و تقع المؤانسة بالجنس فمن قعد منكم بين يدى صاحبه فليتابعه فقد نبهتك يا اخى اجب سائلك على كل حال و ان علمت انه يعلم ما سأل عنه فكن اديبا نحريرا جهبذا، و السلام.

كتاب آخر

--من فلان الى فلان سلام اللّه عليك و رحمة اللّه و بركاته اما بعد. فانه تناظر موسوى مع محمدى فقال الحجاب لطف الحجاب اشرف من قوة الهمة، لطف الحجاب يعطى القرب لا الضعف، فان القوة و الضعف ليس بحقيقة للعبد، اذ لا اثر لقدرته فحاج المحمدى الموسوى، اسمع يا اخى مسبب المناظرة ما هى قال تعالى جٰاءَ رَبُّكَ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمٰامِ فكان كالجبل لموسى و الجبل اكثف و المقام المحمدى اشرف فحجابه الطف اين لطف الغمام من لطف

۵١ الجبل، هبت رياح همم العارفين عند ما تنفسوا شوقا اليه فمزقت الغمام فظهر فخروا سجدا، همة موسى دكة الجبل، فكان اقوى، فان الغمام الطف من الجبل فهل الشرف فى قوة الهمة ام فى لطف الحجاب  ١ كما يؤذن بالقرب يؤذن بالضعف، كثافة الحجاب كما يؤذن بالبعد يؤذن بالقوة، فهذا كان سبب المناظرة و المحاضرة فاشتغل يا اخى بتلاوة كتابك تنزل السكينة غمامة عليك يستمعون الذكر فتكون جليسا للملأ الاعلى هو احسن من البطالة او كن استاذا يتلو عليك كتابه فيكون منزلا من ربك بالحق غض جديد لا تقليد فيه، و السلام.

كتاب آخر

-من فلان الى فلان سلام عليك--اما بعد يا اخى فانى اوصيك فاعلم ان الحق اذا اوقفك فى المقدار و خاطبك من خلف الاستار بينك و بينه حجابان المقدار و الخطاب، اما حجاب الخطاب فان الرؤية و الكلام لا يجتمعان لانه اذا خاطبك افهمك و اذا اشهدك افناك عندك فلم تعقل انت انت.

و اما حجاب المقدار فانه يعطى المحاذاة و هى لا تصح هناك فانت فى البساط قاب قوسين لا فى العين اقرب قاب قوسين قطرى الكرة و من حيث هو مقدار تساوى فيه البعيد و القريب وَ ذَا اَلنُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَنٰادىٰ فِي اَلظُّلُمٰاتِ ، و فَكٰانَ قٰابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىٰ و نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ ، مقام عام و مقام خاص يؤذن بالقرب و البعد فهو الموجود فى النور و الظلم فليس شىء


 ١ ) كذا فى الاصل لعل هنا سقطا

۵٢ اقرب اليه من شىء فاين التفضيل نعم الفضل عندك على قدر علمك بك ما كل احد يعرف نفسه دليل ما اقول من نفسه فلما ذا يجهلها عند البسط من قال لا اعرفها فلماذا يعرفها عند القبض فالزم الطريقة و الحث على الحقيقة توفق، و السلام.

كتاب آخر

--من فلان الى فلان سلام عليك، اما بعد يا اخى فان العيون ثلاثة، عين الوجه و قيده بالجهة، و عين العقل و قيده بالفكر، و عين القلب و قيده بالكشف، فكل عين مقيدة و هو لا يتقيد فبأى عين تراه عين القلب مجاله فى لغيب و عين الوجه مجاله فى الشهادة، و عين العقل مجاله فى الطلب و هو خالق الغيب و الشهادة و الطلب، و ما ثم عين رابعة، فاين العين التى تدركه يا اخى مشهودك فيك و هو صورتك، لكنك لا تراها الا فيه و ان لم تره لم ترها فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة اعين، فيك اخفى مطلوبك و انت حامله ابدا و لا تعرف فابحث على هذا المشهد الذى نبهنك عليه فلقد دللتك على امر عظيم، و السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته.

كتاب آخر

--من فلان الى فلان سلام عليك--اما بعد فانه من شاهده لم يعظم عنده شىء الا الخاصة من عباده فانهم اذا شاهدوه عظم عندهم كل شىء لانهم شاهدوه فى كل شىء فلم يروا الاشياء غير ما شاهدوه فلا حجاب دونهم و لا ياتوه حتى يناديهم من غير الاسم الذى اشهدهم فيه فيجيبوه فيروه فى غير الصورة

۵٣ التى كانت عندهم ثم ينصرفون بها فيشهدوها فى كل شىء ابدا فى الدنيا بالعلم و المشاهدة و فى الآخرة بالعين و الرؤية، و غير الخاصة يشهدوه ثم يرجعون بنوره، ثم يشتاقون اليه فيطلبون مشاهدته فيشهد فيجيبهم فيشهدهم ثم يردهم اليه فيشتاقون فيطلبون فيجيبهم فيشهدون هكذا دائما فانظر لنفسك فى اى الطائفتين تتميز و بمن تلحق، و اعلم يا اخى انه من شاهده يقوى قلبه و لا يهوله ما يرى و من شاهد فعله هاله كل ما يرى فيطلب لمن يأوى فيدفع منه ما يخافه من فعله فان خاف فعله من اجل انه منه كان ركنه الذى يأوى اليه و ان خاف فعله من اجل نفسه و كله لنفسه و خذ له فلا ينصر فاعرف قدرك، و السلام.

كتاب آخر

-من فلان الى فلان سلام عليك و رحمة اللّه و بركاته. اما بعد يا أخى فكم تخاطبنى بلو و لو لا و ان و مهما و هى حجب من اكثف الحجب لا يقع معها معرفة و لا عين لا يغرنك قوله لو شئنا لو شاء فان المشيئة منه لا تتبدل و لا تتردد فقد شاء ما شاء و هى نافذة فاثبت و اسكن تحت مجارى الاقدار و لا يهولنك اشتداد الرياح و ضعف السفينة و تلاطم الامواج فانه يهلك باقل من ذلك و ينجى من اعظم من ذلك كم من غريق نجا و صار الماء عليه كالطاق و كم من هلك على سريره فى بيت انسه و سروره مع محبوبه، و كم محفوظ فى الجوانب من النوائب جاءته

۵۴ الطارقة فنزلت على قلبه فاخذ بغصة او مغتالا فسلم فقد مضى ما قضى فاجتهد فى الدعاء و التضرع فلعله من القضاء و مع هذا فالزم التسليم يلزمك السرور بالسابقة و من سلم لقضائه فان ذلك من دلائل قربه فقل و اليه يرجع الامر كله و افوض امرى الى اللّه و حسبى اللّه عليه توكلت.

كتاب آخر

-من فلان الى فلان سلام عليك--اما بعد فان للحق فى العالم وهبين وهبا مطلقا و وهبا مشروطا، قال فى المشروط (وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) و المطلق ذٰلِكَ فَضْلُ اَللّٰهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشٰاءُ ثم قسم الوائف فطائفة منحهم الهداية و حرمهم الدراية و طائفة منحهم الدراية و حرمهم الهداية، و طائفة منحهما جميعا، و طائفة حرمهما معا، و طائفة منحها ذلك بالشفاعة.

و طائفة لم تقبل فيهم الشفاعة، و لو كان ذلك يرجع الينا لم يكن الها و لا كان مشكورا على ما اعطى كما يقول من اضله اللّه فالكل راجع اليه و الى مشيئته فهو مخصوص و ان كان مطلقا و لكن مع هذا فلم نفسك فانه لا يستوى عنده الاديب و الذى لا ادب له (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَعْلَمُونَ إِنَّمٰا يَتَذَكَّرُ أُولُوا اَلْأَلْبٰابِ) فاللّه اللّه يا اخى. ملازمة الابواب همة الكلاب و طرح الثواب و رشوة البواب تحمد عاقبة المآب، و السلام.

كتاب آخر

-نعزى فيه بعض سلالة الملوك فى ملك سلب

۵۵ ملكه و مات بعد ذلك بمدة طويلة اطال اللّه بقاءه و بارك لنا فى عمره وصلنى انقلاب المرحوم الفقير الى رحمة ربه تفضل اللّه برحمته عليه فاشفقت لفقد مشاهدته و سررت لثقتى برحمة اللّه به، فى تضاعف اجره فى مصابه فى ملكه، و فيما فرط من واجب حق ربه، فهو و ان كان مسئولا فله اجر المصاب و هى مسئلة دقيقة لمن اعطى العلم حقه. و السلام.

كتاب آخر

--كتبه الى بعض الفضلاء فى جواب كتاب كتبه يسأل فيه عن بعض الاحوال فكتب اليه رضى اللّه عنه يقول.

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

ورد كتاب المولى يسأل وليه عن شرح ما رأى انه به اولى ليكون فى ذلك بحكم ما يرد عليه و ان وليك لما اراد النهوض فى طريقه، و النفوذ الى ما كان عليه فى تحقيقه، اعترضت الوكيل، عقبة كؤد، حالت بينه و بين الشهود، و البلوغ الى المقصود، و التحقق بحقائق الوجود، فخفت ان تكون عقبه القضاء لما كشفته من المضاء فرايتها صعبة المرتقى، حائلة بينى و بين ما اريده من اللقاء، فوقفت دونها فى ليلة لا طلوع لفجرها، و لا اعرف ما فى طيها من امرها، فطلبت حبل الاعتصام، و التمسك بعروة الوثقى عروة الاسلام، فنوديت بان الزم الطلب ما بقيت فعلمت بان هذا

۵۶ الخطاب فى صورة مثالية متخيلة، فى حضرة خيالية، و ان علاقة تدبير الهيكل ما انقطع، و حكمه فيه ما ارتفع، فاستبشرت بزوال افلاسى، عند ردى الى احتباسى فنظمت ما شهدت و خاطبت وليى فى نظمى ببعض ما وجدت، فاذا نظر وليى اليها، فليعول عليها و ليحذر من الامن من مكر اللّه فانه فَلاٰ يَأْمَنُ مَكْرَ اَللّٰهِ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْخٰاسِرُونَ ، فاسمع هديت بما به على لسانى نوديت فليتدبر وليى ما سطرته. . .  ١ 

فيما ذكره و لياخذ عبره من البصر لبصيرته و من سره فقد آن ان يجىء زمان المحو و قد علمت لما اوجدك و رتبة الكمال الذى اشهدك، و ما طلب منك الا ما يقتضيه وجودك، و يقضى به شهودك، فان انصفت فقد عرفت، و ان تعاميت بعد ما اراك ما قد رأيت فقد وهنت، فاشد المقالة، سوال الا قالة، و السلام فسر بورود الكتاب عليه، و امعن بالنظر فيه و اليه فاورثه التفكر فيه، علمه كانت سبب حلته، و سرعة نقلته، فما بقى الا اياما و درج و على اسنى معراج الى مقصوده عرج، و السلام و الحمد للّه رب العلمين  ٢ 


 ١ ) خرم فى الاصل

 ٢ ) بهامش الاصل-الحمد للّه وحده بلغ مقابلة بحمد اللّه و توفيقه على الاصل المنسوخ منه.

 


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Bazı içeriklerin Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!